معتقدات وطقوس لجلب الحظ والتيمن في الأعراس المغربية

معتقدات وطقوس لجلب الحظ والبركة في الأعراس المغربية

12 اغسطس 2017
ترتدي المدعوات الملابس التقليدية (Getty)
+ الخط -

تسود العديد من المعتقدات والطقوس المتوارثة عن الأجداد والأسلاف في الحفلات والأعراس المغربية، وإن كان من الصعب إيجاد تفسيرات منطقية للكثير من هذه الممارسات الشعبية، فإنها جميعا تصبّ، حسبهم، في خانة التبرك والتيمن وجلب الحظ للعروس والمدعوات العازبات، بالإضافة إلى دفع الحسد وحالات الخوف والشعور بالتوتر.

على هذا الأساس، تطلق العديد من هذه الطقوس في مناسبات اجتماعية مختلفة، أهمها الزواج، وتبدأ من اليوم الذي يسبق العرس المغربي، من خلال "حمام العروس"، نظراً لرمزيته الكبيرة.

ترافق العروس إلى الحمام قريباتها ووالدتها أو من تقوم مقامها من الخالات أو العمات، يدخلن محملات بالتمر والسكر للمشرفات على هذا الفضاء، والشمع الأبيض الذي تشعله مرافقات العروس كدلالة على إنارة طريق ومستقبل العروس، يوزعنه بينهن ويزغردن، حتى تعرف كل المستحمات أن العروس قادمة، فتنهال التبريكات والدعوات بالحظ الميمون لها ولمن معها.

ولا يكتمل هذا الطقس إلا بوجود خلطة الورد والحناء والغاسول والصابون البلدي والقرنفل، التي تحضّرها أم العروس، والغرض منها إشراقة ونضارة جسم العروس، وأيضا مشاركتها مع مرافقاتها استعدادا لليلة الحناء.

في "ليلة الحناء" تتزيّن العروس بقفطان تقليدي أخضر أو أبيض لدلالة اللونين على الخصب والحياة، تجتمع القريبات والعازبات لنقش الحناء وتتعالى الزغاريد والتصفيقات، وتردد النسوة الحاضرات أهازيج محلية من قبيل: "مدي يديك مديها بالحناء ردّيها، يا العزيزة يا الغالية، حني حنتك الليلة ليلتك".. وغيرها من الأغاني التي تمتدح العروس وتدعوها إلى تزيين يديها بنقش الحناء.

عند انتهاء حناء العروس، تتجمع العازبات للتبرك من إناء الحناء نفسه، وفي نهاية هذا الطقس، وبعد أن تجف حناء العروس يعهد إلى أمها بإزالتها لها، كما يفضل الاحتفاظ ببقايا الحناء وعدم رمي الآنية أو قلبها، لما يرافق ذلك من اعتقاد باحتمال إصابة العروس بالعقم، كما تقول النقاشة أمينة سعد الدين لـ"العربي الجديد".



وبغرض التبرك أيضا، قد تلجأ أم العروس إلى تعليق "صرة" سوداء بها "شبّ وحرمل" أو "خميسة" عبارة عن كف متلاصقة الأصابع، من الذهب أو الفضة حتى تكون في مرمى بصر الآخرين، فتبطل مفعول كل عين شريرة.

يوم العرس، تحتفل المدعوات برفقة العروس التي تتزين بأزياء تقليدية، وترتفع الألوان الموسيقية الشعبية، ويتواصل الفرح وتبادل التهاني والتبريكات، كما يوزع على الحاضرين في البداية الشاي والحلويات والعصائر. وبعد الاستمتاع بالأغاني وزفة العروس، تقدم الأطباق التقليدية المحلية، وتختلف خصوصيتها حسب المناطق المغربية، مع الإشارة إلى أنه في بعض الأعراس الحديثة أصبح منظم الحفلات يضطلع بهذه المهمة، ويعكف على تزيين المائدة وتقديم المأكولات المتنوعة بين الحلو والمالح في جو من البهجة والسرور.

تضع العروس صرة سوداء في يدها لتحصينها من العين (Getty)


وفي اللحظة التي تغيب فيها العروس عن قاعة العرس، لتغيير ملابسها، تتسابق قريباتها وصديقاتها من المدعوات للجلوس مكانها ولو لدقائق، لاعتقادهن برمزية هذه الحركة وقدرتها السحرية على التعجيل بزواجهن وظهور فارس أحلامهن، كما يحرصن على "التمرة" التي تقضم منها العروس، وتعتبر محظوظة من تنال بقية هذه الفاكهة لأن الحظ سيبتسم لها، وفق ما جرت عليه العادة.

ترتدي العروس المغربية أبهى الملابس (Getty)


وللرغبة نفسها، تقوم العروس بقرص صديقاتها العازبات أو عضهن عضة خفيفة في الأذن اليمنى، تيمنا وتبركا بحظها، وفي بعض مناطق الجنوب يقوم بعض الرجال بنطح العريس استجلابا للبركة والخير.

خلطة العروس ضرورية في وفادتها للحمام (يوتيوب)


وفي تمام اليوم السابع، تجتمع قريبات العروس مجددا ويقصدن بيتها حاملات معهن الحلويات والسكر واللحم، وتكون في انتظارهن وقد أعدت بعض الفطائر، وبمجرد وصولهن تحمل الفطائر فوق ظهرها على هيئة طفل، وتخرج بسرعة لتضعها أمام بيتها لتجمعها قريباتها، فترتفع أصوات الزغاريد مرفقة بالدعاء لها بالإنجاب.

هذه بعض من طقوس الزواج في المغرب، تختلف وتتفاوت درجة اعتمادها، بين ممارسات شعبية ومعتقدات خرافية تحركها الرغبة في الاستقرار نظرا للرمزية التي يحظى بها الزواج في المجتمع المغربي، خاصة في الوقت الحالي، حيث ارتفعت نسبة العزوف عن الزواج، كما تشير إلى ذلك دراسات وتقارير، وفق ما أوضح أستاذ علم الاجتماع رشيد الجرموني.

وقال لـ"العربي الجديد": "إن العرس المغربي بنظر المغاربة هو طقس ضروري تعبره المرأة، ولهذا فإنه ينبغي أن يكون في المستوى المطلوب، وتتحقق فيه كل الأحلام والمطالب المعقولة وغير المعقولة، وهنا تدخل التمثلات والمعتقدات الغريبة التي تتخلل هذا الشكل الاحتفالي".

وتابع الجرموني قائلا إن "تمثلات العرس المغربي وخاصة عند المرأة المغربية، الراغبة في الاستقرار والإنجاب، يجعل ممارسات كثيرة تبدو مقبولة ومنطقية ويصبح المعتقد الذي يصنعه الإنسان وكأنه واجب الاعتقاد، بل يتحول عدم الإيمان به إلى تضييع للحظ".

إلا أن الجرموني لم يخف تراجع بعض هذه المعتقدات في المدن والحواضر المغربية واستمرارها بدرجات متفاوتة في بعض القرى والبوادي، ويعود سبب ذلك بنظره إلى التحولات الاجتماعية والاقتصادية، وظهور مجموعة من الممارسات الحداثية التي طغت على الأعراس المغربية حتى أصبحت خليطا بين ما هو تقليدي وحداثي، مشيرا إلى نموذج الورود، واللباس والأغاني التي أصبحت تصدح في الأعراس كالهندية والخليجية وغيرها، ومن هنا، أصبح العرس المغربي خليطا لأنواع من الثقافات المستوردة.