الحياة تنتظر في مخيم المية ومية

الحياة تنتظر في مخيم المية ومية

19 نوفمبر 2018
يكبر وسط العنف (العربي الجديد)
+ الخط -
ستون منزلاً من أصل 135 عاد سكانها إليها في مخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين، في صيدا، جنوب لبنان، من بينها 66 طاولها دمار جزئي. لكنّ المنازل التي لم يعد السكان إليها بعد الاشتباكات الأخيرة، أواخر الشهر الماضي، هي 15 دمرت بالكامل أو أحرقت فباتت غير صالحة للسكن.

مثل كلّ مرة، يدفع السكان الآمنون ضريبة تناحر الفصائل، إذ بدأت المواجهات الأخيرة في الخامس عشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بين حركة فتح وجماعة أنصار الله. وعدا عن نزوح الأهالي إلى مناطق آمنة، وتعطيل مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين "الأونروا" في المخيم، لم تسلم خزانات المياه من رصاص وقذائف المقاتلين، إذ بلغ عدد الخزانات المتضررة 160، بالإضافة إلى تضرر خمس عشرة سيارة، وغير ذلك من أضرار في البنية التحتية للمخيم.

انتهت المعارك في المية ومية، باتفاق سياسي، وهو المخيم الذي لا تتعدى مساحته كيلومتراً مربعاً واحداً، ويسكن فيه نحو خمسة آلاف لاجئ فلسطيني، ويقع على تلة مشرفة على مدينة صيدا. أزيلت السواتر الترابية من الشوارع، ورفع الردم من الطرقات، لكنّ عدداً من الأهالي لم يتمكنوا من العودة.



بعد أحداث العنف التي حصلت، وسقط فيها أربعة قتلى وأكثر من ثلاثين جريحاً، وطاولت الجوار اللبناني، خصوصاً بلدة المية ومية، ارتفعت أصوات أهل هذه البلدة لإنهاء الحالة المسلحة في المخيم. لكنّ الأصوات التي ارتفعت لم تتوقف عند هذا الحد، وبدأت بمطالبة الدولة اللبنانية بإعادة الأراضي التابعة إلى أهالي البلدة والتي أنشئ عليها المخيم، وكان ذلك خلال زيارة وفد من بلدة المية ومية ترأسه راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك، المطران إيلي الحداد، لرئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، إذ عرض الوفد مع رئيس الجمهورية ملف أملاك أبناء بلدة المية ومية التي يشغلها الفلسطينيون في منطقتي عين الحلوة والمية ومية، لناحية التعويضات وإزالة التعديات الحديثة، وتحرير هذه الأراضي والعقارات من رسوم الانتقال بين الورثة والإعفاء من تطبيق القوانين المرعية.




من الجدير بالذكر أنّ العديد من سكان المخيم الذين بنوا بيوتهم في التعديات الحديثة هم من سكان المخيم التحتاني الذي كان ملاصقاً لبلدة المية ومية، وكانوا ممن حرقت بيوتهم وجرفت على أيدي أحزاب يمينية لبنانية، عام 1982 بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان، كما جرى تهجير أكثر من ثلاثة آلاف نسمة من أهله إلى المخيمات المجاورة.

اليوم، يعيش المخيم حياة بؤس، فالبيوت مدمرة أو متضررة، والتهجير حاصل، والبنية التحتية سيئة، فلا كهرباء، أو مياه. وفي عملية إعادة الحياة إلى المخيم، يقول مسؤول الإعلام في اللجنة الشعبية لمخيم المية ومية، أبو سليمان: "بعد الاشتباكات المؤسفة والكشف على خزانات المياه، تبين أنّ هناك 160 خزاناً سعة ألف، أو ألفي ليتر، قد تضررت، تبرع المجلس النرويجي بتأمين الخزانات. أما بالنسبة للبنية التحتية والمياه، والمحطات الأرضية، فتبين بعد الكشف أنّ كلفة تصليحها تبلغ 15 ألف دولار أميركي، وتنتظر الأونروا التمويل لدفع كلفة التصليح. أما بالنسبة للكهرباء، فقد تعرضت أسلاك الكهرباء والمحولات إلى دمار شامل فيها، خصوصاً في منطقة الشارع العام الذي كان عرضة للقصف المتبادل، وتحتاج الشبكة إلى مبلغ يصل إلى 2000 دولار، بالإضافة إلى مولد الكهرباء البديل الذي سيجري تأمينه للمخيم بالاتفاق مع شركة الكهرباء، وتوفير علب للكهرباء، وأسلاك للتوتر العالي، وهذا الأمر أخذته اللجنة الدولية للصليب الأحمر على عاتقها، وهي ستتكفل بدفع تكاليف المولد".



نهار الإثنين الماضي، وبعدما طلبت اللجان الشعبية من التلاميذ العودة إلى مدارسهم، عاد ما نسبته 80 في المائة، لكنّ هؤلاء وقعوا في أزمة التعويض عن أسابيع التعطيل التي خسروها من عامهم الدراسي الذي كان قد بدأ للتو قبل الاشتباكات، خصوصاً أنّ من بينهم تلاميذ الشهادتين المتوسطة والثانوية. أما من لم يعودوا إلى المدرسة فهم ممن لم يعودوا إلى المخيم مع أهاليهم أساساً بسبب تدمير وحرق منازلهم.

على صعيد الأهل، يكبر الخوف بينهم حول طرح ملف الأملاك في مخيم المية ومية، هم في الأساس هجروا من منازلهم السابقة في المخيم التحتاني قبل عقود. وهو ما يتطلب من وكالة "الأونروا" ومنظمة التحرير الفلسطينية أن تتحملا مسؤولية أولئك الناس، وتدافع عن قضيتهم حتى لا يصيروا مرة أخرى عرضة للتهجير.




تشير أرقام وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين "الأونروا" إلى أنّ في مخيم المية ومية، أكثر من 4500 لاجئ مسجل. ويضم المخيم مدرستين تابعتين للوكالة، ومركزاً طبياً واحداً يعمل بشكل جزئي. أما البرامج التي تعمل عليها "الأونروا" هناك، فهي: التعليم، وشبكة الأمان الاجتماعي، والإعاقة، والصحة. وتعترف الوكالة قبل المشاكل الأمنية بمشاكل أساسية، وهي الظروف الاجتماعية الاقتصادية الصعبة، والنقص المتكرر في المياه.

المساهمون