ملالا

ملالا

14 أكتوبر 2018
ملالا (ميغيل شينكاريول/ فرانس برس)
+ الخط -
لا جديد في الكون. الأحداث والأزمات على حالها في كلّ مكان. استثناء وحيد في حياة عائلة، أم أنّه استثناء جديد، تمثّل في قصّة ملالا التي أربكته. طفلٌ في السادسة من عمره، لم يفهم كيف يمكن منع فتيات من الذهاب إلى المدرسة بسبب رجال أشرار يحملون أسلحة. "ولا يمكنهنّ الخروج للتنزّه حتى؟". هذا البلد الذي لم يعرف بوجوده من قبل، شكّل له حالة صدمة.

لم يعرف أنّ الحضارات والثقافات تختلف، وأنّ الفتيات والنساء مجبرات على وضع غطاء للرأس، وإن لم يكنّ ملتزمات دينياً أو محجبات. الصبي الذي يجلس في صفه إلى جانب فتيات، ويلعب معهن، يستغرب أن يكون أمر مماثل ممنوعاً في بلد آخر، لأن "الرجال الأشرار يحبّون الصبية أكثر؟"، يسأل.

القضيّة ليست هنا. لا علاقة لأية مشاعر بالأمر. لذلك يصعب فهمها. لو أنّ الأمر يتعلّق بالأحاسيس، لكانت التفسيرات أكثر منطقية. القول إن هؤلاء يريدون لجميع الفتيات البقاء في المنزل، وتنظيفه، وإعداد الطعام، و"خدمة" الرجال في البيت، لا يمكن أن تكون مبررات منطقية. يتمنّى أحياناً أن تتوقّف والدته عن العمل، ليس رغبة في إبقائها في المنزل، بل حتى يكون قادراً على قضاء وقت أطول برفقتها.

في عامه السادس، يُدرك أنّ بعض الأطفال ليس لديهم ما يأكلونه، وقد قرأ في قصّة ملالا عن فتاة تبحث بين القمامة عن طعام، وآخرَين يبيعان المعادن لمساعدة عائلتيهما. الأطفال الثلاثة لا يذهبون إلى المدرسة. "حرام"، يقول. وإن كان ما "يَنْعم" به بالمقارنة مع دول أخرى كثير، فإنّ الحقوق التي سيكتشف أنه يفتقد إليها في بلده كثيرة أيضاً.

اقــرأ أيضاً


الوقت يمرّ سريعاً. وكلّما كبر قليلاً، سيُدرك أنّه يمكن لكلّ طفلٍ كتابة قصّة تحمل اسمه. طفل السنوات الستّ يذهب إلى المدرسة، ويمارس نشاطات خارج المدرسة. بالنسبة إليه، كلّ هذه التفاصيل الحياتيّة جزء طبيعي من حياة أيّ طفل. لكنّ الحياة ليست كذلك. قصّة ملالا حقيقيّة، وقد رأى صورها.

كرّر السؤال. هل القصّة حقيقيّة إذاً؟ وهل هناك من تعمّد أذيّة هذه الفتاة لأنّها أرادت الذهاب إلى المدرسة؟ ولماذا يمكن أن يطلب من فتاة البقاء في المنزل طوال الوقت؟ ولماذا يحمل هؤلاء الأشرار أسلحة في الشارع؟

يعرف "الشرّ" والأشرار. ففي معظم أفلام الكرتون التي يشاهدها الأطفال، خير وشرّ. لكنّ الشر بالنسبة إليه، لا يمكن أن يكون مرادفاً لطفل يجوع أو فتاة تمنع من الذهاب إلى المدرسة. إنها مجرّد أشكال بشعة لن يكون لها أي أثر بعد وقت قصير. لكن حين قرأ ملالا، عرف أنها نجت من الموت بأعجوبة.



المساهمون