قتلى بلا سجلّات

قتلى بلا سجلّات

02 نوفمبر 2018
مصير مجهول (ماركو دي لاورو/ Getty)
+ الخط -
كما ترتفع وتيرة الهجرة في جميع أنحاء العالم، ترتفع حصيلة ضحاياها أيضاً: مئات الآلاف من الأشخاص توفوا أو اختفوا ببساطة خلال رحلتهم. هؤلاء المهاجرون نادراً ما تسجل وفياتهم، كما لو أنهم لم يكونوا على كوكبنا أساساً.

غرق عدد كبير من المهاجرين، قضوا في الصحارى أو سقطوا فريسة مهربي البشر، تاركين عائلاتهم تتساءل عما حل بهم. في الوقت نفسه، تعجّ المقابر برفات مجهولين في مقاطعة غوتنغ في جنوب أفريقيا، أو في مدينة جرجيس الساحلية في تونس. وثمة مقابر مماثلة في إيطاليا واليونان وليبيا.

وثق تقرير لوكالة "أسوشييتد برس" وفاة أو اختفاء أكثر من 56.800 مهاجر في جميع أنحاء العالم منذ عام 2014 - أي ضعف الرقم الناتج عن المحاولة الرسمية الوحيدة في العالم في مسعى لمعرفة عددهم، والصادر عن منظمة الهجرة الدولية، وهو أكثر من 28.500 قتيل ومفقود.

من المؤكد أنّ حصيلة الوكالة هي أيضاً أقل من الحقيقة، فثمة أجساد غير مكتشفة ما زالت في الصحراء أو في قاع البحر. ولا تشير العائلات دائماً إلى أنّ أحباء لهم فقدوا، لكون مغادرتهم كانت غير قانونية أو لأنهم غادروا من دون أن يحددوا بالضبط وجهتهم.

نتيجة لذلك، فإنّ الكثير من الأسر عالقة بين الأمل والحداد، مثل صافي البحري. ولدها مجدي برهومي غادر بلدة راس جبل في تونس في السابع من مايو/ أيار 2011 متوجهاً إلى أوروبا، على متن قارب صغير مع عشرات المهاجرين. غرق القارب ولم يُسمع عن مجدي منذ ذلك الحين.

وتوثق الحصيلة الرسمية للأمم المتحدة، إلى حدّ كبير، حالات الوفاة في البحر المتوسط وأوروبا. لكن حتى على الرغم من ذلك، فقد سقطت بعض الحالات من الحسابات. ويتحول المد السياسي ضد المهاجرين في أوروبا تماماً كما هي الحال في الولايات المتحدة، حيث تضيّق الحكومة بشدة الخناق على قوافل المهاجرين الآتين من أميركا الوسطى وتحاول الدخول إلى البلاد.

وتتمثل إحدى النتائج في تجفيف الأموال لمشاريع تتتبّع أثر الهجرة وتكاليفها. على سبيل المثال، عندما توفي أكثر من 800 شخص في حادث غرق سفينة في إبريل/نيسان عام 2015 قبالة سواحل إيطاليا، وهي أعنف كارثة بحرية للمهاجرين في أوروبا، تعهد المحققون الإيطاليون بتحديد هوية القتلى والعثور على أسرهم. وبعد أكثر من ثلاث سنوات، وفي ظل الحكومة الشعبوية الجديدة، تم وقف تمويل هذا العمل. خارج نطاق أوروبا، تبقى المعلومات أكثر ندرة.

حتى في الولايات المتحدة، حيث تحولت الهجرة إلى قضية ساخنة، ولا يوجد جهد نمطي لمعرفة أين قد يختفي المهاجرون أو يموتون. ولا يعرف الكثير عن عدد القتلى في أميركا الجنوبية، حيث تعد هجرة الفنزويليين من بين أكبر محاولات الهجرة في العالم اليوم، كما لا يعرف الكثير أيضاً في آسيا، التي يخرج منها أكبر عدد من المهاجرين.

المساهمون