الحكومة العراقية تقطع الإنترنت عن المدن بسبب امتحانات الطلاب

الحكومة العراقية تقطع الإنترنت عن المدن بسبب امتحانات الطلاب

28 اغسطس 2017
فشل إداري في معالجة ملفات التعليم والامتحانات(وثيق كوزاي/Getty)
+ الخط -
أثار قرار وزارة الاتصالات العراقية بقطع شبكة الإنترنت في عموم مدن البلاد مدة ساعتين يوميا حتى انتهاء الامتحانات النهائية لطلاب المراحل الثانوية والمتوسطة استياءً عاماً في البلاد، وشكاوى من تكبد شركات ومكاتب تجارية ومؤسسات خسائر مالية بسبب ذلك القرار، فضلا عن تعطيل الكثير من أعمال المواطنين اليومية.

ويأتي القرار العراقي منعاً لعمليات الغش التي تتم من خلال سماعات لاسلكية يتلقى فيها الطالب الإجابة عن الأسئلة من آخرين خارج قاعة الامتحان، وكذلك منع تسريب الأسئلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل بدء الامتحان.

وجاء في قرار الوزارة إن "قطع الإنترنت سيكون لمدة أسبوعين فقط بواقع ساعتين يومياً من السابعة حتى التاسعة صباحاً، باستثناء أيام العطل الرسمية في عموم البلاد".

وقال خبير الاتصالات اللاسلكية، باقر الربيعي، إن "حلول قطع الإنترنت بهدف تقليل نسبة الغش وتسريب الأسئلة غير مجدية، فوسائل الغش كثيرة خصوصاً أن في قاعات الامتحان طلبة ينتمون لمليشيات الحشد، يدخلون الامتحانات بأسلحتهم، ولا يستطيع المراقبون منعهم من الغش، لكنهم في الوقت نفسه يمنعون الطلبة من إدخال هواتفهم إلى داخل القاعات الامتحان، فما الداعي لقطع الإنترنت؟".

ويضيف الربيعي لـ"العربي الجديد"، "يتسبب قطع الإنترنت بخسائر مادية لشركات ورجال أعمال وعرقلة عمل الصحافيين والناشطين، ومن المعلوم أن أغلب الأعمال التجارية اليوم اصبحت تعتمد على الإنترنت في التداول".

من جانبهم أعرب تجار وأصحاب شركات عن امتعاضهم من هذا القرار، معتبرين أن الوزارة تتحمل مسؤولية خسائرهم المادية وتعطيل أعمالهم التجارية مع مختلف شركات العالم.

ويقول مضر عبد الواحد، صاحب شركة للاستيراد والتصدير في العاصمة بغداد، إن "هذا القرار يضر كثيراً بأعمالنا التجارية وتبادلاتنا مع الشركات المختلفة حول العالم، ويؤخر أعمالنا كثيراً ويسبب لنا خسائر مادية وتعطيلا لصفقات تجارية عديدة".

وبيّن أن "هذه الحلول التي تعتمدها السلطات العراقية مضحكة ومثيرة للسخرية، فإذا كانت الوزارة تخشى تسريب الأسئلة أو تزايد الغش بسبب الإنترنت، فهذا دليل على فشلها في إدارة المسيرة التعليمية في البلاد. فما علاقة الإنترنت لقطعه؟".





ويتذرع مختصون ومستشارون تربويون في الوزارة بعمليات تسريب الأسئلة وتزايد نسبة الغش التي دفعت الوزارة والسلطات المعنية لاتخاذ هذا القرار.

حليمة محمد (41 عاماً) تقول إن هذا القرار هو الأول من نوعه في العالم وغير مسبوق. وتضيف "قبل 10 سنوات كان الموضوع اعتيادياً لكن الإنترنت صار الآن حاجة أساسية لدينا، للاتصال والعمل والتراسل، وبسبب قطع الإنترنت صرنا نتواصل عبر الهاتف العادي بدلاً من فايبر أو واتسآب، ويكبدنا ذلك خسائر لأن القطع يستمر في بعض الأيام أربع ساعات".


ويرى المستشار التربوي جاسم الزبيدي، أن "مشكلتين أساسيتين دفعتا الوزارة لإصدار هذا القرار الأولي، الأولى عمليات تسريب الأسئلة وتبادلها عبر الإنترنت بسبب وجود فساد إداري، والثانية عمليات الغش عبر أجهزة لاسلكية صغيرة توضع في الأذن وتعمل على شبكة الإنترنت ويزود شخص آخر خارج قاعة الامتحان الطالب الذي يغش بالأجوبة".


وعمّا إذا كان قطع الإنترنت حلاً لهاتين المشكلتين قال الزبيدي لـ"العربي الجديد"، "الحقيقة هذا القرار ليس حلاً واقعياً وهو يدل على ضعف الرقابة وانتشار الفساد الإداري في الوزارة، ودليل ذلك تدني نسب النجاح غير المسبوق في العراق خلال عامي 2016 – 2017 ، ووجود عمليات تلاعب بدفاتر الطلاب الخاصة بالامتحانات للأسف".

وأكد مراقبون في قاعات الامتحان لـ"العربي الجديد" أنهم يمنعون الطلبة من إدخال الهواتف النقالة بكافة أنواعها، ويجرون عمليات تفتيش دقيقة للطلبة منعاً لإدخال أي جهاز إلكتروني قد يستعملونه في الغش، ما يبطل مزاعم الوزارة التي تقول فيها أن قطع الإنترنت جاء لتقليل نسبة الغش.


مراقبون اعتبروا هذا القرار دليلاً قاطعاً على فشل الوزارة في إدارة الملف التعليمي من جانب، ووجود فساد إداري ومالي سبب انتشار عمليات تسريب الأسئلة وتزايد عمليات الغش في بعض المناطق.


ورأى الخبير التربوي، عبد الودود الصميدعي، أن "وزارة التربية فشلت فشلاً كبيراً في إدارة الملف التعليمي، إذ انتشرت في السنوات الثلاث المنصرمة عمليات بيع الأسئلة عبر الإنترنت وتسريبها فضلاً عن تزايد عمليات الغش في الامتحانات، ودخول أجهزة لاسلكية صغيرة إلى البلاد مخصصة للطلبة بهدف الغش بعلم الحكومة وبعلم الوزارة دون أن تفعل السلطات الحكومية أي شيء لمنعها من التداول".



وتابع الصميدعي "إن لجوء الوزارة إلى قطع الإنترنت في عموم البلاد قرار غير صائب، ويؤثر سلباً على العمليات التجارية والاقتصادية وعمل باقي وزارات الدولة، ويدل على ضعف الإدارة وتفشي الفساد الواضح في وزارة التربية".



المساهمون