التكنولوجيا تغتال "ساعي البريد"... والبريد الأردني يكرّم موظفاته

التكنولوجيا تغتال "ساعي البريد"... والبريد الأردني يكرّم موظفاته

09 أكتوبر 2018
البريد الأردني(فيسبوك)
+ الخط -


تجاوز الناس حقبة البريد القديم وطقوسه الجميلة في إطلالة ساعي البريد حاملاً بيده الرسائل، وشخصيته الشهيرة التي كنا نراها في الأفلام انتهت إلى غير رجعة، بعد أن اغتالتها التكنولوجيا الحديثة. وأصبحت الرسائل إلكترونية تصل إلى هدفها سريعاً بدون الدورة التقليدية السابقة، ولم يعد أغلب الناس بحاجة إلى تلك الصناديق الحديدية للرسائل بعدما أصبح البريد الإلكتروني "الإيميل" كل ما يحتاجون.

يصادف اليوم التاسع من أكتوبر/تشرين الأول اليوم العالمي للبريد، هو الذكرى السنوية لتأسيس "الاتحاد البريدي العالمي" في العاصمة السويسرية برن منذ عام 1874. واليوم الذي سمّاه مؤتمر الاتحاد الدولي للبريد في طوكيو عام 1969.

وتحتفل بلدان عدة بهذه المناسبة، من خلال تنظيم معارض للطوابع البريدية، وتشجيع زيارات مراكز البريد والمتاحف، وترقية موظفي البريد، وإقامة الندوات والمؤتمرات عن أهمية البريد ودوره في حياة الأفراد. وفي إطار هذه الاحتفالية الدولية يكرم البريد الأردني عددا من موظفات المؤسسة.

البريد الأردني يواكب التغيير

وبين الأمس واليوم تغيرت الأدوار التقليدية للبريد ليتحول من مجرد وسيط لنقل الرسائل والمعلومات، ليصبح مؤسسة لها دور شمولي، خصوصاً في الوساطة المالية وتقديم الخدمات الحكومية الموسمية، مثل طلبات القبول الموحدة للجامعات الرسمية، وتوزيع مستحقات صندوق المعونة الوطنية للفقراء والمحتاجين وغير ذلك.

ويقول مدير شركة البريد الأردني الحكومية خالد اللحام لـ"العربي الجديد": "التحديات التي تواجه البريد الأردني تواجه جميع مكاتب البريد في العالم"، مشيراً إلى شركة البريد الأردني كجزء من مجموعة مكاتب بريدية دولية يصل عددها إلى 600 ألف مكتب حول العالم.

ويضيف اللحام أن خدمات البريد التقليدية تتراجع باضطراد بفعل التطور التكنولوجي في العالم، مشيرا إلى الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في تسهيل الخدمات، وبسرعة قصوى، التي كانت ضربا من الخيال قبل قرن من الزمن.

ورغم هذا التراجع يرى اللحام أن فرص عمل البريد اليوم أكبر من السابق، لا سيما أنه يحمل ميزة الانتشار الجغرافي الواسع في مختلف محافظات المملكة محليا، وفي أغلب البلدات الصغيرة على مستوى العالم. وهذا يمنح البريد، وفق اللحام، القدرة على تقديم الخدمات المالية والمصرفية، وخدمات الحكومة الإلكترونية وغيرها، ويمنحه التفوق على القطاع الخاص، وكثير من المؤسسات الحكومية.

وتعتبر الخدمات البريدية من أوائل خدمات البنية التحتية التأسيسية للدولة الأردنية، وذلك لحاجة المؤسسات إلى الاتصال والمراسلات، لذلك كان موجوداً منذ بداية تأسيس الدولة الأردنية، وبدأت خدمة البريد والبرق والهاتف في الأردن رسمياً مع قيام أول حكومة عُرفتْ باسم "مجلس النُظّار" عام 1921. 

ويضيف اللحام قائلا: اختلفت الصورة لخدمات البريد بين الساعي الذي كان ينقل الرسائل على ظهور الحيوانات، كالحمار والحصان في عام 1921، وحقيبته التي تحمل الرسائل، وبين اليوم بعد أن حلّت محلها خدمة نقل الرسائل الورقية التقليدية لتوصيل الطرود والمشتريات عبر المواقع الإلكترونية، وعبر خدمة "دور تو دور" (door to door).

وعن البرقيات يقول اللحام "ما زالت شركة البريد الأردني تحافظ على خدمة إرسال البرقيات، فهناك العديد من الأشخاص خاصة كبار السن، يعتبرون أن هذه الخدمة مهمة، لكنها تراجعت كثيراً".


خطة تدريب وتأهيل العاملين

ويوضح أن أكبر التحديات التي تواجه خدمة البريد في الأردن نقص الموارد، إضافة إلى الحاجة لتدريب وتأهيل 1100 موظف يعملون في الشركة كانوا قبل أربع سنوات فقط يسجلون ويزنون الرسائل، أما اليوم فالمطلوب منهم تقديم خدمات شاملة، أبرزها الخدمات المالية والمصرفية المتعلقة بالحوالات وغيرها.

ويقول إن عمل البريد وانتشار مكاتبه في المحافظات والبلديات والقرى يفرض تكلفة إضافية، وعلى الحكومة دعم البريد وتحمل جزء من التكلفة، فهو يقدم خدمة عامة وفي بعض الأحيان تكون غير مجدية ماديا لا سيما في المناطق محدودة السكان.

كما يشير إلى أن هناك تراجعا كبيرا جداً في مستخدمي صناديق البريد الحديدية، لكن اليوم هناك بديل وهو صندوق البريد الافتراضي، أي يكون للشخص رقم بريدي لا صندوق حديدي.

ويوضح اللحام أن البريد الأردني يعمل على تطبيق استراتيجية خلال الأعوام من 2017 إلى 2019 لتغير نموذج الأعمال من النموذج التقليدي إلى نموذج حداثي يعتمد على تطوير الخدمات التقليدية، وتقديم خدمات جديدة تواكب التقدم. كما يسعى إلى بناء شبكة من "الصرافات الآلية" ترتبط بالبنوك العاملة، وتقديم الخدمات المصرفية لجمهورها مباشرة من خلال بطاقات الصراف الآلي.

البريد بين الأمس واليوم

بدوره، يقول عيسى السليمان، وهو أحد العاملين في القطاع منذ أكثر من أربعين عاما تقريبا، لـ"العربي الجديد": "هناك اختلاف كبير بين الأمس واليوم، ففي نهاية سبعينيات القرن الماضي وبداية الثمانينات كانت الرسائل التقليدية من وإلى الخارج تحتاج إلى أربعة أيام وأكثر كي تصل للمرسل إليه، في حين أن الرسائل حاليا لا تحتاج إلى أي وقت، وتصل بسرعة كبيرة بواسطة الهواتف الحديثة".

ويضيف: كانت الرسائل تنقل عبر الدرجات النارية والسيارات إلى مكاتب البريد في القرى والمحافظات، ويوزعها العاملون بعد ذلك على المواطنين. ويوضح "كان الناس يختارون إرسال البرقيات إذا أرادوا إيصال المعلومة بسرعة قصوى وبكلمات محدودة، وفي العادة تصل البرقية في اليوم ذاته، مشيرا إلى أن التكنولوجيا غيرت اليوم كل شيء، وصارت أسرع وأسهل.

يذكر أن عدد مكاتب البريد حالياً في الأردن يصل إلى 277 مكتباً، وتقدم خدمات كثيرة للمواطنين والمستفيدين سواء الأساسية المالية أو خدمات نيابة عن مؤسسات ودوائر وشركات من القطاعين العام والخاص.
طوابع بريد أردنية(فيسبوك) 


الطوابع البريدية

أما بالنسبة للطوابع فقد كانت الطوابع المستعملة شرق الأردن قبل عام 1918هي الطوابع العثمانية، وفي العهد الفيصلي خلال المدة 1918ـ 1920 صدرت طوابع بريدية باسم المملكة العربية في سورية. وبعد تأسيس الإمارة استعملت في البداية طوابع المملكة العربية السورية، ثم جلب أحد المستشارين البريطانيين كميات من الطوابع الفلسطينية التي وشحت بعبارة شرق الأردن. وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 1927 صدرت طوابع خاصة بالأردن وتحمل صورة الملك عبد الله الأول بن الحسين مؤسس الأردن وأميرها آنذاك.

كما صدرت مجموعات طوابع أردنية تذكارية خلال الأعوام 1927 -1933 بمناسبات عدة، مثل صدور أول دستور لإمارة شرق الأردن عام 1928، وهجوم الجراد عام 1930، وأماكن أثرية عام 1933. لكن أول مجموعة طوابع تذكارية لمناسبة وطنية صدرت في 25 مايو/أيار 1946 بمناسبة الاستقلال، وثاني مجموعة عام 1947 بمناسبة تأسيس المجلس النيابي. وأول مجموعة طوابع أردنية لمناسبة عالمية كانت عام 1949 بمناسبة مرور 57 عاماً على تأسيـس الاتحاد البريدي العالمي.

دلالات