أضحى سيناء من دون أضاحٍ

أضحى سيناء من دون أضاحٍ

02 سبتمبر 2017
واصل الجيش حملاته العسكرية (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -
على عكس المعتاد في سيناء يراق دم المواطن السيناوي بدلاً من إراقة دماء الأضاحي في عيد الأضحى المبارك، الذي مرّ أمس الجمعة على المحافظة في ظل أوضاع مأساوية إنسانياً، ومتدهورة أمنياً.

حلّ عيد الأضحى للمرة الرابعة على التوالي، في ظل غياب شبه تام لأسواق الأضاحي، وعدم الإقبال على شرائها من قبل المواطنين، خصوصاً مع انقطاع التيار الكهربائي منذ 57 يوماً على التوالي في مدينتي رفح والشيخ زويد، وتدهور الوضع الأمني، مع شنّ الجيش المصري حملات عسكرية على قرى غرب مدينتي رفح والعريش منذ أيام.

يقول رئيس اتحاد قبائل سيناء الحاج إبراهيم المنيعي لـ"العربي الجديد" إنّ الوضع لم يعد مشجعاً على الاحتفاء بالمواسم كالأعياد ورمضان، خصوصاً في ظل استمرار الحملات العسكرية التي يدفع ثمنها المواطن السيناوي، وانقطاع الكهرباء لأسابيع طويلة. يشير إلى أنّ السيناوي بات كلّ همّه البحث عن لقمة عيش لأسرته، والحفاظ عليها من بطش قوات الأمن والجماعات المسلحة، مشيراً إلى أنّ العوامل المحيطة به لم تعد تساعد على إكمال الحياة بصورتها الصحيحة التي كانت عليها قبل بدء الحرب في صيف 2013.

غابت عن مدن شمال سيناء في هذا العيد أسواق المواشي خصوصاً في مدينتي رفح والشيخ زويد، في ظل حالة الإغلاق شبه الدائم لمداخل ومخارج المدن، والتضييق على حركة التجار على كمائن وحواجز الجيش والشرطة في مختلف مناطق سيناء. يقول أحد تجار المواشي لـ"العربي الجديد" إنّ تجار سيناء ما عادوا يأمنون على تربية المواشي في مناطق تشهد عمليات عسكرية شبه دائمة في مدن رفح والشيخ زويد والعريش ووسط سيناء أيضاً، خوفاً من تعرضها للقتل والتدمير.

ويوضح أنّ عدداً من التجار تعرّضوا لخسارات فادحة بعد تدمير الجيش المصري مزارعهم، أو قصفها من قبل الطيران الحربي بشبهة أنّها مراكز للعناصر "الإرهابية"، بالإضافة إلى نفوق أعداد كبيرة في ظل عدم مقدرة أصحاب المزارع على الوصول إلى المواشي في ظل تكرر حالات الإغلاق وحظر التجوال في المدن.

يشار إلى أنّ معظم سكان سيناء يعتمدون على تربية الطيور والمواشي في منازلهم، إلاّ أنّ الظروف الأمنية والاقتصادية خلال السنوات الماضية حالت دون الاهتمام بتربيتها، والاكتفاء بالأمور الأساسية.


يضيف التاجر أنّ المواشي التي تصل إلى سيناء سواء المصرية من مناطق بئر العبد ومزارع غرب القناة أو تلك المستوردة من ليبيا تكون أسعارها مرتفعة مقارنةً بدخل المواطنين في سيناء الذي يكاد يكون شبه منعدم، مما يدفع التجار لتهريبها في اتجاه غزة، أو اقتصار بيعها على المقتدرين من سكان سيناء.

يتابع أنّ حركة بيع المواشي كانت شبه غائبة هذا العام، في ظل انقطاع التيار الكهربائي عن مدينتي رفح والشيخ زويد بشكل كامل منذ 57 يوماً، ما وقف حائلاً أمام إمكانية الاحتفاظ باللحوم في حال قرر المواطن ذبح أضحية في العيد. ويوضح أنّ الجمعيات الخيرية أيضاً لم تتجه هذا العام إلى شراء الأضاحي وتوزيعها كحصص على المواطنين المحتاجين في سيناء، بسبب الحالة الأمنية المتردية التي تشهدها مدينة العريش بصفتها عاصمة محافظة شمال سيناء، ومركز تحرك الجمعيات الخيرية وتواصلها مع المتبرعين والمستفيدين.

تجدر الإشارة إلى أنّه بالرغم من حلول عيد الأضحى المبارك فإنّ الجيش واصل حملاته العسكرية الواسعة على مناطق رفح والعريش والشيخ زويد، وعدم إعلان أي وقف إطلاق نار، ليتسنّى للمواطنين أن يعيشوا أجواء العيد بما فيها الأضاحي. يقول المواطن عادل نواف لـ"العربي الجديد" إنّه اعتاد أن يضحي برفقة أشقائه في كلّ عام، إلاّ أنه في هذا العام خصوصاً لم يتمكن من ذلك بعدما اعتقل الجيش أحد أشقائه، بينما يتلقى شقيقه الآخر العلاج في أحد مستشفيات الإسماعيلية بعد إصابته على كمين للجيش بمدينة رفح.

يشير نواف إلى أنّ العيد بات يوماً عادياً لدى أهالي سيناء، فلا صلاة عيد في جماعة كما جرت العادة، ولا يمكن للمواطنين التنقل بين المناطق والقرى لوصل أرحامهم في ظل متابعة الجيش عملياته، وانتشار الكمائن في ربوع سيناء.

لا يختلف حال الحاج أبو محمد أبو سنيمة الذي اعتاد أهل المنطقة التي يقطنها جنوب مدينة الشيخ زويد على نحره قاعوداً (صغير جمل) سنوياً، فيوزع اللحوم على معظم منازل القرية، فقد اختفت عادته تلك منذ عامين مع تدهور الأوضاع الأمنية وضعف الحركة التجارية في المنطقة.

تجدر الإشارة إلى أنّ الجيش المصري هدم عدداً من المساجد الرئيسية في مدينتي رفح والشيخ زويد، كانت تجمع المواطنين في صلوات شهر رمضان والأعياد، وكذلك دمر عشرات الدواوين والتجمعات البدوية التي كانت تشهد حركة في الأعياد والمناسبات لدى سكان سيناء.