التفتيش يستفزّ اليمنيين

التفتيش يستفزّ اليمنيين

22 اغسطس 2017
عند إحدى نقاط التفتيش (العربي الجديد)
+ الخط -

تنتشر نقاط التفتيش في معظم المناطق اليمنية لا سيّما المدن الكبيرة والتي تكثر الحركة فيها، الأمر الذي جعل مواطنين كثيرين يتذمرون ويحاولون تفادي المرور في تلك المناطق واعتماد طرقات تخلو من نقاط مماثلة، نتيجة الاستفزاز الذي قد يتعرّضون له.

العناصر عند تلك النقاط يستفزّون المدنيين اليمنيين، الأمر الذي يؤدي إلى نشوب خلافات، بحسب ما يشير المواطن عبد ربه البيضاني، لـ"العربي الجديد". ويقول: "فضّلت الابتعاد قدر الإمكان عن الطرقات حيث نجد تلك النقاط، ليس لأنّني مخالف أو لديّ ما أخفيه إذ يثير الشبهات، إنّما بسبب الاستفزاز خلال تفتيشي. وقد دخلت في خلاف لأكثر من مرّة مع عناصر في نقاط تفتيش حاولوا احتجازي من دون أيّ سبب موجب". يضيف البيضاني أنّ "المشكلة تكمن في أنّ معظم عناصر تلك النقاط صغار في السنّ، لذا أساليبهم غير لائقة في التعامل مع المواطنين".

ولا يتوقّف الأمر عند الخلافات الناشئة بين المواطنين والعناصر الموجودين عند نقاط التفتيش المنتشرة في المدن، فقد قُتل وأصيب عدد من المواطنين بالرصاص عند هذه النقاط. يُذكر أنّ الناشطة الحقوقية عائشة الحيمي توفيت بعد أيام من دخولها أحد مستشفيات صنعاء إثر إطلاق النار عليها في 21 يونيو/ حزيران 2016. وبحسب أحد أقرباء الحيمي، فقد أطلقت عناصر من الحوثيين عند نقطة تفتيش في شارع الدائري، النار عليهم لتصيب الحيمي في صدرها. يضيف لـ"العربي الجديد"، وقد فضّل عدم الكشف عن هويته: "تعرّضنا للتفتيش عند تلك النقطة وسمحوا لنا بالمرور. لكنّنا فوجئنا بإطلاق للنار وبصراخ عائشة فيما كان صدرها ينزف". ويلفت إلى أنّ من أطلق النار فتى لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره.

إلى ذلك، لا يجد المواطن عبد الإله مفتاح أيّ فائدة من انتشار نقاط التفتيش لا سيّما في المدن، ويرى فيها سبباً رئيسياً للاختناقات المرورية. يضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ "تلك النقاط الأمنية لا توفّر الأمن، إذ إنّ معظم عناصرها صغار في السنّ ولا يملكون الخبرة الأمنية أو العسكرية اللازمة لتحقيق أهداف وجودهم". ويلفت إلى أنّ "كثيرين من هؤلاء يعمدون إلى نهب المواطنين. ويمكننا القول إنّ بعض عناصر نقاط التفتيش في صنعاء هم لصوص، لأنّهم يوقفون السيارات ثم يباشرون بتفتيشها والبحث عن أتفه الأسباب من ضمن اختصاصهم أو من خارجه، بهدف ابتزاز السائقين مالياً. ولا يفسحون مجالاً للعبور إلا بما نسمّيه في اليمن حقّ القات (رشوة)". ويوضح مفتاح أنّ "عمليات الابتزاز عند نقاط التفتيش تأتي أمام مرأى ومسمع السلطات الأمنية العليا المعنية بمثل هكذا نقاط. لكنّ السلطات لا تأبه بشكاوى المواطنين واستنكارهم مثل هذه الممارسات".




من جهته، يبدي سائق شاحنة النقل الثقيل أحمد فائق (سوري الجنسية)، استغرابه من "عدد نقاط التفتيش في طول البلاد وعرضها". ويشير إلى أنّه يضطر إلى دفع مبالغ نقدية غير قانونية في معظم النقاط الواقعة على طريق مروره من منفذ شحنّ الحدودي (بين اليمن وعُمان) حتى صنعاء. يضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذه النقاط لا تعمد إلى تفتيش المركبات، لكنّ مرور أيّ مركبة نقل يفتح شهيّة المسلحين على جباية الأموال وليس بهدف أداء واجبهم الأمني". ويلفت فائق إلى أنّه يمرّ بشاحنة النقل خاصته في معظم البلدان العربية، "لكنّني لا أجد هذا الكم الهائل من نقاط التفتيش أو هذا القدر الكبير من الابتزاز المالي. وهو ما يجعلني أتأخر عن مواعيد الذهاب والإياب".

ولأنّ "سلبياتها أكثر من إيجابياتها"، يطالب المواطن سمير الحنبصي بإزالة نقاط التفتيش تلك، ويقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "تكرار التفتيش في كلّ شارع وحيّ يجعل المواطن يشعر بأنّه بات في نظر السلطات مشتبهاً فيه". يضيف أنّ العناصر "لا يقومون بإجراءات التفتيش إلا على المواطنين البسطاء والعزّل. أمّا إذا مرّت سيارة كان ركابها مدججين بالسلاح، فيُسمَح لهم بالعبور من دون تفتيش". يضيف الحنبصي أنّ "المواطنين يخضعون غالباً لمزاج عناصر نقاط التفتيش تلك، "فإذا كانت نفسيّة المسلح سيّئة ومزاجه معكّر، فإنّه قد يرغم السائق على التوقف بهدف القيام بتفتيش دقيق لا داعي له". ويلفت إلى أنّ "المسلحين في تلك النقاط بمعظمهم يرتدون ملابس مدنية، وهذا ما يجعل حضورهم على الطرقات مثاراً للقلق والخوف. ثمّة شعور بأنّهم قد يكونون قطاع طرق يسعون إلى النهب والسلب".

في المقابل، ثمّة مؤيدون لانتشار نقاط التفيش، إذ يرونها مهمة لحفظ الأمن والاستقرار. هذه هي حال إسماعيل علوي، الذي يؤمن بأنّ "هذه النقاط تؤدّي دوراً أساسياً في كشف التحركات المشبوهة". يضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ "كل المدن مستهدفة بسبب الحرب، ولا بدّ من رجال أمن لضبط الذين يزعزعون السكينة العامة مع انتشار الفوضى". ويلفت إلى أنّه يشعر بالأمان عند اقترابه من نقطة تفتيش، مشدداً على "ضرورة تقديم الشكر لعناصر تلك النقاط، إذ إنّهم يتكبّدون عناء الوقوف لساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة أو تحت المطر ويسهرون لحمايتنا وتوفير الأمن لنا".