الأمطار تعمّق معاناة قرى عرب النقب بسبب الممارسات الإسرائيلية

الأمطار تعمّق معاناة قرى عرب النقب بسبب الممارسات الإسرائيلية

25 نوفمبر 2018
لا طرق معبدة في وادي الحمام في النقب(فيسبوك)
+ الخط -


تعاني القرى مسلوبة الاعتراف في النقب بالداخل الفلسطيني (القرى غير المعترف بها) على مدار العام، جراء ممارسات المؤسسة الإسرائيلية، التي تضيّق الخناق على الأهالي بأعمال الهدم والتجريف وعدم توفير الحاجات والحقوق الأساسية للحياة. بيد أن هذه المعاناة تتعمق أكثر في الشتاء والأيام الماطرة، فتحاصر السيول تلك القرى وتقطعها عن باقي أرجاء البلاد.

وحاصرت مياه الأمطار التي هطلت في اليومين الأخيرين، تجمعا بدويا لعرب النقب، يقع شرقي قرية تل السبع ويدعى وادي الحمام. وتعمدت المؤسسة الإسرائيلية إقامة سد لتجميع مياه الأمطار، بات يحاصر المكان، ويمنع الطلاب من التوجه إلى مدارسهم والعمال إلى أعمالهم.

لكن حكاية المعاناة في هذا التجمع البدوي تنسحب على مختلف القرى غير المعترف بها في النقب، التي تفتقد لأبسط مقوّمات الحياة، فالبيوت من صفيح ولا تحمي آلاف السكان من البرد والمطر، ولا مراكز صحية فيها، ولا ماء ولا كهرباء، ولا طرق معبّدة تؤدي إليها، فيكون أهلها عرضة لأمراض الشتاء ومضاعفاتها، وعرضة للسيول التي سبق أن حصدت العديد من الأرواح، خصوصاً الأطفال الصغار.

وذكر عاطف الوقيلي، من سكان التجمع البدوي الواقع شرقي تل السبع، أن "الوضع مزرٍ والخطر محدق، لذلك لم نرسل أطفالنا إلى المدارس"، مضيفا أن "الكيرن كييمت" (الصندوق القومي الصهيوني لإسرائيل)، "لا يكترث لحياتنا وحياة أولادنا، إذ أقام سدا لمياه الأمطار قرب مكان سكننا، رغم علمهم بالمخاطر التي يشكلها علينا. المياه تحاصرنا ومحاولة عبورها تشكل خطرا علينا".


معاناة صحية كبيرة

وأكد الطبيب كايد العثامين، من قرية خشم زنة غير المعترف بها في النقب، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "السيول حين تحاصر القرى غير المعترف بها، فإنها تشلّها تماماً".
أضاف: "الجميع يعانون ولا سيما المسنين والأطفال. ولعدم وجود قطاع صحي في هذه القرى، فإن الأمراض تزداد ازديادا ملحوظا في فصل الشتاء، لأن البيوت البسيطة والبدائية التي يسكنها الأهالي لا تحميهم من ظروف الطقس. بل أكثر من ذلك، هناك من يشعر بالخوف الشديد بسبب شدة البرد أو أصوات الريح القوية لظنهم أنها ستحمل البيت بمن فيه".

وعن الجوانب الصحية، ولا سيما في فصل الشتاء، أوضح العثامين أن "سكان القرى غير المعترف بها يعانون أكثر من غيرهم. ليس هناك عيادات في هذه البلدات والتجمعات البدوية. السيول تتكون بسرعة كبيرة نتيجة طبيعة المنطقة، ومن ثم يواجهون مشكلة إذا ما مرض أو أصيب أي شخص خلال الأجواء الماطرة حتى لو كانت خفيفة، فالطرق غير معبدة، وتتحول إلى أودية".

وقال: "عدا عن مشكلة التنقل، البيوت بدائية والمؤسسة الإسرائيلية ترفض مدّها بالكهرباء، لذلك نجد في هذه القرى مشاكل في التدفئة. ويلجأ الأهالي إلى التدفئة عبر الفحم أو الحطب داخل البيوت، وهذا بحد ذاته أمر في غاية الخطورة، ويمكن أن يؤدي إلى كوارث، إما الموت اختناقاً نتيجة المواد الناجمة عن إشعال الحطب أو الفحم، وإما قد يزيد من احتمالات احتراق المكان. وكانت هناك نتائج وخيمة في عدة قرى، وحدثت حالات وفاة بسبب وسائل التدفئة غير الآمنة. وفي حالات أخرى تؤدي وسائل التدفئة هذه إلى أمراض رئوية".


المآسي تتكرر نتيجة السياسات الإسرائيلية
  

اعتبر النائب في الكنيست الإسرائيلي جمعة الزبارقة (التجمع الوطني الديمقراطي/ القائمة المشتركة)، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "قضية القرى غير المعترف بها ليست جديدة، لكن المآسي تتكرر هناك نتيجة السياسات الإسرائيلية".

وأردف: "هذه القرى تنقطع عن العالم عند هطول الأمطار، فلا يمكن الدخول إليها ولا الخروج منها. حتى مركبات الدفع الرباعي تجد صعوبة في ذلك، وسيارات الإسعاف والإنقاذ وغيرها، فكلها تواجه مخاطر كبيرة، ومن ثم فإن المأساة حقيقية. وبالإضافة إلى عوامل الطبيعة، تواصل المؤسسة الإسرائيلية استهدافها للإنسان العربي وأرضه في النقب بأساليب مختلفة، أحدها بناء سد لمياه الأمطار على الطريق التي يستخدمها سكان منطقة وادي الحمام، وكذلك العمال وطلاب المدارس. هذا السد جاء ليحاصر القرى غير المعترف بها، في محاولة للنيل من السكان العرب من أجل ترحيلهم أو دفعهم للرحيل وسلب أراضيهم، فهذا هو هدفهم الأساسي".

وأشار إلى أن معظم الملاحقات للسكان من المؤسسة الإسرائيلية، تستهدف منطقة تسُمى السياج، التي يوجد في نطاقها العديد من البلدات غير المعترف بها. العرب كانوا منتشرين في كل مناطق النقب الممتد على نحو 12 مليون دونم، وبعد النكبة تم تركيز القسم الأكبر من السكان بعد تهجيرهم في منطقة السياج".

وأكد الزبارقة أن "الصراع مع المؤسسة الإسرائيلية ليس سهلاً، ولكن لا بد من الصمود ومواجهة مختلف المخططات".