قصص عراقيين عاجزين عن توفير أجور دفن موتاهم

قصص عراقيين عاجزين عن توفير أجور دفن موتاهم

23 نوفمبر 2018
لا يملكون تكاليف دفن موتاهم (Getty)
+ الخط -
يتفاقم الفقر في بلاد الرافدين على الرغم من تجاوز العراق أزمته المالية وتوقف الحرب وتحرير جميع أراضيه من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، إذ وصلت الأوضاع المعيشية بالسكان إلى عجز بعضهم عن توفير أجور دفن موتاهم، ليتجرعوا بذلك مرارة الفقدان والإحساس بالعجز.

وفي السياق، أفاد مسؤولون في وزارة التخطيط العراقية، المسؤولة عن قياس نسب الفقر والبطالة في البلاد، بأن معدلات الفقر ارتفعت خلال الشهرين الماضيين في عموم البلاد لتصل إلى 40 بالمائة في مدن شمال ووسط وغرب العراق ونحو 35 بالمائة في الجنوب.

وقال مسؤول في الوزارة التي تتجاذبها خلافات سياسية بين القوى والأحزاب حول من يتولى إدارتها بحكومة عبد المهدي الجديدة لـ"العربي الجديد"، إنّ "قياس تلك النسب تم على أساس أن دخل العائلة أقل من 10 دولارات يوميا، لافتا إلى أن أغلب الفقراء يعانون أمراضاً وتخلفاً ثقافياً وتعليمياً كبيراً".

وتقول الحاجة سليمة العتابي (69 عاما) التي تسكن حي العامل ببغداد، إن زوجها توفي قبل أكثر من شهر بعد سنوات من المعاناة مع المرض، مؤكدة لـ"العربي الجديد" أنها اضطرت لتركه في ثلاجة الموتى بالمستشفى ليومين بسبب عدم امتلاكها أجور نقله إلى المقبرة ودفنه.

وأضافت: "لدينا تقليد يقضي بأن ندفن موتانا في محافظة النجف (180 كلم جنوب بغداد)، وهو أمر مكلف بالنسبة إليّ، لأني أحتاج لتأجير سيارة بـ200 ألف دينار عراقي (ما يعادل 160 دولار أميركي)، تضاف إليها أجور شراء القبر والدفن بنحو 600 ألف دينار عراقي (ما يعادل 500 دولار أميركي)"، موضحة أنها لم تكن تمتلك هذا المبلغ، ما اضطرها لإبقاء زوجها المتوفى في ثلاجة المستشفى، إلى حين قيامها ببيع جزء من أثاث بيتها لتوفير أجور الدفن.

كما روى إحسان الحمداني لـ"العربي الجديد" قصة مماثلة عن عدم قدرة بعض الأسر العراقية على توفير أجور دفن موتاها.

واستدل على كلامه بقصة جارته: "يوم الجمعة الماضي، سمعت عويلا في منزل جارتي، وعند ذهابي إلى منزلها علمت من ابنتيها أنها توفيت بسبب جلطة دماغية وأنّ ابنتيها لا تملكان مالا لدفنها.

وتابع: "اضطررت حينها إلى استئجار سيارة ونقل المتوفاة إلى مقبرة الكرخ غرب بغداد"، موضحا أنه تكفل بأجور النقل وشراء القبر والدفن التي بلغت نحو مليون دينار عراقي (ما يعادل 800 دولار أميركي).

وفي المقبرة ذاتها، يوجد عدد من الأشخاص الذين يمتهنون حفر القبور، والعناية ببعضها في حال طلب منهم ذوو الموتى ذلك.

وقال فراس عبد الصمد (43 عاما) إنّه يعمل دفّانا في مقبرة الكرخ منذ سبعة أعوام، مؤكدا لـ "العربي الجديد" أنه عاين الكثير من الحالات التي تدعو إلى الشفقة.


وأضاف: "في كثير من الأحيان يأتي مع الميت رجل واحد، أو طفل أو امرأة، حينها نعلم أن حالتهم المادية متردية". وتابع: "في هذه الحالة نقوم باستنفار الشباب الذين يعملون في المقبرة من أجل مساعدتهم"، مشيرا إلى أن المساعدة التي تقدم لهم تتمثل بحفر القبر مجانا، والعمل سويا على دفن الميت.

وتابع: "كنا نقوم أحيانا باستئجار سيارة لتوصل ذوي الموتى من الفقراء إلى منازلهم بدلا من استيفاء الأموال منهم".

دلالات