مدارس ليبيا... الأسعار مرتفعة والأزمات الأمنية مستمرة

مدارس ليبيا... الأسعار مرتفعة والأزمات الأمنية مستمرة

04 أكتوبر 2018
أزمة البلاد أثّرت بقطاع التعليم (عبد الله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

الحرب الأخيرة التي ضربت العاصمة الليبية طرابلس ومحيطها، أضافت إلى مشاكل التعليم في البلاد مشاكل طارئة، تجعل من الصعب جداً استيعاب كثير من التلاميذ بالرغم من افتتاح العام الدراسي الجديد قريباً

"مشكلتي مع هذا العام بالإضافة إلى مشاكل السنوات الماضية هي تحديد المكان الذي سيدرس فيه أبنائي الثلاثة" هكذا يستهل رمضان عنيبة حديثه، هو النازح من مناطق الحرب في جنوب شرق طرابلس. مشاكل السنوات السابقة كان أبرزها صعوبة توفير لوازم المدارس بسبب ارتفاع الأسعار وشح السيولة النقدية. يقول لـ"العربي الجديد" إنّه بعد عودته إلى منزله إثر انتهاء الحرب قبل أيام، عرف أنّ مدرسة الحي متضررة بشكل كبير: "المدرسة كانت معسكراً طوال أسابيع الحرب ومنها كانت تطلق القذائف، وتحتاج إلى وقت طويل لصيانتها وتجهيزها".
يتابع: "مكتب التعليم في البلدية أفادنا بأنّ من الممكن نقل أبنائنا إلى مدارس أخرى، لكن ليس لديه حلّ لتدارك مشكلة ضياع ملفاتهم التي تضم نتائجهم للسنوات السابقة حتى تقبلهم تلك المدارس".

ينطلق العام الدراسي الجديد في الأيام القليلة المقبلة، بالرغم من أنّ امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية لم تكتمل حتى الآن بعد تأجليها مرات بسبب الحرب والتوتر الأمني الذي شهدته طرابلس طوال شهر كامل وانتهى قبل أيام فقط.



عبد الحميد الشلواح، عضو مكتب التعليم ببلدية قصر بن غشير، في ضاحية جنوب شرق طرابلس التي كانت موقعاً لاشتباكات مسلحة طوال الأسابيع الماضية، يؤكد أنّ ثلاثة من مدارس البلدية تحتاج إلى أسابيع لإخلائها من مخلفات الحرب، وأربعة مدارس أخرى تحتاج إلى الوقت نفسه لترميمها بعد إصابتها بقذائف عشوائية. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ المكتب "يعمل رفقة الوزارة على تلافي مشاكل المنطقة، فكما سمح لتلاميذ الشهادة الثانوية بتقديم الامتحان في أيّ منطقة نزحوا إليها، نعمل على نقل وتوزيع تلاميذ المدارس المتضررة إلى مدارس أخرى بأسرع وقت".

بالعودة إلى عنيبة، فإنّه يتوقع أن تتأخر إجراءات الوزارة لحلّ المشكلة، خصوصا مع بدء الشتاء واكتظاظ المدارس بالتلاميذ. يلفت كذلك، إلى أنّ فوضى الحرب والنزوح ستؤثر في مستوى التلاميذ: "أكاد أجزم أنّ نتائج هذا العام ستكون متدنية جداً، فأولادي تأثروا كثيراً بالنزوح، وألاحظ عليهم آثار الاضطراب والقلق".

يعترف، موسى السايح، أحد مسؤولي إدارة التخطيط والاستراتيجيات في وزارة التعليم بطرابلس، بتراكم المشاكل التعليمية في البلاد: "الأزمة السياسية والأمنية طاولت كلّ قطاعات البلاد، وبلا شك أثرت في قطاع التعليم ومسار العملية التعليمية، ومن بينها الجانب النفسي لدى التلاميذ". لكنّه يشير في حديث إلى "العربي الجديد" إلى أنّ "حلّ مثل هذه المشكلة هو بالتضامن بين جميع بنى المجتمع". يتابع: "تعكف الوزارة على حلّ جملة من المشاكل، من بينها تعويض النقص في المعلمين، فبرنامج إعداد وتأهيل المعلمين قد بدأ فعلياً وستجري على أساسه المفاضلة للتثبيت في الملاك الوظيفي للتعليم، بهدف الوصول إلى معلم كفوء". يلفت إلى أنّ الوزارة تعتبر تأهيل المعلمين واستبعاد غير المؤهلين في صلب عملها الحالي، علماً أنّ الاستبعاد سينقص عدد المعلمين. يضيف: "أصدرت الوزارة قرارها بشأن بدء منح علاوة الحصص الدراسية للمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد استجابة لاحتجاجات المعلمين للنظر في ضعف رواتبهم، كما أنّ عملية توزيع الكتاب المدرسي في مختلف مناطق ليبيا بدأت ويعود تأخرها حتى الآن إلى حرب الأسابيع الأخيرة".

يقول السايح، إنّ الخطة التعليمية لهذه السنة ستعتمد على تقليص كتب بعض المواد كاللغة العربية والعلوم والرياضيات لتقتصر على كتاب واحد لكلّ منها في مرحلة التعليم الأساسي، مقابل زيادة المواد النشاطية كالموسيقى والرياضة، واعتماد اللغة الإنكليزية منذ الصف الأول الابتدائي، مشيراً إلى أنّ الوزارة بحثت الخطة مع كبار المستشارين.

بدوره، يقول مدير مراقبة التعليم في منطقة نسمة، سعيد حنيش، جنوب غرب طرابلس، إنّه مع زملائه من مديري المكاتب الأخرى، أبلغوا الوزارة خلال اجتماعهم بها الأربعاء الماضي أنّ مدارس مناطقهم تعاني سوءاً متزايداً. يتابع بحديثه لـ"العربي الجديد" أنّ "17 مسؤولاً للتعليم قدموا بيانات تكشف عن تزايد سوء أوضاع المدارس ومكاتب التعليم، فيما الوزارة ما زالت عاجزة بسبب ظروفها عن حلّها". يشير إلى أنّ مدارس منطقته فيها نحو 600 تلميذ، وتعاني مبانيها الكثير، إذ إنّها لا تضم أبواباً في معظمها، كما أنّ مقاعد تلاميذها محطمة، ودورات المياه غير صالحة، والفصول مكتظة، وقد تصل أعداد التلاميذ أحياناً إلى 60 في الفصل الواحد.

يشير إلى أنّ بلديات أخرى أكدت أنّ بعض المدارس جمعت من الأهالي تبرعات لصيانة الزجاج وتركيب نوافذ وأبواب تقي أولادهم برد الشتاء والرياح والأتربة. يقول: "نحن لا نتحدث عن نقص في المعلمين فقط، أو عدم كفاءة بعضهم بل نتحدث عن غياب للبنية التحتية أساساً في كثير من المدارس".



تبدو الوزارة عاجزة عن حلّ مشاكل تسببت بها الحرب، فبعض المدارس في طرابلس نقلت اليها البلدية نازحي مناطق جنوب شرق العاصمة، بالإضافة إلى مشاكلها الأخرى الخاصة بعدم قبول الشركات الأجنبية المتعاقد معها لإعادة بناء المدارس في المدن المتضررة، مثل سرت وبنغازي، العودة إلى ليبيا بسبب استمرار الفوضى والحروب التي قد تندلع في أيّ لحظة.

يزدهر في ليبيا قطاع التعليم الخاص، بالرغم من عدم قدرة أغلب أولياء الأمور على تدريس أبنائهم في مدارسه، نظراً لارتفاع أسعار الرسوم السنوية. مع ذلك، فإنّ شريحة أخرى من الأهالي تجد فيه تعويضاً عن النقص الذي يعانيه القطاع العام، فأغلب المدارس الخاصة انتهت خلال الأسبوع الماضي من توزيع الكتاب المدرسي والزيّ الخاص بالتلاميذ. يقول السايح إنّ إدارة التعليم الخاص بوزارة التعليم تأكدت من استكمال أغلب المدارس الخاصة استعداداتها للعام الجديد، لكنّه يلفت إلى أنّ الوزارة اتجهت الى تقويم القطاع الخاص بشكل دقيق، فقد أصدرت قرارها بإقفال 74 مدرسة خاصة في مختلف أنحاء البلاد لعدم تطابق الشروط فيها مع شروط الوزارة، مؤكداً أنّ حملات تقويم القطاع الخاص مستمرة لدعمه ضمن خطط دعم قطاع التعليم في مختلف مراحله الدراسية.

المساهمون