ظاهرة "العودة إلى السجون" تثير الجدل في المغرب

ظاهرة "العودة إلى السجون" تثير الجدل في المغرب

04 سبتمبر 2017
التأهيل والإدماج يمنعان الجريمة (Getty)
+ الخط -


تجدد الجدل في المغرب حول موضوع عودة مجرمين إلى ارتكاب جنح وجرائم بعد صدور عفو عنهم أو إثر انقضاء مدتهم السجنية، ليعودوا إلى الزنزانة من جديد.

ويستحسن بعض المغاربة مبادرات عفو العاهل المغربي الملك محمد السادس عن مساجين بسبب حسن سيرتهم داخل السجن خلال أعياد دينية أو وطنية، في حين يرى آخرون أن هذه الخطوة تحتاج إلى تقنين وإعادة نظر، لأن بعض السجناء الذين شملهم العفو سرعان ما يعودون إلى ارتكاب جنح وجرائم تعيدهم إلى السجن من جديد.

وينقسم مراقبون إلى فريقين، الأول يرى أن العفو عن سجناء شباب في الأعياد هو بمثابة تشجيع لهم على الاندماج في المجتمع، وإدخال السرور على عائلاتهم، ويدعو الثاني إلى وقف العفو، لأن بعض المفرج عنهم يتحينون الفرصة لارتكاب جنح للعودة إلى السجن، حيث يجدون مأوى أفضل مما هو متوفر لهم خارج القضبان.


دوافع مختلفة


وقال الدكتور خالد الشرقاوي السموني، ناشط حقوقي ومدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية، لـ"العربي الجديد" إن "ظاهرة عودة مجرمين إلى ارتكاب وجرائم مرة أخرى مباشرة بعد خروجهم من السجن بعفو ملكي أو بعد انقضاء مدتهم السجنية، مشكلة حقيقية تطرح على رجال القانون وعلماء النفس والجريمة".

وردَّ السموني أسباب ظاهرة العودة إلى السجن، إلى "دوافع مرتبطة بمرتكب الجريمة مجدداً، وأخرى خارجية مرتبطة بالبيئة المحيطة به"، مشيراً إلى أن "الأولى تتعلق بالتكوين النفسي والعقلي للخارج من السجن وعمره".

ولفت المحلل إلى إحصائيات تشير إلى أن النسبة الأعلى من الجرائم يرتكبها الإنسان بين عمر 18 و35 عاماً، وإن علماء الجريمة يشددون على إمكانية تأثير عامل السن على ظاهرة العودة إلى عالم الجريمة مرة ثانية وثالثة.

وعن الأسباب الخارجية المرتبطة بالبيئة المحيطة بالسجين المفرج عنه، يقول السموني بأنها "اقتصادية وسياسية ودينية وثقافية موجودة في بيئة الإنسان، وتؤثر في عودته للجريمة مجدداً".

ويشرح السموني "إن الفقر يدفع العائد إلى الجريمة لكسب المال بطرق غير سليمة، وإلى تكرار الجريمة عدة مرات".

حال أحد السجون في المغرب (فيسبوك) 




ولفت إلى أسباب أخرى ترجع إلى "السياسة الجنائية عندما يشوبها نقص في طرق معالجة الجريمة والمجرم، وضعف وسائل مكافحة الجريمة الرادعة، ما يتيح للمجرم ويغريه لمعاودة جريمته عدة مرات دون خشية أو خوف".

أما الأسباب الاجتماعية، برأي السموني، "تتجلى بالأسرة التي ينشأ فيها، ويتأثر بعاداتها وقيمها، فإذا كانت الأسرة تحمل في قيمها وعاداتها ما يدعو إلى الجريمة أو يسهّل ارتكابها فإن هذا الشخص يكون مؤهلاً لارتكاب الجريمة ويعاودها مرات".

سجناء لا مكان لهم خارج السجن يتعمدون العودة للزنزانة(فيسبوك) 



ويشير الناشط الحقوقي إلى البيئة الاجتماعية، ومنها "بيئة الحي وبيئة العمل، وما يكون فيها من خير وشر، فإذا غلب على البيئة الاجتماعية طابع الشر والفساد، فإن الفرد يتأثر بذلك وتتكون لديه الدوافع لارتكاب الجريمة ويعيدها المرة تلو المرة".


مقترحات حلول


ويقول مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية: "طالما أن العقوبات على اختلاف أنواعها ومدتها لم تحقق الردع والزجر، فلا فائدة منها في مكافحة الجريمة".

ويتابع "إذا أخذنا في الاعتبار الهدف من العقوبة، وهو تحقيق الردع والزجر، فإن ضعفها لن يحقق ذلك بل ستكون الآثار عكسية تتمثل في العودة إلى الجريمة عدة مرات".

ودعا السموني إلى "تأهيل السجين وتوعيته بمخاطر جريمته، حتى لا يبقى في السجن مع أفكاره الإجرامية نفسها، وتطبيق الطرق البديلة لعقوبة السجن، ما يساعد المجرم على الاندماج في المجتمع".

وذهب المتحدث إلى ضرورة عدم التوسع في إصدار العفو، إذ "يجب التأكد جيداً بأن المجرم غيّر سلوكه، وبات جاهزاً لإعادة إدماجه في المجتمع دون أن يلجأ إلى ارتكاب جرائم جديدة".