"تحرير الشام" تحرّم "الدربكة" والمراجيح على فتيات أريحا

"تحرير الشام" تحرّم "الدربكة" والمراجيح على فتيات أريحا بريف إدلب

29 اغسطس 2017
ممنوعات كثيرة تقيّد حياة الناس خصوصا النساء (بوراك ميللي/الأناضول)
+ الخط -
تستمر "هيئة تحرير الشام"، كبرى القوى المسيطرة على مدينة إدلب وريفها، بالتضييق على حياة الناس، وفرض سلسلة من المحظورات على حركة الأهالي ولباسهم وتصرفاتهم في الشوارع والأماكن العامة.

وأصدر ما يسمّى مكتب "الحسبة" التابع لهيئة تحرير الشام في مدينة أريحا في ريف إدلب قراراً بسلسلة من الممنوعات الاجتماعية الجديدة مع اقتراب عيد الأضحى. وتمنع "الحسبة" بموجبه دخول النساء والطفلات فوق سن العشر سنوات حدائق ألعاب الأطفال في العيد بحجة منع الاختلاط، إضافة إلى التحريم على البنات فوق العاشرة ركوب الألعاب، معتبرة الأمر "خدشاً للحياء العام". ووصفت الأخيرة النساء في بيانها بـ"المتبرجات"، وحذّرت من استعمال آلة "الدربكة" التي يستعملها أصحاب الملاهي عادة لجذب الأطفال ونشر البهجة، وهددت المخالفين بالمساءلة والسجن، وحملت أصحاب الملاهي المسؤولية عن أي مخالفة.

يقول محيي الدين صفواني (34 عاماً) من أريحا: "هذا التضييق ليس جديداً، لكنه يتفاقم يوماً بعد يوم. ما المانع في أن تصطحب المرأة أطفالها إلى الألعاب أو أن تركب فتاة في الصف الخامس أرجوحة؟ أوضاع الناس المعيشية سيئة جداً هذه الأيام وهناك من لم يشترِ شيئاً هذا العيد، ويتخوفون أيضاً من وقوع تفجيرات أو قصف كما حدث في الأعياد الماضية، فوق كل هذه الهموم تجد من يوقفك في الشارع ليحاسبك لماذا حلقت ذقنك؟ لماذا تلبس زوجتك معطفاً أزرق؟ هل تدخن؟ من تكون لك هذه المرأة؟ لماذا يلبس ابنك الشورت؟ الكل يعرف أن أهالي إدلب مدينة محافظة ولسنا بحاجة إلى من يعلمنا أصول ديننا ولا من يحاسبنا نيابة عن الله".

أما علاء الدين (23 عاماً) وهو من أريحا أيضاً، فيقول: "طالما أن التعليمات من ضمن تعاليم الإسلام التي فرضها الله علينا، فأنا مع تنفيذها، بغض النظر عن الجهة التي تفرضها، لكنني لست مع المحاسبة بالسجن، الأفضل دعوة الناس بالمعروف".

وتحرص الهيئة على تطبيق تعاليمها من خلال مكاتبها الشرعية المنتشرة في كافة البلدات والقرى التي تسيطر عليها، وتروج لها عبر الدعاية على الطرقات، باللافتات والكتابة على الحيطان، ومنها "المرأة كلها عورة" و"الله يحرم حلق اللحية" و"الأركيلة حرام" و"الأغاني حرام" إضافة إلى توزيع منشورات وتعليق لافتات توضح مواصفات اللباس المقبول للنساء.


من جانبها، تقول أم ياسر، وهي معلمة للمرحلة الإعدادية في إدلب "هناك زيارات دورية يقوم بها عناصر ولجان من الهيئة إلى المدارس والجامعات لمراقبة تنفيذ تعليماتها، ومنها منع الاختلاط بين الأساتذة والطلاب، بمن فيهم طلاب المرحلة الابتدائية، وإلزام الفتيات بالحجاب والعباءات السوداء".

وتضيف "كثير من هذه التعليمات تعامل الفتيات بعد سن التاسعة على أنهن بالغات، يمنعن من اللعب وتفرض عليهن العباءات والزواج المبكر ويتركن المدرسة. كل هذا لا يبشر بمجتمع صحي في المستقبل".

وتتابع "أكثر ما يحز في نفسي ما شهدته من مواقف عدم الاحترام التي تعامل بها بعض السيدات والمعلمات من قبل عناصر من الهيئة، تعرضت زميلتي وهي مدرسة قديرة في الخمسين من عمرها لاستدعائها مع زوجها من قبل إحدى مكاتب الهيئة بعد خلاف بينها وبين شاب صغير من عناصر الهيئة كان أحد طلابها، اعترضها وطالبها بتغيير معطفها قائلاً لها إنه ليس بالطول المناسب وإنه حان دوره ليعلمها".

وعن تقبّل الناس للتعليمات، يقول عبد الحي (36 عاماً) من إدلب: "تختلف ردود أفعال الناس حيال تلك التعليمات، ويختلف مدى تطبيقها من منطقة إلى أخرى تبعاً لوجود عناصر الهيئة. في العديد من المناطق الريفية لا تزال النساء يلبسن اللباس الريفي المعتاد ويخرجن للعمل في الأرض من دون أن يكترثن لهذه التعليمات".

ويضيف "هناك من يميل لتأييدها بدعوى أنها مشتقة من تعاليم الدين الإسلامي، في حين يعارضها كثيرون، خصوصاً بعد رؤيتهم ممارسات الهيئة الأخيرة في إدلب وريفها وانتهاكاتها المستمرة لحقوق الناس والاعتقالات التي تقوم بها، كل هذا زاد من ردود الأفعال الرافضة لها وللطريقة الفظة التي تتبعها الهيئة بفرضها على الناس".

ولفت إلى أن "الناس لا يزالون يتجنّبون الحديث كثيراً في هذه الأمور، خوفاً من عناصر الهيئة، وفوق كل ذلك تشغلهم همومهم المعيشية عن التفكير بها".