غضب رئاسي في مصر بسبب فضح الانتهاكات ضد الأطفال

غضب رئاسي في مصر بسبب فضح الانتهاكات الأمنية ضد الأطفال

23 نوفمبر 2018
تكرر اعتقال الأطفال في مصر (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

أثارت المعلومات التي جمعتها منظمة العفو الدولية بشأن انتهاك حقوق الأطفال في مصر، حالة من الغضب لدى مؤسسة الرئاسة المصرية، وسارعت الهيئة العامة للاستعلامات التابعة لها إلى إصدار بيان مطول للرد، على ضوء ما كشفته المنظمة الحقوقية من وقائع تعذيب، وحبس انفرادي، وإخفاء قسري، وانتهاكات أخرى تقوم بها السلطات بحق أطفال أبرياء، رغم توقيع مصر على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.

وكشفت منظمة العفو الدولية، عن تعرض ستة أطفال مصريين على الأقل للتعذيب والضرب المبرح أثناء الاحتجاز، والصعق الكهربائي لأجزاء من أجسادهم، أو التعليق من أطرافهم، وفقاً لروايات أهاليهم، بينهم آسر محمد الذي اختفى قسراً في يناير/ كانون الثاني 2016، حين كان في الرابعة عشرة من عمره، واحتُجز بمعزل عن العالم الخارجي لمدة 35 يوماً، تعرض خلالها للتعذيب كي يعترف بـ"الانتماء إلى جماعة إرهابية"، والهجوم على أحد الفنادق.

وأشار تقرير المنظمة إلى القبض على عبد الله بومدين بواسطة الجيش المصري، حين كان في الثانية عشرة من عمره، من مدينة العريش شمالي سيناء في ديسمبر/ كانون الأول 2017، وتم إخفاؤه قسرياً، وتعريضه للتعذيب بعد احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي لمدة سبعة أشهر قبل اتهامه بـ"الانتماء إلى جماعة إرهابية"، ونقله إلى الحبس الانفرادي، حيث تدهورت حالته الصحية، لتطالب المنظمة الحقوقية السلطات المصرية بالإفراج عن جميع الأطفال المحتجزين تعسفياً.

من جهتها قالت الهيئة العامة للاستعلامات، إن "بيان منظمة العفو الدولية غير دقيق معلوماتياً، ولا يستند إلى دلائل ملموسة"، وأنه أشار إلى مزاعم عدة حول اختفاء 12 طفلاً، منهم 6 أطفال تعرضوا للتعذيب، دون بيان إلا لحالتين فقط، معتبرة أن المنظمة استندت إلى روايات غير موثوقة المصدر، في حين لم يدفع أي من محامي المتهمين بالتعذيب أمام النيابة، أو يطالبوا بعرض المتهمين على مصلحة الطب الشرعي للوقوف على حقيقة ادعاءات التعذيب.

وقالت "الاستعلامات"، إن الطفل عبد الله بومدين مُتهم بارتكاب جريمة رصد ومراقبة آليات ومدرعات قوات الشرطة والجيش، لصالح الجماعات الإرهابية المتطرفة في شمال سيناء، بغرض استهدافها، وإن من حرضه على ارتكاب هذه الجريمة هو شقيقه الأكبر عبد الرحمن المتهم بالقضية نفسها، وما زال قيد التحقيق أمام نيابة أمن الدولة العليا، إذ لم يُحَل المتهمون على المحاكمة حتى الآن.

وادعت الهيئة أن الطفل غير محتجز في أي من مقارّ الاحتجاز العادية المخصصة للراشدين الذين تجاوزت أعمارهم 18 عاماً، وأنه محتجز في مقر احتجاز خاص بالأحداث بشكل منفصل عن بقية المتهمين في القضية، تطبيقاً للضمانات التي وضعها القانون المصري للطفل أثناء محاكمته، والتي نصت على أنه "لا يحبس احتياطياً الطفل الذي لم يجاوز عمره خمس عشرة سنة".
وعن الطفل آسر محمد زهر الدين، قال البيان إن النيابة العامة وجهت إليه اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية بعد تجاوزه سن الخامسة عشرة عاماً، وبناءً على ذلك أحيل مع باقي المتهمين على محكمة أمن الدولة العليا، وأن ذلك يتم وفقاً للقانون.

ويتعرض الأطفال في مصر لمحاكمات جائرة، بعضها أمام محاكم عسكرية، فضلاً عن استجوابهم من دون حضور محاميهم، وأولياء أمورهم، وتوجه إليهم التهم استناداً إلى "اعترافات" انتُزعت تحت وطأة التعذيب، واحتجازهم احتياطياً لفترات طويلة، لمدة تصل إلى أربع سنوات، إذ صدرت أحكام بالإعدام على ثلاثة أطفال على الأقل، إثر محاكمات جماعية جائرة في ثلاث محاكمات مختلفة، وفي وقت لاحق ألغي حكمان من تلك الأحكام، بينما لا يزال حكم آخر في انتظار الاستئناف، حسب بيان منظمة العفو الدولية.

وبموجب القانون الدولي، لا ينبغي اللجوء إلى اعتقال الأطفال إلا كملجأ أخير، في حين ينص القانون على محاكمة الأطفال أمام محاكم الأحداث الخاصة، ومع ذلك، يسمح القانون المصري بمحاكمة الأطفال البالغين من العمر 15 سنة أو أكبر، مع البالغين، ومن بينها المحاكم العسكرية، ومحاكم أمن الدولة، بينما دعت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل جميع الدول لمحاكمة الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم جنائية، وهم دون 18 عاماً، أمام محاكم الأحداث.