لاعب احتياطي

لاعب احتياطي

17 يناير 2018
على مقعد الاحتياط (ادواردو سوتيراس/ فرانس برس)
+ الخط -
ليس أساسياً في هذه الحياة. وهو رضي أن يتولّى هذا الدور. قبل أن يكون على الهامش، يجلس على مقعده الاحتياطي، ولا يتحوّل إلى أساسي إلا للحظات. وسواء أكان سعيداً بدوره أم لا، فما من خيار آخر. لاعب الاحتياط خيار الآخرين. والآخرون يُبدّلون موقعه متى شاؤوا، أو في حال واجهوا حالة طارئة. هو إنسان الطوارئ، لكنّه ليس منقذاً بل بديل، وإن كان في استطاعته أن يكون منقذاً. في مباراة لكرة القدم، ربّما يُساهم لاعب الاحتياط في فوز فريقه، وقد يحدث هذا في لحظات المباراة الحرجة. لكنّه يبقى "لاعب الاحتياط" الذي حقّق الفوز، وفشل في أن يكون "أساسياً".

والاحتياط هو "ما يُدَّخر تحسّباً للطوارئ، أو ما يكون تحت الطلب عند الحاجة". والطوارئ أو الحاجة من الحالات التي لا تتكرّر كثيراً، ولا تدوم طويلاً. لذلك، يقضي اللاعب معظم حياته على مقاعد الاحتياط من دون أن يكون الفريق قادراً على الاستغناء عنه. ماذا لو حدث طارئ؟
ولاعبو الاحتياط يمثّلون حاجتنا الدائمة إلى الأمان في حال حدوث طارئ. بيتٌ يحمينا من التشرّد إذا ساءت ظروفنا، أو مال احتياطي نحفظه في المصرف، أو طعام وغيره الكثير. هو استباق احتمالات قد تشهدها الأيام المقبلة.

هنا، في هذه المنطقة المليئة بالأزمات، نعيش في حالة طوارئ معظم أيام السنة. نحن، وإن كنّا لاعبين رئيسيّين في ملاعب كرة قدم، أو في أماكن أخرى، إلا أن الحياة وضعتنا على الهامش. فيها، نحن لاعبو احتياط، لا نَستبدل ولا نُستبدل. الحياة نفسها تختار لنا أحداثاً، وتنقلنا من كرسي احتياط إلى آخر. والحياةُ نفسها، تجعلنا في موقع المتفرّج، حتى على أحداث تخصّنا.

من على الكرسي نفسه، نصفّق ونصرخ ونبكي ونعانق ونهنّئ ونحلم... والحياة نفسها قد تخدعنا وتوهمنا بأنّها تكسبنا دوراً رئيسياً. لبعض الوقت، نترك كراسي الاحتياط لننتقل إلى عمق الملعب، قبل أن نعود إلى كراسينا مجدداً. وإن كان اللاعبون الرئيسيون يجدون الأمان في لاعبي الاحتياط، فإنّ لاعبي الاحتياط لا يجدون الأمان على الإطلاق، ويبقون في حالة بحثٍ.

ماذا لو حدث لهم طارئ؟ لا بأس. أجنّة كثيرة تستعد للخروج من أرحام نساء، وأخرى خرجت وأخذت أمكنتها على مقاعدها في انتظار ترحالها. وإن كان هؤلاء لاعبين أساسيين في أسرة أم مدرسة أم عمل أم غير ذلك، إلا أنّهم مجرّد احتياط في الحياة. وفيها، قد لا يكونون لاعبين أساسيين، ولا حتى مرة واحدة.

ليست الحياة في حاجة إلى لاعبي أساس، فلاعبو الاحتياط قادرون على تنفيذ توصياتها. وإذا حدث طارئ، فلن يكون أكثر من موت.

المساهمون