تونس: إحالة مقترح قانون الحقوق والحريات إلى البرلمان

تونس: مقترح قانون الحقوق والحريات إلى البرلمان والتخلي عن المساواة في الميراث

14 أكتوبر 2018
البرلمان التونسي (ياسين الغيدي/الأناضول)
+ الخط -

قدم مجموعة نواب تونسيين تتزعمهم النائبة عن كتلة الائتلاف الوطني بشرى بلحاج حميدة، مقترح قانون مجلة الحقوق والحريات الفردية إلى البرلمان اليوم الأحد، بانتظار مناقشته في لجنة الحقوق والحريات، مركزاً على إلغاء الإعدام ومنع تجريم المثلية الجنسية، متخلياً عن المساواة في الميراث.

وأكدت رئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة النائبة بشرى بلحاج حميدة في تصريح لـ"العربي الجديد" أنها أودعت بنفسها المبادرة التشريعية الخاصة بمشروع مجلة الحقوق والحريات الفردية بشكل رسمي لدى مجلس نواب الشعب.

وأوضحت أن المبادرة التشريعية مستوفية للشروط القانونية المنصوص عليها في القانون الداخلي للبرلمان، وسيتم إحالتها على اللجنة المختصة.

وتفاجأ المتابعون بإيداع المبادرة التشريعية من قبل بلحاج حميدة ومجموعة نواب، وسط توقعات بأن تكون المبادرة رئاسية تترجم المشروع الذي أعلنه الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي في العيد الوطني للمرأة، وكوّن من أجله لجنة الحريات الفردية والمساواة، وأسند رئاستها الى بلحاج حميدة وانتهت بتقرير الحريات المتكون من 233 صفحة.

ويرى المتابعون أن السبسي صاحب المشروع ارتأى عدم إدارة الصراع بنفسه ولا في ميدانه بعد إعلانه نهاية التوافق والقطيعة مع حزب النهضة الرافضة للمشروع سلفا، ليحول الصراع إلى داخل البرلمان وبين الكتل الحداثية والتقدمية ضد كتلة حزب النهضة الإسلامي.

وبناءً على ذلك دفع السبسي بالكرة إلى مرمى رئيس الحكومة يوسف الشاهد بتبني نواب كتلة الائتلاف الوطني لمشروع ترفضه قيادة النهضة وقواعدها، ما قد يشعل فتيل الخلاف بينهما، ويفضي إلى رفع الدعم عنه أو قد يتم قبر المبادرة التي تقصد الرئيس عدم تقديمها بنفسه.



ويشير مراقبون إلى أن الرئيس لم يضع كل البيض في سلة واحدة، تاركاً النقطة الخلافية الأبرز المتعلقة بالمساواة في الميراث في سلة أخرى، مختاراً ألا يلعب جميع أوراقه مرة واحدة. ورجحوا أيضا أن يكون السبسي دفع ببلحاج حميدة لتقديم المشروع، نظرا لمعارضته من قبل الجبهة والكتلة الديمقراطية وقوى يسارية وتقدمية في البرلمان، لاقترانه باسم الرئيس، إضافة إلى احتمال أن يكون التخلي عن مسألة المساواة في الميراث عربونا لضمان قبول المشروع وتمريره من قبل النهضة.

ورفعت حركة النهضة الفيتو صراحة بوجه إقرار المساواة في الميراث بعد أن أقام النبأ قواعدها ولم يقعدها بعد، في حين رفضت إلغاء عقوبة الإعدام منذ مناقشات الدستور، كما اعترضت على إلغاء عقوبات وإجراءات معمول بها مستمدة من الشريعة. ويصعب تمرير القوانين الأساسية في ظل معارضة حزب النهضة صاحب الأغلبية العددية (68 نائباً)، والأكثر تنظيما وانضباطاً في البرلمان، مقابل تكتل القوى التقدمية العاجزة عن تجميع 109 أصوات.

ويقتضي الدستور والقانون الداخلي للبرلمان أن تقدم القوانين للبرلمان في شكل مبادرات تشريعية، إما بمشاريع يقدمها رئيس الحكومة أو رئيس البلاد، أو بمقترحات قوانين تستوجب تبنيها من 10 نواب على الأقل لتقبل إجرائيا.

وتبنى 17 نائبا مقترح مجلة الحريات الفردية والمساواة ينتمون إلى كتل مختلفة في مقدمتها كتلة "الائتلاف الوطني" بشرى بلحاج حميدة، وناجية بن عبد الحفيظ، وصبرين قوبنتيني، وليلى الحمروني، والمنصف السلامي، ولمياء الدريدي، وعبد الرؤوف الماي، ومروان فلفال، وليلى اولاد علي، وزهرة ادريس، ومنذر لحاج علي، ومريم بوجبل. وعن "الجبهة الشعبية" نزار عمامي، وفتحي الشامخي، وعمار عمروسيّة. وعن كتلة "الولاء للوطن" رياض جعيدان، وريم محجوب. في حينا لم يسجل أي توقيع لنواب نداء تونس وسط مقاطعة نواب حزب النهضة الرافضين للمشروع أصالة.


مجلة الحريات الفردية والمساواة 


وتضم مجلة الحريات الفردية والمساواة التي تحصلت "العربي الجديد" على نسخة منها 93 بندا، وأحكاما موزعة على 15 محورا تنقح بمقتضاها عددا من القوانين والمجلات المعمول بها على غرار مجلة الإجراءات الجزائية، ومجلة المرافعات العسكرية، ومجلة الأحوال الشخصية، ومجلة العقود والالتزامات، ومجلة المرافعات التجارية وغيرها. كما تلغي إجراءات وعقوبات مستمدة من التشريع الإسلامي.

وتدعو المجلة منذ بدايتها إلى إلغاء صريح لعقوبة الإعدام مهما كانت الجريمة لتعوضها بعقوبة السجن المؤبد، كما تنص على إلغاء تجريم المثلية الجنسية وتتبعهم لما يمس بكرامة الإنسان وحرمته الجسدية وحياته الخاصة. كما ألغت الأمر المتعلق بتحجير بيع الكحول للتونسيين المسلمين.

كما تنص على حرية المعتقد والضمير ورفعت جميع القيود الدينية على الحرية التعاقدية بإلغاء عبارات ومصطلحات "مسلم" و"مسلمين" و"الأصول الشرعية" في النصوص التي تستثني وتميز دينيا الأفراد والمواطنين، على غرار العبارات في البند 1023 من مجلة العقود والالتزامات "وكان الطرفان من غير المسلمين".

كما ألغت المجلة الجديدة وخففت عديد العقوبات المتعلقة بمخالفة الحياء والمجاهرة بكشف أعضاء حميمة، وكشف العورات للعموم. وبالنسبة لممارسة الخناء (الدعارة) والمعاشرة والزواج على غير الصيغ القانونية. وينتظر أن يهتز البرلمان غداة مناقشة مجلة الحقوق والحريات الفردية. وقد تشهد ساحة البرلمان احتجاجات من مواطنين يرفضون بعض مما جاء فيها.