اتساع رقعة الاحتجاجات الاجتماعية في تونس

اتساع رقعة الاحتجاجات الاجتماعية في تونس وتنديد حقوقي بمحاكمة المحتجين

08 يناير 2018
من الاحتجاجات في سيدي بو زيد (فيسبوك)
+ الخط -

توسعت رقعة التحركات الاحتجاجية في تونس بسبب غلاء الأسعار والبطالة، وشهدت أكثر من مدينة في مناطق مختلفة من البلاد تحركات خلال الأيام الماضية تنذر بوجود حالة قلق عامة من تداعيات الموازنة الجديدة.

قابل التحركات الشعبية مساع من السلطات عبر محاولاتها إقناع المحتجين بالبرامج التنموية من ناحية، وبعدم صحة ما تروجه المعارضة بأن الموازنة مجحفة وترهق القدرة الشرائية للمواطنين من ناحية أخرى.

وتشهد معتمدية ساقية سيدي يوسف الحدودية مع الجزائر حالة احتقان متصاعدة بعد إقدام أحد الشبان على الانتحار بسبب ظروفه الاجتماعية القاهرة. وأقدم محتجون على إغلاق الطريق الرابط بين الكاف والساقية والنقطة الحدودية مع الجزائر، ورفعوا شعارات تنادي بإبعاد المعتمدة وهي ممثلة المحافظ في المدينة.

وأكد محافظ الكاف منوّر الورتاني، اليوم الاثنين، عقد مجلس محلي استثنائي للتنمية في معتمدية ساقية سيدي يوسف، للنظر في مطالب الجهة ونقلها للحكومة، ومعالجة بعض الملفات التي لا تحتمل التأجيل، وسط أنباء عن تعويض المعتمدة.

وتشهد مدينة تالة في محافظة القصرين اليوم الاثنين، مناوشات بين عدد من المحتجين والوحدات الأمنية بعد أن تعطلت الدروس بكافة المؤسسات التربويّة.

وفي سيدي علي بن عون في محافظة سيدي بوزيد، أغلق محتجون الطريق الرابط بين تونس العاصمة وقفصة، وعمدوا إلى إشعال العجلات المطاطية في الطريق، احتجاجاً على غلاء الأسعار.



ونفذ مساء أمس الأحد عدد من نشطاء حملة "فاش نستناو" أي "ماذا ننتظر"؟ مسيرة احتجاجية في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة للتنديد بارتفاع الأسعار، ورفع المحتجون عدة شعارات بينها "الشعب يريد إسقاط الميزانية"، قبل أن تقوم القوات الأمنية بتفريقهم.
وأكد حزب العمال بسوسة إيقاف مجموعة من نشطاء الحملة، مؤكدا في بيان له أن إطلاق هذه الحملة يأتي بهدف "مواجهة موجة الزيادات في الأسعار، وتحميل جماهير الشعب فاتورة الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها الائتلاف الطبقي والسياسي الرجعي الحاكم".

وأكد الحزب أن التوقيفات جاءت على خلفية التهمة بالكتابة على الجدران، معتبرا أنها تمس بمكاسب حرية الرأي، داعيا السلطة الأمنية والحكومة لإطلاق سراح الموقوفين ورفع اليد عن الحريات العامة والفردية، والتخلي عن منطق التعاطي الأمني مع الاحتجاجات المشروعة.



ودعا الحزب "مختلف القوى للانخراط العملي في فرض الحريات، والتصدي للزيادات في الأسعار، والنضال الجماهيري الواسع من أجل تعليق العمل بقانون المالية الجديد الذي جاء لمواصلة تدمير القدرة الشرائية للفقراء والكادحين" وفق نص البيان.

وفي قفصة أيضاً، عبّر عدد من شباب حزب العمال عن الاحتجاج بالكتابة على أبواب مقر المحافظة، وتأكيد رفضهم قانون المالية وغلاء الأسعار، وأطلق سراحهم بعد إيقافهم.
ونظم ممثلو مكونات المجتمع المدني بمدينة المكناسي في محافظة سيدي بوزيد أمس الأحد مسيرة احتجاجية دعا إليها الاتحاد المحلي للشغل، الذي اعتبر أن ميزانية 2018 "مجحفة في حق القدرة الشرائية".




وفي المتلوي، وهي مدينة في الحوض المنجمي جنوب غرب البلاد، نظمت مجموعة من الشباب المحتجين على نتائج مناظرة انتداب أعوان تنفيذ بشركة فسفاط قفصة، مسيرة نحو الحدود التونسية الجزائرية مروراً بمعتمدية أم العرائس والرديف، للاحتجاج على أوضاعهم.

في الشأن ذاته شددت التنسيقية الوطنية للتحركات الاجتماعية على رفضها المحاكمات التي تتم على خلفية التحركات الاجتماعية بتونس، مبينة أنه ستتم إحالة أكثر من 70 شابا تونسيا على المحاكم بسبب الاحتجاجات، وأنه سجل في عام 2017 محاكمة 400 شاب.

وأضافت التنسيقية خلال مؤتمر صحافي اليوم الاثنين، بمقر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالعاصمة التونسية، أنها ترفض ضرب الحقوق المشروعة التي نص عليها الدستور، والعودة إلى الأساليب القمعية ضد المحتجين.




وأكدّ عضو التنسيقية، عبد الحليم حمدي، لـ"العربي الجديد"، أنّ المشاركين في الحراك الاجتماعي عرفوا في 2017 نسقا مرتفعا من المحاكمات، معتبرا أنهم سبق لهم أن نددوا بمثل هذا الأسلوب مع المحتجين لقمع الأصوات التي تطالب بحقوقها بسلمية.

وأضاف حمدي، أن أغلب محاكمات 2017 تم الحكم فيها بعدم سماع الدعوى نظرا لافتقار الملفات لمعطيات، وأن هدفها الأساسي كان تشويه الحراك الاجتماعي، مشيرا إلى أن نسق الايقافات والمحاكمات تواصل في 2018، حيث نشرت قضايا وتم استئناف أخرى من قبل النيابة العمومية، فيما ستنشر قضايا أخرى قريبا.
وأوضح أن من بين المحاكمين شباب اعتصام الصمود بمعتمدية سبيطلة وسط غرب تونس، والذي تواصل أكثر من سنة ونصف، وعرف بسلميته، وتم الدخول في مفاوضات مع الدولة، إلى جانب محاكمة شباب من اعتصام الدهماني في 2016، بتهم العصيان وتعطيل مرفق عام، ومحاكمة شباب قصيبة المديوني.


وأشار إلى أن الحق في التشغيل والصحة والماء والتعليم هي حقوق نص عليها الدستور التونسي، ولا يمكن الالتفاف عليها من أي طرف، معتبرا أنّ عديد القضايا بصدد التحريك، والغاية منها إخماد الحراك الاجتماعي، خاصة في ظل التخوفات من التحركات الحالية ضد ميزانية 2018، والتي لا تلبي المقدرة الشرائية ولا تستجيب لتطلعات الفئات الشعبية.

وأشار إلى أن الشباب المحتج حاليا في المكناسي وأم العرايس وماجل بلعاباس، مطالبهم معلومة، وجهتهم المهمشة لا تتوفر فيها أية مرافق، ويعانون من الفقر وفقدان الأمل، والبطالة التي بلغت أكثر من 15 في المائة.

ودعا عضو التنسيقية الوطنية للحركات الاحتجاجية، نسيم عوران، المنظمات الحقوقية والمدنية وكل القوى الاجتماعية والمدنية والديمقراطية إلى دعم التنسيقية لتساهم في التعبئة الشعبية اللازمة في المرحلة القادمة في وجه السياسات الحكومية الجائرة.

وشدد على تمسك التنسيقية بدعم كل التحركات الإحتجاجية من أجل التشغيل والحرية والتنمية والعيش الكريم، ومساندتها لكل الناشطين الاجتماعيين والمدافعين عن حقوقهم التي يكفلها الدستور.

المساهمون