بداية عام دراسي سيئ في غزة

بداية عام دراسي سيئ في غزة

11 سبتمبر 2017
في طريقهنّ إلى المدرسة (محمد الحجار)
+ الخط -

بعد العطلة الصيفية التي لم يستمتع بها أطفال غزة مثلما فعل أطفال آخرون حول العالم، التحقوا أخيراً بمدارسهم وسط ظروف سيئة


انطلق العام الدراسي في قطاع غزة وسط تفاقم الأوضاع المعيشية أكثر فأكثر وتراكم الأزمات في ظل الحصار الإسرائيلي المستمرّ للقطاع، حتى وصف البعضُ بداية هذا العام بأنّها الأسوأ. انقطاع التيار الكهربائي يصل إلى 20 ساعة يومياً، في حين أنّ المياه ملوّثة وظروف العائلات المالية صعبة.

ويأتي هذا العام أكثر صعوبةً بالنسبة إلى أسر تلاميذ غزة، إذ اقتطعت السلطة الفلسطينية في رام الله ثلث رواتب موظفيها في غزة البالغ عددهم 55 ألف موظف. من جهتهم، فإنّ موظفي اللجنة الإدارية لشؤون غزة التابعة لحركة حماس الذين يتخطّى عددهم 40 ألف موظف، يتلقّون 50 في المائة من رواتبهم الشهرية. يُذكر أنّ تلك الرواتب تمثّل مصدراً مالياً يعتمد عليه مليون و200 ألف فلسطيني في غزة. ولعلّ أوّل الضحايا كانوا التلاميذ من خلال حرمانهم من الزيّ المدرسي أو القرطاسية المدرسية، ويبدو ذلك جلياً إذ توجّه تلاميذ كثر هذا العام إلى مدارسهم وبمعظمهم من دون زيّ مدرسي جديد.

يقول المرشد التربوي إحسان أبو حجر في السياق إنّ "الحرمان من الزيّ أدّى إلى إرباك لدى التلاميذ في يومهم الدراسي الأول إلى جانب ما تخلّفه في نفوسهم الصغيرة كل تلك الضغوط اليومية والحرمان من اللعب في أماكن مريحة ومشاهدة التلفزيون والتمتع بألعاب يرغبون فيها". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ "العام الدراسي في غزة يبدأ دائماً بالابتسامات، إذ يكون التلاميذ متحمسين له لأنّهم محرومون من البحر نتيجة تلوّثه وكذلك من المرح في منزلهم في ظل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة. أمّا هذا العام، فقد لاحظنا أنّهم ليسوا مستعدين للدراسة ولا يرغبون فيها. وعندما طلبنا منهم التحدّث عن أحلامهم، عبّروا بأكثرهم عن رغبتهم في الخروج من غزة".

(محمد الحجار) 







ولا يخفي أبو حجر أنّه صُدم في بداية هذا العام، عندما تسرّب من المدرسة الواقعة في منطقة النصر وسط غزة، حيث يعمل، 20 تلميذاً في ثاني أيّام الدراسة، "وهذا مؤشّر خطير إذ يأتي على الرغم من كل الجهود التي بذلتها إدارة المدرسة لمنح التلاميذ حصصاً فنية ورياضية ترفيهية إضافية، لكي لا يشعروا بضغوط إضافية في البيئة الدراسية".

محمد البالغ من العمر ثمانية أعوام، من هؤلاء التلاميذ الذين كان لهم ردّ فعل سلبي وعنيف تجاه المدرسة في بداية هذا العام الدراسي، عندما لم تتمكّن أسرهم من شراء حاجاتهم المدرسية. لم يكن يريد الالتحاق بالمدرسة إلا بزيّ جديد ومع حقيبة عليها رسم سبايدرمان (الرجل العنكبوت)، لأنّ والدته قطعت له وعداً في نهاية العام الدراسي الماضي بأن تحضِر له حقيبة سبايدرمان إلى جانب زيّ مدرسي جديد بالكامل. لكنّ الصغير أجبِر هذا العام على بدء عامه الدراسي الجديد من دون تحقيق مطالبه. من جهته، يعبّر يوسف البالغ من العمر تسعة أعوام عن انزعاجه في بداية هذا العام، إذ توجّه إلى المدرسة بالزيّ القديم الذي بهت لونه وأصبح صغيراً عليه.

(محمد الحجار)


في السياق، تتخوّف المرشدة التربوية ألاء البلعاوي من "تفاقم حرمان التلاميذ من احتياجاتهم الترفيهية والتعليمية هذا العام، الأمر الذي قد يؤدي إلى تصنيف الأمر من ضمن مؤشر العنف المبني على الحرمان". وتوضح لـ "العربي الجديد" أنّ "هذا ما ألاحظه خلال الجلسات التربوية داخل المدارس التي أشرف عليها، إذ رصدت عشرات من الخلافات وحوادث ضرب بين التلاميذ، إذ تستطيع بعض الأسر تلبية احتياجات أولادها في حين تعجز أخرى". تضيف البلعاوي أنّ "ثمّة مشكلة لدى أسر كثيرة، إذ إنّ ثمّة أهالي يطلبون نتائج دراسية جيّدة من أبنائهم، من دون أن يكونوا في الأساس قادرين على توفير طلباتهم. وهو ما ينتج فجوة بين التلميذ وبيئته، وقد يعاني من صراع نفسي ومن عدم ثقة في محيطه".

إلى ذلك، تُعَدّ مشكلة تكدّس التلاميذ في فصل واحد من أبرز المشاكل التي تعيق المسيرة التعليمية وتسبب مشاكل في استيعاب التلاميذ للدروس. وهذا ما أعلنته وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في بداية العام الدراسي الحالي 2017 - 2018 عبر مستشارها الإعلامي عدنان أبو حسنة الذي أوضح أنّهم يحاولون التكيّف بما لديهم من إمكانيات، لكنّهم تفاجأوا بالأعداد الكبيرة إذ سُجّلت زيادة 10 آلاف تلميذ بالمقارنة مع العام الماضي. وهم بالتالي في حاجة إلى عشر مدارس جديدة لتخفيف العبء. من جهته، أكد مسؤول التعليم في الأونروا، فريد أبو عاذرة، أنّ عدد التلاميذ في مدارس الوكالة لهذا العام يزيد عن 271 ألف تلميذ، من بينهم 34 ألفاً و140 في المرحلة الأولى، موزّعون على 276 مدرسة في قطاع غزة، تسع مدارس منها جديدة وقد أنشئت هذا العام.