حقوقيون أم محققون؟

حقوقيون أم محققون؟

25 سبتمبر 2017
من يحفظ حقوق هذه الصغيرة اليمنية؟ (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

يظل تحصيل حقوق البشر الأساسية مطلوباً رغم إشكاليات تعريف تلك الحقوق والمسؤولية المباشرة عن منحها أو منعها.

أصدرت كل المؤسسات والمنظمات الأممية الكثير من القرارات والعهود والمواثيق لضمان حقوق الإنسان، تطبق تلك المواثيق أحياناً، ولا تطبق في أحيان أخرى، وتطبق جيداً في دول أو مناطق أو قضايا بعينها، ولا تطبق كلياً أو تطبق جزئياً في بلدان أو مناطق أو قضايا أخرى.

الكيل بمكيالين سمة متداولة، وتدخلات الدول الكبرى واضحة ولا مجال لنفيها، وما يجري في فلسطين أو أفغانستان أو العراق أو سورية أو اليمن أو بورما، وغيرها من المناطق الساخنة في العالم لا يحتاج إلا نظرة موضوعية لمعرفة كيف تدار حقوق الإنسان حول العالم.

لكن لا بد أيضاً من لفت النظر إلى أن بعض العاملين في مجال حقوق الإنسان أنفسهم مدانون، وبعضهم يمكن تجريمه، خاصة في دول الشرق الأوسط ومثيلاتها في آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية، وغيرها مما يطلق عليه دول العالم الثالث.

كثير من المدافعين عن حقوق الإنسان تحول إلى أدوات في يد الأنظمة القمعية، وبعضهم بات بوقاً لتبرير أفعال تلك الأنظمة، بدلاً من ممارسة مهنته الحقيقية في فضحها وإبراز جرائمها، بعضهم بداعي الخوف، وآخرون بداعي المصلحة.

ومن الأسف أن بعض الحقوقيين صنعته الأنظمة القمعية نفسها لتستخدمه وقت الحاجة باعتباره دليلاً على ديمقراطيتها الزائفة، وسماحها بالاختلاف والآراء الناقدة، حتى وإن كانت تلك الآراء المنتقدة تم تجهيزها بعناية في أقبية الأنظمة ومقراتها الأمنية.

الواقع يؤكد تحوّل بعض الحقوقيين من مدافعين عن حقوق الإنسان، إلى مدافع في يد الأنظمة توجهها متى شاءت إلى صدور الشعوب، وبعضهم تحوّل من مستقل صاحب مبدأ إلى متربح صاحب مكتب أو منظمة أو جمعية، سواء كان تابعاً للنظام الذي يعمل في كنفه ولخدمته، أو لدول أو منظمات تدعمه وتتحكم في مسار عمله.

لكن المثير أن يتحوّل أحدهم من حقوقي إلى محقق، أو من محام إلى شرطي، أو بالأحرى مخبر لحساب الشرطة، فهذا النوع الأخير هو الأكثر خطراً على الجماعة الحقوقية وعلى حقوق البشر عموماً.

الطبيعي أن تكون علاقة المدافعين عن حقوق الإنسان بالأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام التابعة لها، علاقة ملتبسة، لكننا نطالع نماذج مغايرة، فمنهم المدلل ومنهم المدفوع، ونظرة سريعة على تصريحات بعضهم المتناقضة بحسب اختلاف الظروف هناك أيضاً من يجيدون الألعاب لمواصلة ممارسة مهنة بات معظم من يعمل بها محل اتهام.

وسط كل هؤلاء المأجورين واللاعبين تقبع قلة من الشرفاء الذين يمارسون مهنتهم رغم كل الأخطار.


المساهمون