المرض الذي يخشون ذكره

المرض الذي يخشون ذكره

19 أكتوبر 2018
حملة سنوية في لبنان (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -
حين ذهبت مجموعة من النساء الفلسطينيات في لبنان لإجراء الكشف المبكر عن سرطان الثدي في مستشفى حكومي، أُبلغن أنّ وزارة الصحة لا تغطي كلفة الفحص الشعاعي المجاني للنساء الفلسطينيات. لا بد من أنّهن شعرن بالخيبة، وعُدن أدراجهن من دون إجراء التصوير، ولا بدّ من أنّ كلفة الصورة ستؤمّن معيشتهن وأسرهن لمدة أسبوع. فضّلن عدم إجرائها.

لم تذكر وزارة الصحة شيئاً عن ذلك بعد، ولم تتطرق في حملتها إلى استثناء النساء الفلسطينيات، كما النساء ما دون الأربعين عاماً. بقيت الحملة الوطنية عامة تخاطب النساء (من دون تحديد جنسيتهن أو عمرهن) لتشجعهن على الكشف المبكر "المجاني".

هكذا بقيت النساء الفلسطينيات مستثنيات من تقديمات وزارة الصحة اللبنانية، بينما توقّف القسم الصحي في وكالة "الأونروا" عن تغطية كلفة فحوصات وعلاجات السرطان. قرار استثناء النساء الفلسطينيات من تقديمات الوزارة هو قرار مجحف، ويمسّ بصلب المنظومة الحقوقية. من السيئ ألاّ تعطي وزارة الصحة تقديمات صحية للنساء، لكنّ الأسوأ استثناء بعض النساء على أساس العمر والجنسية.

سيأتي خطاب الوزارة ليتضمن أرقاماً وإحصاءات حول كلفة العلاج ونسبته من ميزانيتها. وفي هذا الصدد، كان وزير الصحة غسان حاصباني قد أعلن، العام الماضي، أنّ الغاية من الحملة الوطنية تتمثل في تقليص كلفة العلاج عن كاهل الوزارة. ولما كانت وزارة الصحة تغطي كلفة العلاج من بدايته، بما في ذلك كلفة الصورة الصوتية والشعاعية والفحوصات المخبرية وعلاج السرطان، بالإضافة إلى تغطية كلفة الجراحة الترميمية للصدر منذ عام 2016، فإنّ الكلفة الإجمالية بلغت منذ عام 2008، بحسب الوزارة، 60 مليون دولار سنوياً.



أما الخطاب الحقوقي، فهو ما يجب أن يكون سائداً تحت شعار وزارة الصحة العامة. الصحة العامة للجميع. أليس هذا شعار الوزارة؟ لا تعني الصحة العامة بمفهومها، غياب المرض وحسب، بل نوعية حياة أفضل ورفاها نفسيا واجتماعيا وصحيا لجميع المواطنين والمواطنات ومن دون استثناء.

من جانب آخر، فإنّ حصر بعض جهود الوزارة في الحملة الوطنية السنوية من دون تقديم خطة عمل متكاملة للتطرق إلى قضايا الصحة العامة عموماً وقضايا الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية للنساء، هو أمر ما زال يواجه تحديات كبيرة. فبالإضافة إلى السؤال حول توافر الخدمات الصحية للجميع، ثمة أسئلة كثيرة حول جودتها ومجانيتها وشموليتها.

الحملة الوطنية للكشف المبكر عن سرطان الثدي هي حملة شديدة الأهمية، لكن يجب أن تأتي ضمن سياق وخطة عمل متكاملة وشاملة لجميع النساء، كي تضمن تحقيق النتائج المرجوة منها.

(ناشطة نسوية)

المساهمون