أطفال قبائل باكستان إلى المدارس

أطفال قبائل باكستان إلى المدارس

29 يناير 2018
عادوا إلى المدرسة بعد تهجير (ايه مجيد/ فرانس برس)
+ الخط -
في وقت يسود فيه صراع بشأن مستقبل المناطق القبلية على الساحة السياسية في باكستان، تعاني كلّ قطاعات الحياة في تلك المناطق بعدما تضررت بفعل الحروب التي استمرت أكثر من عشرة أعوام وما زالت مستمرة في بعض تلك المناطق. الحروب ليست وحدها وراء ما تواجه تلك المناطق من تأخر ودمار، بل كذلك تهميش الحكومات المتعاقبة لها وعدم الاهتمام بها.

الجماعات المسلحة، وعلى رأسها طالبان باكستان سيطرت على تلك المناطق لسنوات عديدة، ما أدى إلى تدمير النظام القبلي، الذي كان شبيهاً بالحكومة، إذ كانت المناطق القبلية خاضعة للزعامة القبلية. ومع تدمير ذلك النظام بقيت المناطق القبلية بلا نظام، بل تحكمها القوة فحسب، وهي إما لطالبان أو الجيش الباكستاني.

في هذا الخصوص، يقول الزعيم القبلي من مقاطعة خيبر المحاذية للحدود الأفغانية شفيق الله أول خان، إنّ الضربة القوية التي تلقتها المقاطعة خلال العقود الماضية بدأت بعد مجيء القوات الأميركية إلى أفغانستان عام 2001: "توجه المسلحون إلى مناطقنا، وأول ما فعلوه كان القضاء على الزعامة القبلية من جهة، والقضاء على النظام القائم لدينا من جهة أخرى. كذلك، أقدمت الجماعات المسلحة، وجهات مجهولة على تفجير وتدمير المدارس. وأمعنت في التخريب بعد فرار أهالي معظم المناطق القبلية إلى أقاليم باكستان المختلفة، وإلى المناطق الحدودية في جنوب أفغانستان، كإقليم خوست وبكتيا وبكتيكا.

استعاد الجيش الباكستاني في عملياته التي انطلقت عام 2014 المناطق من سيطرة المسلحين، وأعلنت الحكومة عن عودة اللاجئين. لكنّ العودة كانت إلى دمار، ولا سيما في قطاع التعليم. مع ذلك، شهد هذا القطاع تطوراً كبيراً خلال الفترة الأخيرة خصوصاً العام الماضي. حصل ذلك بمساندة مؤسسات دولية تعنى بقطاع التعليم، كما كان للزعامة القبلية دور مهم في هذا الشأن.

في مقاطعة خيبر القبلية وحدها دخل نحو 41 ألف تلميذ وتلميذة إلى المدارس، معظمهم إلى المدارس الابتدائية، بحسب إدارة التعليم. تشير الإدارة إلى أنّ العمل متواصل بجدية لتطوير القطاع أكثر، حتى لا يبقى طفل في المقاطعة بعيداً عن المدرسة. في هذا الشأن، يقول رئيس إدارة التعليم في المقاطعة جدون خان وزير إنّ الحروب التي شهدتها المقاطعة على مدى الأعوام الماضية أدت إلى تدمير قطاع التعليم بشكل شبه كامل، إذ دمرت 140 مدرسة حكومية تماماً، بينما تضررت بقية المدارس بصورة أو أخرى.

يضيف جدون خان أنّ 17 مدرسة أعيد بناؤها، وعشرات المدارس رممت، وما زال العمل متواصلاً. يشير إلى أنّ إعادة إعمار المدارس تتولاها الحكومة الباكستانية بالتعاون مع المؤسسات الدولية المعنية. ويذكر أنّ إدارة التعليم لم تكن تتخيل أنّ ترى هذا العدد الهائل من التلاميذ يعودون إلى المدارس، وهو ما يدلّ على اهتمام الحكومة بهذا القطاع، كما يقول. ويشدد على أنّ تطوير قطاع التعليم هو الخيار الوحيد لتجنيب الشباب والأطفال في المناطق القبلية الاهتمام بظاهر التسلح.

من جهتها، لعبت الزعامة القبلية دوراً كبيراً في إعادة إعمار المدارس وتحسين حالة التعليم في مقاطعة خيبر القبلية، كما يشير إليه جدون. ويلمّح الزعيم القبلي خير الله خان إلى ذلك بالقول: "نقف إلى جانب الحكومة في مواجهة كلّ المصائب التي حلت بنا. مناطقنا مرة بأسوأ الظروف بسبب الحروب الدامية بين الجماعات المسلحة والقوات الحكومية المسلحة. وفي ما يتعلق بمستقبل أجيالنا خصوصاً لن نوفر جهداً في سبيل تطوير قطاع التعليم".

يقول خان إنّ الجهل هو السبب الوحيد وراء تخلفنا، وإذا ما أردنا أن نعيش في رفاهية وفي جو من الأمن والاطمئنان فلا بد من تعليم الجيل المقبل، وتشجيع شبابنا وأطفالنا على الذهاب إلى المدارس بدلاً من حمل السلاح، فالدنيا تغيرت ونحن نعيش اليوم في عالم جديد لا يمكن الوصول فيه إلى مكان مرموق إلاّ بتحصيل العلم.

وبينما أحرز قطاع التعليم في مقاطعة خيبر تقدماً كبيراً ما زالت المقاطعات القبلية الأخرى تحتاج إلى عمل أكثر، خصوصاً مقاطعتي شمال وجنوب وزيرستان اللتين تعانيان من استمرار انتشار المسلحين فيهما. كذلك، فإنّ نزوح الأهالي وبقاءهم في المخيمات بعيدين عن أراضيهم من أسباب تدهور قطاع التعليم في تلك المقاطعات.

مناطق مدارة اتحادياً
مناطق القبائل في باكستان موحدة إدارياً لكنّها ليست كبقية ولايات باكستان مستقلة القرار الداخلي، إذ إنّها مدارة من الحكومة الاتحادية مباشرة. في هذا الإطار، يعتبر الزعيم القبلي، خير الله خان، أنّ الحلّ الوحيد لتطوير جميع قطاعات الحياة في المناطق القبلية هو جعلها إقليماً مستقلاً.

المساهمون