محمد طقاطقة... شاب مريض بالفشل الكلوي اعتقله الاحتلال

محمد طقاطقة... شاب مريض بالفشل الكلوي اعتقله الاحتلال

20 نوفمبر 2018
اعتقل بالرغم من حالته الصحية الخطيرة (العربي الجديد)
+ الخط -

لم يشفع للشاب الفلسطيني محمد علي طقاطقة مرض الفشل الكلوي الذي أصابه قبل سنوات، وجلسة غسل الكلى التي كان سيجريها في مستشفى بيت جالا الحكومي في بيت لحم، في اليوم نفسه، من اعتقال الاحتلال له وتعريضه للخطر.

في الثالث عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، منزل الشاب، محمد علي طقاطقة (19 عاماً) في بلدة بيت فجار جنوب شرقي بيت لحم إلى الجنوب من الضفة الغربية. كان طقاطقة يجهز نفسه لجلسة غسل كلى، إذ إنّه مريض بالفشل الكلوي، وقد اعتقل طوال أربعة أيام، بالرغم من خطورة حالته الصحية.

يروي طقاطقة، لـ"العربي الجديد"، ما جرى معه: "حينما أخرجوني من المنزل، قيدوا يديّ وهم يصرخون بي. بعدها وضعوني في سيارة دورية عسكرية (جيب)، وفي مستوطنات عتصيون، جنوب بيت لحم، أجبروني على النوم عدة ساعات وأنا مقيد في برج عسكري يستخدم للمراقبة. هناك حققوا معي حول طبيعة مرضي وكالوا إليّ بعض الاتهامات، وهو ما أنكرته تماماً، لأنّ مرضي لا يسمح لي بالتدخل بأيّ شيء".




بعد ذلك، نقل الشاب إلى مركز التوقيف في عتصيون. هناك بقي معتقلاً طوال يومين، وبعدها نقل إلى سجن عوفر وخضع لفحوص طبية، وبقي يوماً، لينقل بعدها إلى عيادة مستشفى سجن الرملة، حيث أجريت له جلسة غسل كلى، وكان من المفترض أن تعقد جلسة محاكمته أمس الأول الأحد، لكنّ قوات الاحتلال أفرجت عنه بشكل مفاجئ، إذ أدركت الخطر على حياته. نقلوه إلى حاجز بيت سيرا العسكري غرب رام الله، في وقت مبكر من فجر الجمعة الماضي، وتركوه وحيداً حتى وصل إلى مدينة رام الله يبحث عن مركبة تنقله إلى منزله في بيت فجار.

عاش محمد طقاطقة تجربته كأسير مريض. أجروا له غسل الكلى وهو مقيد بالسرير، وحتى حينما أنهى جلسة غسل الكلى والتي لا يقدر على المشي بعدها، تعامل معه جنود الاحتلال بقسوة، وأجبروه على المشي وهو مقيد. يعلق: "إسرائيل دولة ظالمة جدًا". التجربة الأولى لمحمد في الاعتقال القصير جداً، كانت له منها خبرة كبيرة، لن تمحى من ذاكرته، وأحسن بقيمة الحرية والحياة. هناك في سجن عوفر يستذكر محمد إجبار جنود الاحتلال له على ارتداء اللباس الخاص بالأسرى "الشاباص"، ولا ينسى ما حدث معه أثناء غسل للكلى في مستشفى سجن الرملة، إذ لم يكن مجرد مريض عادي يوجد داخل أروقة المستشفى، بل رأى معاناة الأسرى المرضى واكتشف أنّ هناك 25 أسيراً يغسلون الكلى.

يتكرر اعتقال الشباب في الضفة الغربية المحتلة (عباس موماني/ فرانس برس)












كان محمد حينما اعتقله جيش الاحتلال فجر الثالث عشر من الشهر الجاري، في حاجة إلى غسل الكلى، كما يتلقى تسعة أنواع من الأدوية، وقبل ساعات من موعد جلسته في مستشفى بيت جالا الحكومي، اقتحم أكثر من عشرين جندياً إسرائيلياً ومعهم كلب بوليسي منزل أهله، وفتشوا المكان وأحدثوا فيه خراباً، واحتجزوا أسرته في غرفة واحدة، بينما كان أشقاؤه الأطفال يصرخون ويبكون، بحسب سناء طقاطقة، والدة محمد، كما تقول لـ"العربي الجديد". حاولت أم محمد منع قوات الاحتلال من اعتقال ابنها لمعاناته من الفشل الكلوي وحاجته لإجراء جلسات غسل كلى منتظمة، لكن من دون جدوى، وبعد محاولات أخذ جنود الاحتلال أدوية محمد معهم، ثم اقتادوه إلى مركز توقيف عتصيون، وهو مركز سيئ السمعة نتيجة ظروف الاعتقال الصعبة فيه.

قبل ست سنوات، بدأت معاناة محمد مع مرض الفشل الكلوي، ولم يتقبل فكرة غسل الكلى، فتناول الأدوية، إلى أن تدهورت حالته الصحية بشكل كبير وبدأت دقات قلبه بالتسارع وارتفع ضغط الدم لديه، ما اضطره إلى إجراء غسل للكلى منذ سبعة شهور. هي معاناة أخرى، ففي مستشفى بيت جالا الحكومي يبقى على جهاز الغسل مدة أربع ساعات، يعاني فيها الكثير، علاوة على معاناته من مشاكل في العظام في ركبتيه ويحتاج إلى إجراء عمليات جراحية فيهما.

محمد، هو الابن البكر لوالديه، لديه سبعة أشقاء، ويعاني من صغر كليتيه، وهو ما سبب له فشلاً كلوياً، لكنّ عائلته تأمل إيجاد متبرع بكلية لأجله، كي يعيش حياته الطبيعية كغيره من الشبان. ترك محمد مدرسته وهو في الصف العاشر الأساسي، بعد صدمة أصابته، وبالرغم من ذلك هو اجتماعي محبوب، وأصبح يعتاد على ما أصابه، يدعو والديه للصبر وهمّه الآن أن يزرع كلية.




تعتقل قوات الاحتلال داخل سجونها نحو 700 فلسطيني يعانون من أمراض مختلفة، منهم 160 أسيراً يعانون من أمراض مزمنة، من بينها الكلى والسرطان والقلب، وأمراض تصيب الأعضاء الأساسية الحيوية. ويقبع 59 أسيراً من أصحاب الأمراض المزمنة في سجني الرملة وإيشل، بشكل دائم، بحسب ما توضح أماني السراحنة، من دائرة الإعلام في نادي الأسير الفلسطيني، في حديث إلى "العربي الجديد".

منذ اندلاع هبة القدس في العام 2015، ارتفع عدد الأسرى الجرحى داخل سجون الاحتلال، ممن يطلق الاحتلال الرصاص تجاههم ويصيبهم خلال عملية اعتقالهم، ما تسبب بكسور وفقدان بعض الوظائف الحيوية أو بتر بعض الأطراف، بالترافق مع إهمال طبي يتعرضون له.

المساهمون