عدم كفاية الدليل

عدم كفاية الدليل

03 نوفمبر 2018
لإنصاف رولا يعقوب (بلال جاويش/ الأناضول)
+ الخط -
خمس سنوات مرّت على مقتل رولا يعقوب. ما زلنا نتذكر الحادثة التي حصلت في صيف عام 2013، والتي هزّت الرأي العام في لبنان، إذ قُتلت رولا نتيجة عنف أسري من قبل زوجها في شمال البلاد.

بعد خمس سنوات، صدر الحكم بحق الزوج، يوم الثلاثاء الماضي، عن محكمة الجنايات في الشمال والتي أعلنت براءة الزوج المدعَى عليه وأطلق سراحه. المحاكمة التي جرت في محكمة الجنايات في طرابلس كانت رابع مسار قضائي في القضية. في سرد هذه المسارات القضائية، يتبين عدم اتساق القرارات. فبعد القرار الظني الذي صدر عام 2014 عن قاضي التحقيق آلاء الخطيب، والذي قضى بمنع المحاكمة عن الزوج وإخلاء سبيله، أصدرت الهيئة الاتهامية في الشمال قرارها، في مايو/أيار 2016، بنقض القرار الظني، واعتبرت أنّ العنف هو سبب موت رولا يعقوب. وعادت محكمة التمييز وردّت طلب التمييز المُقدّم من الزوج وأحالته إلى محكمة الجنايات في الشمال بتهمة التسبّب في الموت، وذلك في يناير/كانون الثاني من عام 2017. المهم أنّ الزوج بُرّئ من تهمة العنف الأسري، "لعدم كفاية الدليل" بحسب محكمة الجنايات.

في مقابل هذا المسار القضائي، من يطالع القرار الذي صدر مؤخراً عن محكمة الجنايات، يجد أنّ ثمة مساراً طبياً موازياً وغير متّسق أيضاً في حيثيات القضية. فبعد التشريح الأول للجثة من قبل طبيبين شرعيين ليلة الوفاة (أفادا بأنّ الوفاة طبيعية ناجمة عن تشوّه خلقي) جرى تكليف لجنة طب شرعية أخرى لإبداء الرأي، فأكدت على الرأي الأول. وبعد طعن أهل رولا يعقوب في تقريري اللجنتين الطبيتين، جرت إحالة التقريرين إلى لجنة التحقيقات المهنية في نقابتي الأطباء في طرابلس وبيروت، والتي أفادت بأنّ نتيجة التقريرين لا تجزم بأنّ الوفاة طبيعية، بل إنّ التقريرين الأوليين لا يرتقيان إلى "المستوى العلمي المرتجى"، وطالبت بنبش الجثة لإجراء التشريح علمياً. وبعد هذه المسارات الطبية الثلاثة، جرى نبش الجثة وتشريحها من قبل لجنة طبية متخصصة. وأكدت هذه اللجنة أنّه لا يمكن تحديد السبب المباشر للنزيف في الدماغ.

هكذا بقيت علامة الاستفهام تحوم حول حيثيات مقتل رولا يعقوب، سواء طبياً أو قضائياً. في مقابل هذا السياق الطبي والقضائي غير المتّسق، لم تأخذ محكمة الجنايات في الاعتبار أيّاً من الأدلة المادية التي جرى إيرادها، ولم تعتبرها كافية لتجريم المدعَى عليه. صراخ الضحية، وعصا مكسورة، وخصلة شعر قربها، وشهادات من الجيران ومن بنات الضحية، تثبت أنّ الضرب والعنف الذي تعرضت له رولا هو سبب وفاتها، كلّها لم تُؤخذ بعين الاعتبار في قرار محكمة الجنايات الأخير.




زوج رولا يعقوب بريء إذاً، بنظر القانون والقضاء، في ظل عجز الجسم الطبي عن الوصول إلى تحديد مؤكد لسبب الوفاة. هي عينة ربما حول كيف تذهب النساء ضحية فساد المؤسسات والأجهزة في لبنان.

*ناشطة نسوية

دلالات

المساهمون