جدل حول حذف موضوعات من مادة التربية الإسلامية بالسودان

حذف موضوعات تهاجم الصوفية من مادة التربية الإسلامية يثير جدلاً في السودان

23 اغسطس 2017
تلاميذ مدارس في السودان (Getty)
+ الخط -

أحدث قرار وزارة التربية والتعليم السودانية بحذف نحو ست صفحات من مادة التربية الإسلامية لطلاب الصف السادس، وطلاب الثالث الثانوي، جدلاً واسعاً، إذ تتناول الموضوعات الدراسية المحذوفة تجريم الطرق الصوفية واعتبار طقوسها نوعاً من الشرك.

وتسبب القرار في مساجلات بين مؤيدين ومعارضين، وحملات تباينت بين التأييد والرفض من قبل أنصار السنة "السلفيين" والطرق الصوفية، خاصة أن الموضوعات المحذوفة كانت تهاجم النهج الصوفي وممارساته مثل التبرّك بالأضرحة وتعليق التمائم.

ودافعت وزراة التربية والتعليم عن حذف بعض موضوعات المنهج القديم باعتباره "عملاً روتينياً"، وقالت في تعميم صحافي إنها درجت على القيام بذلك من عام لآخر بهدف "إعادة الصياغة ومزيد من التجويد".

وقوبلت خطوة الوزراة بحملة محمومة من أنصار السنة في السودان، وركزت خطب جمعة في عشرات المساجد التابعة لهم على معارضة القرار، ومطالبة الوزارة بإلغائه باعتباره مخالفاً للشرع، مع ترديد تلميحات ربطت القرار الحكومي بتدخل أميركي، في إشارة إلى اجتماع سابق لمسؤولين في وزارة التربية السودانية مع مسؤولين أميركيين.


في المقابل، دعت قيادات الطرق الصوفية إلى مواجهة حملة الرفض التي يقودها السلفيون، ومواجهتها بالدلائل العلمية والمنطقية التي تؤكد سلامة قرار وزراة التعليم، وأكدوا أن تلك المناهج كانت منبعاً لتكفير المسلمين، وأن من شأنها أن تسهم في تخريج جيل من المتطرفين.

وأكدت مصادر لـ"العربي الجديد"، داخل وزارة التربية، أن خطوة الوزارة جاءت بعد تقرير رفعه علماء بمركز "بخت الرضا"، أكدوا فيه أن بقاء تلك المواد في منهج التربية الإسلامية للصف السادس الأساسي والثالث الثانوي، من شأنها أن تقود إلى فتنة بالنظر إلى حجم الخلافات المذهبية الواردة فيها، فضلاً عن التناحر بين المذاهب المختلفة، مؤكّدين أن حذفها بمثابة إغلاق لباب الفتنة.
وأشارت المصادر إلى اجتماع جرى أمس بين وزيرة التربية وإدارة المناهج بعد الهجمة الشرسة التي واجهت القرار من قبل أنصار السنة وبعض المتشددين الآخرين، وذكرت أن الوزيرة عضدت خطوة وقف تدريس تلك المواد، وأغلقت الباب أمام أي تراجع عن القرار.

تهديدات للوزارة

وهاجمت قيادات أنصار السنة، عبر بيانات صحافية، نشر بعضها كإعلانات في الصحف، قرار الوزراة، محذرين من أن تقود الخطوة إلى فتنة كبرى، وتساءلوا عن الأسباب التي تقود الحكومة لحذف مواد تنهى عن الدجل والشعوذة ولبس التمائم وغيرها من البدع، واعتبروا الحذف "حرباً على الدين".

في المقابل، دافعت الحركة الصوفية عن الحذف، وأكدت أن في استمرار تدريس تلك المواد تغذية للإرهاب والتطرف، وقال أحد قادة الصوفية، الشيخ الياقوتي، في تصريح صحافي، إنهم طالبوا إدراة المناهج عبر مذكرات سابقة بإلغاء تلك الموضوعات، وأن المذكرات حملت ردوداً على أكاذيب من وصفهم بـ"الوهابية"، موضحاً أن "الوهابية يكذبون، ولا دين لهم ولا أخلاق لأنهم يرمون أمة محمد بالكفر والشرك، في مسائل كالتبرك والاستغاثة بالأولياء".

ودخل البرلمان السوداني على خط المواجهة، فجمع عدد من النواب توقيعات لاستدعاء وزيرة التربية أمام البرلمان للاستفسار عن القرار، فضلاً عن طلب الفتوى من مجمع الفقه الإسلامي وهيئة علماء السودان.

وحذّرت هيئة شؤون الأنصار التي يتزعّمها رئيس حزب الأمة المعارض، الصادق المهدي، من أن تقود المساجلات بين المجموعات الدينية المختلفة حول إيقاف تدريس مواد التوحيد، البلاد إلى مصير دموي، وانتقد محاولات بعض السلفيين إظهار الأمر كأنه حذف لكلمة "لا إله إلا الله" من المناهج.
وقالت الهيئة في بيان: "ما يجري مظهر من مظاهر الاحتقان، ويخشى أن يؤدي إلى فتنة تذهب بالأخضر واليابس، وتلحق بلدنا بالدول التي انهارت فيها دولة القانون وحلّت محلها الجماعات الطائفية"، مطالبة بأن تلتزم المناهج السودانية بأصول العقيدة الواردة في الكتاب والسنة، وألا تدخل في التفاصيل، ودعت الدولة إلى عدم الانحياز إلى منهج دون آخر، وأن تترك للجماعات والكيانات أن تدرس منسوبيها قناعاتها ومفاهيمها في مؤسساتها التعليمية الخاصة.
وطالب البيان بإعادة هيكلة المؤسسات الدينية في البلاد، فضلاً عن المؤسسات ذات الطابع الديني، ليتم تمثيل الكيانات الإسلامية فيها بشكل متوازن وعادل.

دلالات

المساهمون