تلاميذ العراق يحلمون بعودة الرحلات المدرسية

تلاميذ العراق يحلمون بعودة الرحلات المدرسية

19 يناير 2018
الأوضاع الأمنية أثرت على أنشطة مدارس العراق (فالك نيلسون/Getty)
+ الخط -
الرحلات المدرسية أحد الطقوس التي تجذب الطلاب إلى المدرسة، لكنها تراجعت في العراق نتيجة الحروب، كما أوقف كثيرٌ من المدارس نهائياً تلك الرحلات التي يطلق عليها محلياً "السفرات"، عقب اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي عدداً من المدن العراقية منتصف 2014.

تتمنى سارة، طالبة ثانوية تل الزعتر للبنات في محافظة ديالى، لو أنها ذهبت في رحلة مدرسية إلى معالم مدينة بابل الأثرية. تقول لـ"العربي الجديد": "لا تزال الصور التي التقطتها أمي في رحلتها المدرسية لآثار بابل عام 1990 محفوظة في ألبوم خاص يضم كثيراً من صور رحلاتها المدرسية في المرحلة المتوسطة والإعدادية، كلما شاهدت الصور وقرأت عن آثار بابل أتمنى أن تنظم مدرستنا رحلة مماثلة. قالت لي أمي إن تلك الرحلات رسخت في عقلها معلومات حقيقية شاهدتها على الأرض، بخلاف تأثير الكتب التي تتحدث عن تلك الآثار".

وتشير التلميذة العراقية إلى أنّ "الرحلة مع زملاء المدرسة تختلف عن رحلات العائلة، لكن مديرة المدرسة أخبرتنا بصعوبة تنظيم رحلات مدرسية بسبب الوضع الأمني، فضلاً عن تكاليف تلك الرحلات على عائلاتنا في ظل وضع اقتصادي صعب، وبالتالي حُرمنا من التعرف على آثار بلادنا وحضارتنا".

وتنبه المعلمة نبأ محمود، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الطلاب يتلقون التعليم داخل المدرسة، لكنهم يحتاجون أيضاً إلى وقت للترفيه لإثراء خبراتهم التربوية والاجتماعية عبر الرحلات المدرسية باعتبارها وسيلة من وسائل التعليم.

وأضافت: "لكن في العقد الأخير تراجعت السفرات المدرسية أو اختفت تمامًا في كثير من مدارس العراق، بسبب الخوف من تحمل مسؤولية الطلبة خارج المدرسة، بالرغم من وجود قرارات رسمية بإمكانية تنظيم رحلات مدرسية داخل المحافظات أو خارجها".

واعتبرت محمود أن نجاح العملية التعليمية يعتمد بشكل أساسي على توفير كافة المقومات، وبينها الرحلات المدرسية، لأنها وسيلة ترفيهية وتعليمية ناجحة لكسر جمود المناهج وعدم شعور الطلبة بالضجر من مدارسهم، خاصة وأن أغلب المدارس تستغل حصص التربية الرياضية والفنية لدروس أخرى مثل اللغة الإنكليزية أو الرياضيات.

أخبرت المعلمة منتهى علي تلاميذها بأنها ستقوم بتنظيم نشاط مدرسي في الحديقة القريبة من المدرسة، وأنه يمكنهم جلب طعامهم لتناولهِ في الحديقة، وتؤكد، لـ"العربي الجديد"، أن الأمر كان سبباً في إضفاء النشاط والحيوية على الطلاب طيلة الأسبوع، حتى أنها قررت تكراره أسبوعياً، كما أن بعضهم تحسن مستواه الدراسي خشية أن يُحرم من هذا النشاط.

ويقول الناشط المدني حذيفة عباس، لـ"العربي الجديد"، إن أكثر من 80 في المائة، من المدارس أصبحت لا تفكر بالرحلات المدرسية وأهميتها في العملية التعليمية ما يعني حرمان التلاميذ من أبسط حقوقهم، وهذا ينعكس سلبًا على مستواهم الدراسي وحالتهم النفسية، ويضعف قدرتهم على التركيز والإبداع.

ويضيف أن "السفرات مهمة لزيادة النشاط وتخليص التلاميذ من التفكير السلبي، ولابد أن تكون هناك رحلة أو رحلتان خلال العام الدراسي لأن ذلك يسهم في تركيز المعرفة الجغرافية للتلاميذ في مرحلة مبكرة، ويزيد من نشاطهم الذهني، ويرفع من معنوياتهم وحبّهم لمدارسهم".

وتوضح المشرفة التربوية وداد أيوب، لـ"العربي الجديد"، أن الكثير من المواقع الترفيهية داخل المحافظات غير آمنة لكونها لم تحصل على إجازة فتح منتزهات بالشكل القانوني، وأن إدارات المدارس تتلقى العروض والرشاوى حتى تنظم رحلاتٍ إلى تلك المنتزهات، لكن المدارس تمتنع عن القيام برحلات إلى الحدائق والمنتزهات الأهلية خوفًا على سلامة التلاميذ من الألعاب غير الآمنة.

وشددت أيوب على ضرورة مخاطبة مديريات التربية في المحافظات، لإعادة تنظيم الرحلات المدرسية ومشاركة جميع المراحل الدراسية في الرحلات النظامية لأنها تكسب التلاميذ الانضباط والاحترام، كما تنمي العلاقات الاجتماعية وتساعدهم على التكيف مع زملائهم.

المساهمون