أزمة في قرية أطفال تونسية

أزمة في قرية أطفال تونسية

07 أكتوبر 2018
صغار كثيرون مصيرهم مجهول (كريس ماكغراث/ Getty)
+ الخط -
تشققت جدرانها وتخلّعت أبوابها وشبابيكها وبات أثاثها بمعظمه قديماً، وراحت تُهدّد بالإغلاق في أكثر من مناسبة. هكذا كانت حال قرية الأطفال "إس أو إس" (SOS) في محافظة سليانة، شماليّ تونس، في خلال السنوات الأخيرة. ومرّة جديدة تعود أزمة هذه القرية إلى الواجهة على أثر انتشار خبر إغلاقها بسبب أزمتها المالية وغياب التمويل سواء من الداخل أو من المنظمة العالمية لقرى الأطفال. وتصرّ رئيسة قرى الأطفال في تونس، يسرى الشايبي، على إغلاق قرية سليانة نتيجة عدم قدرة الدولة على توفير التمويل اللازم لها.

وقرى الأطفال الأربع في تونس والتي تأوي الأطفال فاقدي السند، تحصل على نسبة 80 في المائة من ميزانيّتها من المنظمة العالمية لقرى الأطفال، في حين أنّها تتلقى سنوياً هبات ومساعدات من مواطنين ورجال أعمال وجمعيات. وقد تراجعت الميزانية نتيجة الأزمة التي تعانيها المنظمة العالمية وعدم تكفّل السلطات التونسية بالقرى المحلية المهددة بالإغلاق وعدم تخصيص ميزانيات سنويّة لها. يؤكد عدد من سكان سليانة أنّ القرية تأوي أطفالاً يتامى وآخرين من فاقدي السند والفقراء، وهؤلاء لا مأوى لهم في الجهة غير قرية الأطفال تلك. وقد نفّذ عدد من أطفال القرية مع بعض الجمعيات وأهالي الجهة وقفات احتجاجية أمام مقرّ المحافظة في الأيام الماضية للمطالبة بعدم إغلاق القرية التي توفّر لهم المأوى. والجدال المتعلق بإغلاق القرية ليس مستجداً، فقد تواترت في عام 2017 أنباء عن إفلاس قرى الأطفال في الجمهورية التونسية، بما في ذلك قرية سليانة، بسبب نقص في التمويل.




ولعلّ أوّل من تطرّق إلى أزمة قرية الأطفال في سليانة كان النائب ياسين العياري، الذي يحكي لـ"العربي الجديد"، عن "الأزمة التي تمرّ بها القرية وحالة التهميش وهما نتيجة غياب التمويل". والنائب الذي تعود أصوله إلى سليانة، زار القرية وعاين بنفسه الوضع الكارثي الذي بلغته القرية، نظراً إلى افتقارها لميزانية سنوية. ويؤكد أنّ ثمّة "ضرورة لإيجاد حلول دائمة للحفاظ على ديمومة القرية وليس حلولاً وقتية لضخّ بعض الأموال قبل أن تعود الأزمة من جديد"، مشدداً على "وجوب إدراج ميزانيات تلك القرى من ضمن الميزانيات المخصصة لوزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ أو وزارة الشؤون الاجتماعية".

خراب في أحد بيوت قرية أطفال سليانة (العربي الجديد)













في الأوّل من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، عُقد لقاء بين وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ، نزيهة العبيدي، وبين والي محافظة سليانة علي سعيد، بحضور رئيس ديوان وزير الشؤون الاجتماعية وأعضاء مجلس نواب الجهة وممثلي قرى الأطفال في تونس، لمناقشة وضع قرية سليانة وطرح الحلول الممكنة لتمويل القرية وحلّ معظم المشكلات التي تعاني منها المؤسسات في السنوات الأخيرة. بعد اللقاء، صدر بيان يقرّ بالتزام وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ بإبرام اتفاقية شراكة مع قرى الأطفال في تونس بناء على برنامج عمل مشترك، إلى جانب التزام وزارة الشؤون الاجتماعية برفع المنحة المخصصة للقرى بناءً على برنامج عمل لتطوير أدائها.

واتفق المجتمعون كذلك على عقد اجتماع في الأيام المقبلة في مقر ولاية سليانة، بهدف تأليف لجنة لتقديم الحلول وطرح برنامج عمل محدّد. يُضاف إلى ذلك التزام نواب الجهة الحاضرين في الجلسة بإيجاد تمويل بالتعاون مع الوالي ورئيس البلدية، بهدف ترميم القرية وإعادة تأهيلها من قبل مقاولي الجهة. وفي السياق، تلتزم قرى الأطفال في تونس ببقاء الوضع على ما هو عليه وتعليق قرارات نقل الأطفال والكادر العامل فيها إلى قرى أخرى. ومن جهته، تعهّد المدير العام للشركة الجهوية للنقل في محافظة سليانة، عماد العياري، بدفع 15 ألف دينار تونسي (نحو 5400 دولار أميركي) سنوياً كمساعدة لأطفال القرية في سليانة.




يقول أحد أطفال القرية البالغ من العمر 16 عاماً، والذي تحفّظ عن ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّ "وضع القرية بات تعيساً جداً في خلال السنوات الأخيرة، ومع ذلك فإنّ سكان القرية بمعظمهم مضطرون إلى البقاء، إذ إنّه لا بديل لهم". يضيف أنّ "عدد أطفال القرية راح يقلّ سنوياً، في حين تقلّص عدد الأطفال الجدد المقبولين في القرية، بالإضافة إلى إغلاق ستة منازل في القرية من بين 12 منزلاً"، ويطالب الجهات المعنية، خصوصاً وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ، بإيجاد "حلول نهائية، ولا سيّما أنّ الأزمة المالية تتجدد في كلّ سنة، بالإضافة إلى وتوفير ميزانية سنوية للقرية عبر البحث عن جمعيات مموّلة أو رجال أعمال يقدّمون هبات تنقذ القرية من الإفلاس". ويسأل: "ما هو مصير الأيتام في حال أغلقت القرية؟".

ومزيد من الخراب (العربي الجديد)

دلالات