خلع الحجاب في مصر... جدل مجتمعي لا يتوقف

خلع الحجاب في مصر... جدل مجتمعي لا يتوقف

10 اغسطس 2017
مقدمة برامج الطبخ المصرية غادة جميل (فيسبوك)
+ الخط -
جددت مقدمة برامج طبخ في أحد القنوات المصرية، الجدل المتكرر بعد إقدامها على خلع غطاء الرأس الذي بدأت عملها به، ليتحول ظهورها بدون "حجاب"، موضوعاً يتداوله آلاف المصريين منذ مطلع أغسطس/آب الحالي.

وتحولت تدوينة على حساب القناة في "فيسبوك"، تضم صورة "الطباخة" الشابة، غادة جميل، بدون غطاء الرأس حاملة أحد أطباقها، إلى سجال طويل، ليتجاوز عدد التعليقات 2500 تعليق؛ ضمت طيفا واسعا من الآراء المتباينة، بين من يطالب بالتركيز على ما تطبخه غادة، ومن يرى في خلعها غطاء الرأس حرية شخصية، ومن يهاجم كشفها شعرها باعتباره مخالفا لتعاليم الإسلام، وصولا إلى اتهام بعضهم لها بالإقدام على خلع "الحجاب" بحثا عن الشهرة، أو بحثا عن "عريس"، وحتى وصمها بنشر "التحرر" ومعاداة الدين.

والجدل حول الحجاب شائع في كثير من المجتمعات الإسلامية، وفي مصر تحديدا، وفي ظل غياب أي إحصاءات رسمية حول نسبة المحجبات في المجتمع، يؤكد الواقع أن غالبية النساء المصريات يرتدين شكلا ما من أشكال أغطية الرأس المختلفة، والشائع هو غطاء الرأس البسيط الذي يطلق عليه اسم "الطرحة"، وبنسب أقل "الخمار" الذي يغطي الرأس والنصف العلوي من الجسد، وبنسب أقل كثيرا "النقاب" الذي لا يظهر من الجسد إلا العينين.




ويتداول كثير من المصريين أن البلاد في خمسينيات وستينيات القرن الماضي لم تكن تعرف الحجاب، حتى إن بعضهم كان يعتبره سمة خاصة بالخادمات، لكن الواقع أن هذا كان قائما في المدن، بينما كان الحجاب سائدا في ريف وصعيد مصر بأشكال متباينة.

ويردد بعضهم كذلك أن الحجاب انتشر في مصر بحلول سبعينيات القرن الماضي، ويرجع ذلك إلى انتشار الجماعات السلفية، رغم أنها كانت موجودة قبل ذلك، في حين يربطها آخرون بعودة كثير من المهاجرين من بلدان الخليج العربي، لكن المؤكد أن الحجاب بات مظهرا واضحا في الشارع المصري خلال العقود الأربعة الأخيرة.

من جانبها، قالت جميل، لوسائل إعلام محلية، إن ما فعلته "حرية شخصية، فلست داعية إسلامية ولا أتحدث عن الدين، كل ما أتحدث عنه هو الأطعمة فقط، وهذا لا علاقة له بالحجاب، مع العلم أن جزءًا كبيرًا من خصلات شعري كانت تظهر وأنا مرتدية طرحتي".

لكن الأكثر إثارة في تصريحاتها الصحافية كان تناقض وجهة نظرها حول الحجاب: "هناك سيدات كثيرات يرغبن في خلع الحجاب، لكن لا يمتلكن جرأة اتخاذ القرار، أنا أؤمن أن الحجاب فرض، ويجب على كل فتاة أن ترتديه، لكن للأسف بعضهم يعتبر من تخلعه خارجة عن الدين، وهذا ليس حقيقيا"، على حد قولها.

وهاجم شقيقها أيضا، المنتقدين، معتبرا ما يقومون به "تدخلا سافرا في حياة أختي"، وختم تعليقه على "فيسبوك" قائلا: "جتكم خيبة".





وليست غادة جميل أول من تثير الجدل بسبب خلعها الحجاب في مصر، بل تكررت وقائع مماثلة منذ سنوات، بعضها لنجمات شهيرات ورياضيات وشخصيات عامة، وينشغل الناس بالأمر فترات ثم يتجاهلونه إلى موضوعات أخرى قبل العودة إليه مجددا.

قبل عام، وفي أغسطس/آب 2016، اجتاحت صور إحدى لاعبات الفريق المصري للكرة الشاطئية مواقع التواصل الإجتماعي، فقط لأنها كانت ترتدي الحجاب في مباراة مع الفريق الألماني التي ترتدي لاعباته "بكيني"، لتصف صحيفة "لندن تايمز" الأمر بأنه "صدام ثقافي"، في حين قالت صحيفة "ديلي ميل" إنه "انقسام ثقافي"، في حين كتب بيل وير، مراسل "سي إن إن": "هل ترون صداما ثقافيا؟ أم قوة موحدة للرياضة؟".

في عام 2007، أكدت إحصائية نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن نسبة المحجبات في مصر لا تقل عن 90 في المائة. وفي 2014، أكد بحث أجراه معهد البحوث الاجتماعية بجامعة ميشيغن الأميركية، في سبعة بلدان مسلمة، أن نسبة من لا يرتدين أي شكل من أشكال الحجاب في مصر لا تتجاوز 4 في المائة.

ومنذ عام 2002، بدأت الحكومة المصرية في وضع قيود على عمل المحجبات اللاتي تم منعهن من العمل في عدد من المجالات، ومنها منع المحجبات من تقديم البرامج في التلفزيون المصري أو العمل في السلك الدبلوماسي، ثم منعت جامعات مصرية دخول المنتقبات، كجامعة حلوان منذ عام 2007، كما تمنع بعض من الأماكن الترفيهية والنوادي الرياضية دخول المنتقبات بحجة ضبط الأمن.

توقفت تلك الممارسات قليلا بعد ثورة يناير 2011، وظهرت في التلفزيون المصري مذيعات يرتدين غطاء الرأس، بل بات وجود المحجبات معتادا في وسائل الإعلام، لكن بعد انقلاب 2013 زادت وتيرة قمع المحجبات، بداية من منع المنتقبات من دخول الجامعات، إلى إطلاق كاتب معروف مطلع 2015 دعوة لمليونية خلع الحجاب في ميدان التحرير، وصولا إلى الاحتفاء بكل من تخلع غطاء الرأس، والتعامل مع من يرتدين شكلا مبالغا فيه من أشكال الحجاب مثل "النقاب" باعتبارها متشددة أو إخوانية أو إرهابية.

المساهمون