أفارقة يكنسون شوارع طنجة

أفارقة يكنسون شوارع طنجة

11 يناير 2018
يبدأ عمله في الثامنة صباحاً (العربي الجديد)
+ الخط -
جريكو، شاب أفريقي يعمل في المغرب، يقول: "أصحاب البشرة البيضاء لا يسيرون إلى جانبنا. المغاربة عادة لا يفعلون ذلك". كان يمشي برفقة أصدقائه باتجاه موقف الحافلة رقم 20، التي يستقلها غالبية الأفارقة المقيمين في طنجة، للذهاب إلى أعمالهم. يسأل: لماذا لا يتقبلون وجودنا أحياناً؟ كيف تتخطون الأمر؟ ويجيب: الأمر صعب، والحياة هنا صعبة". نسأله: "هل تفكّر في العبور إلى أوروبا؟". فيردّ: "نعم. يجب أن أذهب إلى أوروبا". ثم يتابع كنس أزقة الحي.

نحو 50 شاباً قدموا من دول جنوب الصحراء، كانوا يحملون العصي والمكانس الملفوفة بأكياس بلاستيكية، ويتجهون نحو أحياء متفرقة في مدينة طنجة شمال المغرب. وصل جريكو إلى حيّ بني مكادة. هناك، يعمل حتى الثالثة من بعد الظهر، باستثناء الأيام الممطرة.
يبدأ التنظيف ثم الطرْق على الأبواب، لإعلام أهل الحيّ بأنّه نظّف الطريق أمام منازلهم، ليقدموا له مساعدة رمزية قد تكون خبزاً أو طعاماً أو فاكهة أو دراهم. وقد يُقفل البعض الباب في وجهه. ينهي جريكو تنظيف نحو أربعة أزقة يومياً. وفي الحي نفسه، يشاركه آخرون العمل بحثاً عن لقمة عيشهم.

لا يبحث جريكو عن الطعام بقدر ما يبحث عن "النجاة". لذلك، يعمل من دون توقف. يقول: "ذوو البشرة الملونة لا يملكون عملاً هنا. إذا حصلنا على القليل من المال، يمكننا شراء الطعام. ليس لدينا مصدر آخر للعيش".

يتوجهون إلى العمل (العربي الجديد) 


يعيش جريكو في المغرب منذ نحو شهرين. يقول إن هذا العمل أفضل من التسوّل، مضيفاً أنّه عرف هذا العمل "من خلال الأصدقاء الذين أتشارك معهم الغرفة، وعددهم 20 شخصا تقريباً". يتقاسمون بدل إيجار البيت الواقع في حيّ مسنانة، والذي يبعد عن حي بني مكادة نحو خمسة كيلومترات. خلال حديثه، فتح أحدهم باب منزله وقدّم المال لجريكو. نسأل صاحب البيت عن مبادرة الشبان الأفارقة لتنظيف شوارعهم، فيقول إنّهم "يقومون بعمل جيد. اعتدنا وجودهم، ومعظم أهل الحيّ يساعدونهم ويقفون إلى جانبهم". تعكس مبادرة الأفارقة لتنظيف الأحياء رغبتهم في الاندماج في المجتمع المغربي، وإن كانوا يطرقون الأبواب وينتظرون مساعدات عينية، وقد اعتاد الناس على رؤيتهم يومياً.



عادة ما ينظّم هؤلاء أنفسهم قبل بدء العمل. يقول جريكو: "عددنا ليس قليلاً. يجب أن ننظّم أنفسنا حتى لا يتطاول أحد على آخر. نحن في حاجة لذلك. ولا داعي للقلق بعدها". بعدما أنهى جريكو تنظيف الحي الأخير، تسأل "العربي الجديد" مغربيا يبيع الخبز حول مبادرة النظافة هذه، فيقول: "يدبرون على راسهم، حالهم في حالي"، أي أنهم "يجتهدون من أجل تحصيل المال كما أفعل حالياً". يتابع: "هذه مبادرة جيدة. لا يثيرون المشاكل على عكس آخرين. قصصهم متشابهة، لكنّ أهالي الأحياء من حولنا يساعدونهم ويتفهمون ظروفهم".

يعيش كامي منذ ثلاث سنوات في المغرب. يقول: "وإن كنّا نبدو كمتسوّلين، إلا أنّنا وجدنا هذا العمل للحصول على الطعام". يضيف: "هذا ليس عملاً، يمكن أن ننظف زقاقاً طويلاً مقابل درهم واحد. الحصول على عمل في البلاد يتطلب أوراقاً رسمية لا نملكها. وتبقى المشكلة أن هناك البعض لا يتقبلنا". كذلك، يحلم كامي بالوصول إلى أوروبا. يقول: "نعم، هذا مشروع حياتي. نجح كثيرون في الوصول إليها، وأنا قطعت الطريق من الكاميرون إلى النيجر ثم إلى وهران في الجزائر وصولاً إلى المغرب".

يعملان في الحي نفسه (العربي الجديد) 


يبدأ جريكو وكامي وآخرون عملهم هذا منذ الثامنة صباحاً، تاركين أحياء "مسنانة" و"بوخالف"، التي باتت تُعرف بسكن الأفارقة أو "الكُحل/ العزيين" كما يقول المغاربة، نحو الملعب الكبير. ثم يستقلون الحافلة لمسافة ليست قصيرة، سعياً للبقاء على قيد الحياة.

المساهمون