التلوث الإشعاعي يهدد سكان البصرة العراقية بالأورام السرطانية

التلوث الإشعاعي يهدد سكان البصرة العراقية بالأورام السرطانية

23 يناير 2018
مخلفات الحروب مصدر أساسي للإشعاع (فيسبوك)
+ الخط -
كشف مسؤولون من مدينة البصرة المطلة على مياه الخليج (450 كلم جنوب بغداد)، عن ارتفاع نسبة التلوث الإشعاعي في المدينة إلى مستويات خطيرة وانتشار الأورام السرطانية بين المواطنين بنسب غير مسبوقة، فضلاً عن التشوهات الخلقية مع انعدام الخدمات الصحية الخاصة بضحايا الإشعاع في البصرة، الناجم عن حرب الخليج الأولى واحتلال العراق عام 2003.

وقال عضو مجلس البصرة (الحكومة المحلية)، مجيب الحساني، اليوم الثلاثاء إن "نسبة التلوث الإشعاعي في المدينة ارتفعت بدرجة خطيرة، وسببت انتشار الأورام السرطانية والتشوهات الخلقية مع تواجد كميات كبيرة من مخلفات الحروب".

وأضاف: "بعد فحص قطع الحديد والسكراب المنتشرة في المدينة بين آلاف الأطنان من مخلفات الحرب، تبين أن نسبة التلوث فاقت 130 في المائة، في حين يقول المتخصصون بالإشعاعات إن هذه النسبة لا يجب أن تتجاوز 0.3 في المائة".

وبيّن أن "نسبة التلوث هي الأعلى في قضاء الزبير في المدينة، وظهرت حالات سرطانية خطيرة وتشوهات ولادية في المناطق السكنية القريبة وقرب المدينة الكرفانية (مساكنها كرافانات)".

وطالب الحساني، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية عراقية، وزارات الصحة والبيئة والعلوم والتكنولوجيا بضرورة التعاون لفحص المخلفات الحربية، ومعرفة نسب الإشعاع فيها، تمهيداً لرفعها وإتلافها وفقاً للطرق العلمية الحديثة المتبعة عالمياً.

أخذ عينات من أماكن التلوث الإشعاعي (فيسبوك) 


وأكد وجود آلاف الأطنان من قطع الحديد و"السكراب" من بقايا المخلفات الحربية التي نتجت عن حربي الخليج الأولى والثانية، والتي استخدمت فيها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية اليورانيوم المنضب في ضرب الأهداف العراقية قبيل اجتياحه عام 2003.

وتعتبر مدينة البصرة، أقصى جنوب العراق، أكثر مدينة عراقية ارتفاعاً بنسبة التلوث الإشعاعي الناتج عن اليورانيوم المنضب الذي استخدمته القوات الأميركية في حربي الخليج، بحسب الخبراء.



وتسجل مستشفيات البصرة النسبة الأعلى للإصابات بالأورام السرطانية والتشوهات الخلقية بين الأطفال حديثي الولادة من بين باقي مستشفيات البلاد، تليها مدينة الفلوجة (60 كلم غرب العاصمة بغداد)، والتي استخدمت القوات الأميركية فيها اليورانيوم المنضب والفوسفور الأبيض في قصفها خلال معركتي الفلوجة الأولى والثانية ثم مدن ذي قار وميسان.

الدكتورة عروبة البصري، المتخصصة بأبحاث الأورام السرطانية، تبين أن "كارثة التلوث الإشعاعي في البصرة تفتك بالمواطنين". وتضيف "يصلنا يوميا عدد غير قليل من الحالات المصابة بمختلف الأورام السرطانية وخصوصاً النساء المصابات في الثدي والرحم، وإن معظم المصابين من مختلف الفئات العمرية ينتهي بهم المطاف إلى الوفاة بسبب قلة الأدوية والإمكانات اللازمة للعلاج".

أجهزة تكشف نسب التلوث الإشعاعي(فيسبوك) 


وذكرت البصري لـ"العربي الجديد"، أن "سبب تلك الأورام هو الإشعاع، وأغلب الضحايا هم ممن يسكنون قرب مصادرها، ولا زالت آلاف الأطنان من الحديد والمخلفات الحربية الملوثة في المدينة تفتك بالأهالي وتنشر السموم الإشعاعية في التربة والهواء والماء. وهذه كارثة بيئية لا بد من التصدي لها، لأن أهالي البصرة يموتون جميعاً ببطء".

الركام ومخلفات الحرب تهدد صحة المواطنين(فيسبوك) 


ونشر البروفيسور الكندي هاري شارما، بحثاً عام 2008 تناقلته مواقع إخبارية عراقية، ذكر فيه أن أكثر من 100 ألف مدني في البصرة أصيبوا بالسرطان بين عامي 1991 – 1998 كان 75 في المائة منهم أطفالاً.

وكشف شارما أن "ما بين 5 و12 في المائة من الذين تعرضوا للإشعاعات قد يموتون خلال عشرين عاماً أو أقل"، موثقاً بحثه بعينات بول أخذها من قدامى المحاربين في حرب الخليج والمدنيين العراقيين في البصرة.

وبيّنت الإحصائيات الصادرة من مستشفى الإشعاع والطب الذري في بغداد أن نحو ثلثي المصابين بالسرطان في العراق هم من المناطق المحيطة بمدينة البصرة، جنوب البلاد، خصوصاً تلك المحاذية للكويت.

وأجرت المستشفيات العراقية والباحثون العراقيون بعد عام 1991 فحوصات على جنود عراقيين شاركوا في حرب الخليج، كشفت تعرضهم لزيادة كبيرة في الإصابات السرطانية ومنها سرطان الدم بنسبة تجاوزت 13 في المائة من بين 1425 إصابة بالسرطان. وأثبتت الأبحاث والفحوصات علاقة اليورانيوم المنضب بذلك.

ولا يتوقف الأمر عند مدينة البصرة رغم كونها الأعلى نسبة في الإصابات السرطانية، بل شمل ذلك مدنا عراقية أخرى، منها مدينة الفلوجة التي تعرضت لأكبر تلوث إشعاعي نسبة إلى مساحتها وكثافتها السكانية مقارنة بباقي مدن البلاد، وكذلك مدينتي ذي قار وميسان.




المساهمون