أكياسي البديلة

أكياسي البديلة

13 نوفمبر 2018
الكثير من الأكياس البلاستيكية (روميو جاكاد/ فرانس برس)
+ الخط -
قراري بعدم استعمال أكياس البلاستيك عند التسوق لم أتخذه فجأة. كان خطوة ضمن مسار بدأ قبل سنوات بفرز النفايات، تبعه إلغاء تدريجي للوازم البلاستيك في البيت، حتى صار عندي "كدسة" من أكياس القماش، وأصبحت رفيقي الدائم عند التسوق.

لا أنكر أن مشوار التحول هذا أخذ وقتاً ليس قليلاً، فتغيير العادات صعب، وإيجاد البديل العملي والمريح لم أكن أراه بسيطاً وسهلاً كاليوم.

تغيير العادة يقابله الرفض غالباً، ثم البحث عن مبررات لمقاومته، منها أن كيس البقالة البلاستيكي نستخدمه لاحقاً في جمع النفايات، وحفظ الأغراض، ومنها أن الأكياس البديلة مكلفة.

لكن التجربة علمتني أن تغيير العادة إلى أخرى فوائدها أكبر ونتائجها أقل خطراً وضرراً على البيئة وكل الكائنات فيه أمر يستحق المحاولة. فالعالم يستهلك 500 مليار كيس بلاستيك سنوياً تنتهي إلى النفايات، وتحتاج إلى مئات السنين حتى تتحلل، يتسرب فتاتها إلى التربة والمحيطات، وتعود إلى أجسامنا عبر الطعام والشراب. كما أن الكيس البديل ليس صعب المنال. ومن يجد أن كيس القماش الذي تسوّقه مؤسسات ومشاريع بيئية معينة مكلف، فخياطة الأكياس من فضلات الأقمشة أمر سهل وقليل الكلفة.

وعادة استخدام أكياس التسوق البلاستيكية ليست راسخة عندنا نحن المتسوقين فقط، بل لدى الباعة خفة فائقة في سحب الكيس وفتحه وملئه بالأغراض، يتفوقون علينا بسرعة الأداء. لذلك صرت أستبق الخطوة وأناول البائع أكياس القماش سلفاً. أتحمل نظرات التعجب والاستغراب غالباً، فالتجربة جديدة على بعضهم، لكننا في النهاية نتقاسم معاً مسؤولية تغيير النمط الاستهلاكي المعتاد عن قصد أو غير قصد.



أما بالنسبة لأصحاب المتاجر فكيس البلاستيك مصدر ربح لهم، ومن مصلحتهم تصريف تلك السلعة، يوحون لنا بأنها مجانية لكنهم في الحقيقة ضمنوا سعرها في قائمة المشتريات.

الاستغناء عن أكياس البلاستيك أو على الأقل تخفيف استعمالها إلى أقصى الحدود الممكنة ليس "موضة"، ومحاربتها ليست حكراً على فئات دون أخرى، ولا يجب أن تكون. علينا أن نبدأ بالتغيير من مكان ما، وتبديل كيس البلاستيك يتبعه مع الوقت تبديل النظرة إلى عاداتنا الاستهلاكية عموماً. ومقاومة هذا المنتج المضر الذي تغلغل إلى حياتنا، سيقوي مناعتنا تجاه مشتريات أخرى كنا نظن لوهلة أن العيش لا يحلو بدونها.

كيسي البديل في حقيبتي لا يفارقني، أشهره بوجه كيس البلاستيك وأتحداه، ليعرف أنني استغنيت عن خدماته. أعطينا كيس البلاستيك قيمة كبيرة أكثر من نصف قرن، لكنه أثبت أن له قدرة تدميرية وقاتلة لم نكن نتخيلها.


المساهمون