لمّ الشمل متعسر في ألمانيا

لمّ الشمل متعسر في ألمانيا

19 نوفمبر 2018
لمّ الشمل بات أصعب (شون غالوب/ Getty)
+ الخط -


يزداد لمّ الشمل في ألمانيا صعوبة بالرغم من إعادة تفعيل قانون هدفه استيعاب آلاف المهاجرين طالبي اللجوء ممن لديهم أقارب في البلاد. فالتطبيق لم يشمل غير فئة قليلة من المنصوص عنهم.

منذ بداية أغسطس/ آب الماضي أعيد العمل بقواعد اللجوء التي تسمح للاجئين في ألمانيا، ممن يتمتعون بالحماية الثانوية، بلمّ شمل عائلاتهم، بعدما انقضت مدة العامين التي نصّ عليها الاتفاق الصادر عام 2016، ليسمح للمستفيدين من أصحاب الحماية المحدودة بالبقاء في البلاد بموجب اتفاقية جنيف للاجئين، باعتبارهم يواجهون الموت أو التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية في أوطانهم، أو باعتبارهم لاجئين سياسيين.

طوال عامين، جمّد العمل بطلبات هؤلاء الأفراد، لكن بعد تشكيل الحكومة الجديدة، جرى التوافق على صيغة تقضي باستقبال 1000 شخص شهرياً منذ أغسطس/ آب الماضي، لكن منذ تلك الفترة لم توافق الوكالة الاتحادية للاجئين والهجرة فعلياً إلا على أعداد قليلة من طلبات لمّ الشمل لهذه الفئة من اللاجئين بالرغم من وجود الآلاف من الطلبات المنتظرة.

عملاً بالاتفاق الجديد كان من المفترض أن يصل إلى ألمانيا 3000 شخص منذ أغسطس الماضي، لكنّ الأرقام الصادرة عن الخارجية الألمانية تفيد بمنح 953 شخصاً فقط حقّ لمّ الشمل للسفر إلى ألمانيا، يتوزعون على الشكل التالي: 65 شخصاً خلال أغسطس و200 في سبتمبر/ أيلول و688 في أكتوبر/ تشرين الأول.




تواجه الوكالة الاتحادية بعض التعقيدات في العمل لأنّ الوضع يتطلب منها التحقق من تطابق شروط لمّ الشمل على أساس معايير واضحة تخص الزوج أو الزوجة والأطفال ما دون السن القانونية، وهذا يتزامن عادة مع جمع معلومات في الخارج وعبر السفارات عن هويات الأقارب للتأكد ما إذا كان هناك من سبب إنساني للمّ الشمل، وصولاً إلى الأخذ بعين الاعتبار الأقارب الذين يعانون من الخطر أو الحالات المرضية الخاصة. يستتبع الأمر عادة بإرسال الطلبات من السفارات في وقت تحقق السلطات من مدى اندماج اللاجئ وحصوله على وظيفة، كما أنّ اجتيازه دورات اللغة يساهم إيجابياً في الإجراءات المتبعة، بينما تلعب المخالفات والجرائم دوراً سلبياً في قبول طلب لمّ الشمل.

تفيد التقارير أنّه حتى إعادة العمل بهذا التدبير منذ أغسطس الماضي، يستفيد منه ذوو الحماية الفرعية، وكان قد تكدس لدى السفارات الألمانية في كلّ من تركيا والعراق والأردن ولبنان أكثر من 28 ألف طلب. وتعلن الدوائر المختصة في وكالة الهجرة أنّ الرقم ضخم ويتطلب الكثير من الجهد وأعداداً كبيرة من الموظفين لإنجاز الطلبات، وهذا ما دفع حزب الخضر أخيراً لرفع الصوت عالياً والقول إنّه بالوتيرة الحالية قد يستغرق الأمر عدة سنوات حتى البتّ في جميع الطلبات الموجودة حتى اليوم، داعياً الحكومة الاتحادية إلى تبسيط الإجراءات الإدارية والتخفيف من البيروقراطية خصوصاً عن أصحاب حالات الطوارئ الذين لا يمكنهم الانتظار طوال أشهر، للحصول على موعد في السفارات، ما دفع المتحدث باسم الخارجية، راينر برويل، للردّ موضحاً أنّهم واثقون من أنّ الإجراءات التي بدأت سوف تتسارع بشكل كبير للوصول إلى الأرقام التي ألزموا أنفسهم بها.

مهاجر وابنته ينتظران في ألبانيا لمّ الشمل (فرانس برس) 


في خضم ذلك، اعترضت منظمة "برو آزول" المدافعة عن حقوق اللاجئين على الوضع القائم، مشيرة إلى أنّ القانون الأساسي منح العائلة حق لم شمل والعيش في بلد آمن، وطالبت بإلغاء الحصة المحددة شهرياً والسماح لجميع اللاجئين مرة أخرى بالعيش مع أقاربهم، مضيفة أنّ الانتظار قد يسبب مشكلة على المدى الطويل إذا ما لجأ المتضررون إلى المحاكم، وهذا حق لهم ما لم يتلقوا أيّ ردّ من السلطات حول إجراءات تأشيراتهم خلال 90 يوماً. ويعاني أصحاب طلبات لمّ الشمل من حال من الوهن والتعب نتيجة المراجعات من دون طائل، ويبقى الأمل بأن تنجز ملفاتهم في القريب العاجل ليتمكنوا من لقاء أحبتهم في غربتهم الثانية كون الأكثرية المطلقة منهم متواجدة في الدول المجاورة لسورية والعراق كالأردن ولبنان ومصر.

وما زاد الطين بلة أنّ المجلس التشريعي الاتحادي "بوندستاغ" صادق قبل أيام على قرار يلزم اللاجئين بضرورة التعاون في إعادة التحقق من طلبات لجوئهم، وشمل القرار اللاجئين المعترف أساساً بلجوئهم، وفق تعديلات طالبت بها وزارة الداخلية الاتحادية والهدف منها تشديد طلبات اللجوء. ويعاقب القرار من يرفض التعاون بدفع غرامة مالية، ومن الممكن أن تطالبه السلطات المعنية بتقديم وثائق وأدلة لإثبات أحقيته في اللجوء. جاء ذلك بالتوازي مع مطالبة رئيس الوكالة الاتحادية للهجرة واللاجئين هانز إيكارد زومر، باتباع سياسة ترحيل صارمة بحق اللاجئين الذين رفضت طلبات لجوئهم، وهو ما يرجح حالياً إعادة النظر في آلاف الطلبات، فمع الأعداد الكبيرة التي وصلت إلى البلاد عام 2015 حصل كثيرون منهم على حق اللجوء بناء لطلبات خطية ومن دون حضور جلسات استماع شخصية.



في ظل الفورة اليمينية الشعبوية التي تعيشها البلاد والتأثير على مزاج الناخبين، والذي ترجم بتراجع حضور الأحزاب التقليدية المؤيدة للهجرة، اعتمدت السلطات تعديلات أخرى أصابت بضررها مقيمين وألماناً تعاطفوا مع اللاجئين وكفلوهم بانتظار البتّ بملفاتهم، فقد ذكرت الفقرة 68 من تعديل قانون الهجرة أنّ الكفيل لا يعفى من مسؤولياته بعد حصول المهاجر على حق اللجوء. وهكذا يعاني هؤلاء الآن من الأعباء المادية والمطالبات بتسديد أموال من التزموا بكفالتهم، وهناك سعي حالياً من قبل مؤسسات قانونية ومحامين لتحرير هؤلاء من هذه الالتزامات لأنّ الأمر بات مرهقاً لهم، بعدما وصلت المبالغ المستحقة الى آلاف اليوروات ولا قدرة لديهم على تسديدها.

المساهمون