التحرّش يمنع أفغانيات من العمل في الدوائر الحكومية

التحرّش يمنع أفغانيات من العمل في الدوائر الحكومية

24 سبتمبر 2017
تشارك في مؤتمر حول حقوق المرأة (شاه ماراي/فرانس برس)
+ الخط -

ترتفع نسبة التحرّش بالنساء الأفغانيات اللواتي يضطررن أحياناً إلى ترك وظائفهن كحلّ لا بديل له. فرفع الصوت في وجه المسلحين قد ينذر بكارثة، عدا عن الوصمة الاجتماعية في بلد محافظ غالباً ما يحمّل المرأة المسؤولية.

يعتقد البعض أنه مع دخول القوات الدولية إلى أفغانستان في عام 2001، عُيّن مسؤولون وموظفون في الحكومة على أساس المصلحة، وفي مقابل دفع رشاوى. في المحصّلة، تربّع الأقوياء وأصحاب النفوذ على رأس معظم المناصب السيادية. ونتجت عن هذا الأمر مشاكل اجتماعية كبيرة، منها التحرّش الجنسي في الدوائر الحكومية، خصوصاً من قبل أصحاب النفوذ والقوة، الذين لا يخضعون لسلطة القانون.

وعلى الرغم من الأعراف السائدة، والتي عادة ما تجبر النساء العاملات في القطاع العام على التكتّم في حال تعرضهن للتحرش، تغيّرت الأحوال في الآونة الأخيرة، وتعالت أصوات رافضة للتحرش الذي بات يتكرر كثيراً في الدوائر الحكومية والجامعات والمدارس والمستشفيات وغيرها من الأماكن العامة.

وفي هذا الإطار، نظّمت ناشطات في شمال أفغانستان مؤتمراً صحافياً في مدينة مزار شريف، عاصمة إقليم بلخ، وتحدثن عن ظاهرة التحرش في الدوائر الحكومية، والتي تشكل عقبة أمام تقدّم النساء في الحياة العامة. كذلك، لفتن إلى أن العادات والأعراف السائدة نفسها تشكل عقبة كبيرة أمام الأفغانيات، وقد تمنعهن من العمل. ويزيد الطين بلة في حال تعرضن إلى التحرّش.

حبيبة غلستاني، وهي ناشطة في إقليم قندوز، إحدى المناطق المتضررة في الشمال الأفغاني من جراء المعارك بين تنظيم "طالبان" والقوات الأفغانية، تقول إن النساء يتعرضن للتحرش والإيذاء في الدوائر الحكومية في الإقليم، حيث يواجهن أصلاً عقبات كثيرة لدى خروجهن من المنزل للعمل أو الدراسة. تضيف أنه بسبب زيادة نسب التحرش، اضطرت نساء كثيرات إلى ترك العمل والبقاء في المنزل، خوفاً من هذه "التهمة"، لا سيما أنّه ليس محبذاً أن تتحدث النساء عن الأمر.

ومن بين النساء اللّواتي اضطررن إلى ترك العمل، سمية جان (23 عاماً)، وذلك بسبب تعرّضها للتحرش من قبل مديرها مرات عدة. ولم يكن أمامها خيار سوى ترك العمل، لأنّها لا تستطيع أن تفعل شيئاً مع رجل يحمل السلاح وحوله مسلحون. وكانت سمية مسؤولة عن أسرتها المؤلفة من أمها إضافة إلى خمسة أشقاء، ما دفع والدتها إلى العمل في مجال تنظيف البيوت، من أجل توفير لقمة العيش لأطفالها الصغار.




ولا يقتصر الأمر على الدوائر الحكومية، بل يشمل أيضاً الأماكن العامة كالجامعات والمدارس والمستشفيات وغيرها. في هذا الإطار، تشير الناشطة ويدا ساغري إلى أن التحرش يحصل في كل مكان، إلا أن نسبته أعلى في الدوائر الحكومية. تضيف أن الأعراف السائدة تساهم في زيادة نسب التحرش، موضحة أن المرأة التي تعيش في مجتمع محافظ للغاية لا تستطيع أن ترفع صوتها خوفاً من العار، وبالتالي تجد نفسها مضطرة إلى السكوت، وهو ما قد يؤدي في النتيجة إلى زيادة نسب التحرش، في ظل غياب القوانين الرادعة.

وتشير ويدا إلى أن السبب الرئيسي يتعلّق بالتربية وعدم وجود قانون رادع في هذا الخصوص. من هنا، تطالب الحكومة بوضع قوانين صارمة للحد من ظاهرة ستكون لها آثار عكسية كبيرة في المستقبل، إذا ما استمرت بهذه الوتيرة. أما الناشطة حميدة وردك، فترى أن التحرش ظاهرة قائمة ومستمرة، عازية السبب إلى الحرب التي دمرت كلّ شيء، إضافة إلى ضعف التربية. من جهة أخرى، ترى أنّ الثقافة الأجنبية تعدّ سبباً مهماً، خصوصاً أن الشباب غالباً ما يشاهدون الأفلام والمسلسلات الأجنبية، والتي قد تدفعهم إلى التحرش، علماً أن كثيرين لا يخشون القانون، وبالتالي لا يترددون في التعرض لنساء معظمهن فقيرات يضطررن إلى الخروج من المنزل للعمل.

وتطالب حميدة الأفغانيات بعدم السكوت في حال تعرضن للتحرش، وأن يخبرن عائلاتهن أولاً قبل إثارة القضية في العلن، لأنّ هناك حاجة ملحة للوقوف ضد هذه الظاهرة الخطيرة التي قد تؤدي إلى عداءات قبلية. وتشير إلى أن التصدي لظاهرة التحرش واجب ديني واجتماعي في آنٍ واحد، وعلى المجتمع كلّه الوقوف في وجهها. وتعليقاً على القضية، يقول مسؤول إدارة الحفاظ عن حقوق المرأة في الشمال، نصير حيران، إنه يجب تنسيق الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني والمؤسسات التي تعنى بحقوق المرأة، إضافة إلى توعية النساء وتشجيعهن على رفع أصواتهن. مثل هذه الأفعال وغيرها قد تساهم في الحد من هذه الظاهرة.

يشار إلى أن حاتم شعبان، نائب منسق حملة "شفت تحرش"، كان قد أعلن أن الدولة الأولى في التحرش على مستوى العالم هي أفغانستان، تليها مصر. وفي عام 2014، أشارت دراسة صادرة عن الأمم المتحدة إلى أن 99.3 % من نساء مصر تعرضن للتحرش، وقد احتلت مصر المركز الثاني على مستوى العالم، في حين احتلت أفغانستان المركز الأول.

المساهمون