صفات العباقرة الحقيقيين

صفات العباقرة الحقيقيين

09 يناير 2018
رحل ستيف جوبز عام 2011 عن 56 عاماً(جاستن سوليفان/Getty)
+ الخط -
يشير الكاتب الأميركي جيمس فالوز في تقرير له في مجلة "أتلانتيك" إلى أنّه خلال مسيرته الصحافية الطويلة في المجلة، والتي بدأها في سبعينيات القرن الماضي، أجرى مقابلات مع عدد من الأشخاص اللامعين على مستوى القدرات الذهنية العالية، من قبيل مؤسس "ميكروسوفت" بيل غيتس، ومؤسس "أبل" ستيف جوبز، ومؤسس "باي بال" إيلون مسك، ومؤسس "غوغل" لاري بيج. ومن بين من قابلهم أيضاً حائزون على جوائز نوبل، وآخرون من اللامعين الذين لم يكن لهم نصيب من الشهرة ولو أنّهم يستحقون.

يحاول فالوز من خلال استعراض من التقى بهم وحاورهم أن يصل إلى تحديد نظرة العبقري إلى نفسه، والتفريق من خلال ذلك بينه وبين من يدّعون العبقرية والذكاء. ومناسبة ذلك تغريدة أخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب يعلن فيها: "في الواقع، وعلى مدار حياتي، كان رأسمالي الأعظم استقراري الذهني من جهة، وكوني، بحق، ذكياً" بل زاد في تغريدة بعدها: "أثبتّ انّي لست ذكياً فقط، بل عبقري... عبقري مستقر".

يتحدث فالوز عن ثلاثة محددات رئيسية بسيطة في شخصية العباقرة تدلّ على تفوقهم، وهي:
1- جميعهم يعرفون أنّهم عباقرة: لطالما تعاملوا مع قضايا صعبة للغاية بالنسبة لغيرهم بمنتهى السهولة، وليس ذلك متعلقاً فقط باختراعات أو اكتشافات أو تحليلات كبرى، بل بالحياة اليومية كلعبة شطرنج، أو استيعاب درس معين في أيام المدرسة، أو في المناقشات، أو حتى كتابة المواد من دون جهد يذكر. كلّ ذلك يجعلهم يعرفون ما هم عليه خصوصاً أنّ المقارنة مع الآخرين قائمة دائماً ولو أنّ العباقرة لا يقصدونها هم أنفسهم.

2- في الوقت عينه، لا يتلفظ العبقري بمثل هذه الكلمة واصفاً نفسه: هو في كلّ الأحوال ليس في حاجة إلى ذلك. وباستثناء بعض اللامعين جداً في مجالاتهم ممن يصنفون كعباقرة ويصفون أنفسهم على الدوام بها، فإنّ معظم العباقرة يتحلون بالتواضع في هذه المسألة ولا يتكلمون بقدر ما يعملون. فهل سمعت يوماً روجر فيدرير (الحائز على أكبر عدد من جوائز الغراند سلام بكرة المضرب) يقول: "أنت تعلم أنّي موهوب!"، أو ميريل ستريب (فازت بـ156 جائزة على أدائها التمثيلي من بينها 3 أوسكار و2 بافتا، و3 في مهرجان برلين، وواحدة في مهرجان كان) تسأل: "هل شاهدت جوائزي؟".

3- هم ببساطة يدركون ما لا يعرفون: يقول أحد الكتّاب إنّ من أسس التفكير العلمي الاعتراف بأنّنا لا نعرف ما لا نعرفه. ويقول كاتب آخر: لا تهرف بما لا تعرف... والهرف هو الهذيان والخلط في الكلام. العباقرة لا يدّعون المعرفة أو القدرة على إنجاز شيء ما، هم ببساطة يتعاملون مع الأمور بما يملكونه من رؤية وأدوات فكرية، ولا يدّعون العبقرية شأن كثيرين ممن يصابون بـ"تأثير دانينغ- كروغر" وهو انحياز معرفي يميل فيه الأشخاص غير المؤهلين إلى المبالغة في تقدير ما يملكون من مهارات، فيتعاملون دائماً على أساس تفوقهم على غيرهم، لكنّه ليس أكثر من تفوق وهمي.

دلالات