الخليل العريقة المهدّدة بالاحتلال على قائمة "يونسكو"

الخليل العريقة المهدّدة بالاحتلال على قائمة الـ"يونسكو"

الخليل

محمد عبيدات

avata
محمد عبيدات
07 يوليو 2017
+ الخط -
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، اليوم الجمعة، البلدة القديمة في الخليل، منطقة محمية، بصفتها موقعاً يتمتع بقيمة عالمية استثنائية، وذلك في أعقاب تصويت سرّي، أثار جدلاً إسرائيلياً فلسطينياً جديداً في المنظمة الدولية.

وصوتت اليونسكو بأغلبية 12 صوتاً مقابل ثلاثة وامتناع ستة عن التصويت، على إدراج مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة، التي يعيش فيها مئتا ألف فلسطيني، مقابل بضع مئات من المستوطنين الإسرائيليين، على لائحة التراث العالمي.

وأعلنت وزيرة السياحة والآثار، رلى معايعة، ظهر اليوم الجمعة، عن نجاح دولة فلسطين في تسجيل مدينة الخليل، والحرم الإبراهيمي الشريف، على لائحة التراث العالمي، التابعة لمنظمة اليونسكو العالمية، وذلك بعد انتهاء أعضاء لجنة التراث العالمي من التصويت على ملف إدراج المدينة، ضمن الدورة الواحدة والأربعين، التي عُقدت اليوم الجمعة، في مدينة كاراكوف البولندية.

وقالت في بيان صحافي "أصبحت البلدة القديمة في الخليل رابع ممتلك ثقافي فلسطيني على لائحة التراث العالمي بعد القدس (البلدة العتيقة وأسوارها) وبيت لحم (مكان ولادة السيد المسيح: كنيسة المهد ومسار الحجاج) وبتير (فلسطين أرض العنب والزيتون: المشهد الثقافي لجنوب القدس).

وأوضحت أهمية هذا الحدث التاريخي، والذي يؤكد على هوية الخليل والحرم الإبراهيمي الفلسطينية، وأنها تنتمي بتراثها وتاريخها إلى الشعب الفلسطيني. 



وفي أواخر شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، قدم الفلسطينيون ملفاً للجنة التراث العالمي في المنظمة العالمية "يونسكو" من أجل إدراج مدينة الخليل، على لائحة التراث العالمي، لحمايتها من بطش الاستيطان وشبح التهويد، ومحاولات طمس الاحتلال لهويتها العربية والإسلامية.

هذا التوجه، دفع الاحتلال بكافة مؤسساته الرسمية والصهيونية، للاستنفار الدبلوماسي من أجل إعاقة توجه الفلسطينيين، ومحاربته على كافة الأصعدة، في ظل مساعي حكومات الاحتلال إلى إدراج الخليل ضمن التراث اليهودي الصهيوني، وحرمان الفلسطينيين من أحقيتهم في هوية المدينة التي عاشوا فيها منذ آلاف السنين.

السلطة الفلسطينية قدمت الملف بغرض تسجيل الخليل ببلدتها القديمة، والحرم الإبراهيمي الشريف على لائحة التراث العالمي كتراث إنساني، وهي خطوة مهمة تعني حماية هذين المكانين اللذين يعتبران من أقدم الأماكن في العالم من الاعتداءات الإسرائيلية، ومن التهويد الذي تفشى في المدينة منذ العام 1967.

وتعتبر مدينة الخليل، ومن ضمنها الحرم الإبراهيمي الشريف نموذجاً للعمارة المملوكية النادرة، التي حافظت على وضعها الحالي حتى اليوم، ومقارنة بمدن أخرى في المشرق العربي كبلدة قديمة، تعتبر من أجمل البلدات القديمة فيها بشكل كامل من الناحية التراثية.

ويقول مدير عام جنوب المحافظات الشمالية في وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، أحمد الرجوب، لـ"العربي الجديد"، إن أهمية مدينة الخليل أنها حافظت على تخطيط المدينة المملوكية، وهذا التخطيط العمراني غير موجود في أي منطقة بالعالم، بشكل متكامل ومُحافَظ عليه إلا في مدينة الخليل.

وتزخر المدينة بمعالم دينية وتاريخية وحضارية، ما زالت مستخدمة وموجودة منذ أكثر من ألفي عام، كالحرم الإبراهيمي، والذي يحافظ على أهميته الدينية والحضارية والإنسانية التي بدأت منذ أربعة آلاف عام، كونه يضم قبور الأنبياء، وقبر النبي إبراهيم، الذي عاش في المدينة وتوفي فيها، مع زوجته وابنيه وزوجتيهما. وجسد النبي إبراهيم في مدينة الخليل قيماً إنسانية، منها حسن الضيافة.



وبحسب الرجوب، فإن المدينة ذات مخزون حضاري إنساني، ما زال موجوداً حتى اليوم، بجهد فلسطيني وخليلي منذ آلاف السنين، وهي مدينة ذات قيمة عالمية استثنائية ومهمة للإنسانية بشكل عام وليس للفلسطينيين فحسب، وهي ذات قيمة أيضاً لديانات التوحيد الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلامية، ولا علاقة للصهيونية بها.

وقد دفعت ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، وسياسات التهويد، الفلسطينيين إلى المواجهة، فالمدينة تُهوَّد بوتيرة استيطان عالية، ومحاولة احتلالية لتخريب تراث المدينة، بل وصل الأمر برئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الادعاء بأن المدينة القديمة، والحرم الإبراهيمي هما من التراث اليهودي.

في المقابل، حارب الفلسطينيون من أجل حقهم، وأشار الرجوب إلى الجهود التي بذلتها جميع مؤسسات الدولة الفلسطينية، والبعثة الدائمة في "اليونسكو" والمجموعة العربية، ووزارة الخارجية الفلسطينية، وسفرائها، لإفشال محاولات الاحتلال إعاقة القرار.

ويشكل تسجيل مدينة الخليل بحرمها الإبراهيمي الشريف وبلدتها القديمة على لائحة التراث العالمي، أولاً حفاظاً للتراث الفلسطيني، وثانياً يجعل اعتداءات الاحتلال على المدينة، وزرع المستوطنات فيها، استهدافاً للتراث الإنساني، وليس الفلسطيني فقط، ويجعل دولة الاحتلال تحت طائلة المسؤولية أمام العالم.

ويوضح الرجوب أن إسرائيل كقوة محتلة موقّعة على اتفاقية التراث العالمي منذ العام 1972، والحفاظ على هذا التراث ومسؤولياته، جزءٌ أساسي من التزاماتها أمام المجتمعات الدولية ومسؤولة عنه.

ولفت إلى أن عملية تسجيل هذا التراث في قائمة "اليونسكو" تجعل الفلسطينيين مؤتمنين عليه تجاه الإنسانية، ومهمتهم الحفاظ عليه، وصيانته، واستمراريته في المدينة.

منذ العام 1997، تحتل إسرائيل مدينة الخليل في جنوب الضفة الغربية المحتلة، ومنذ ذلك اليوم، سرقت أكثر من نصف الحرم الإبراهيمي، وغالبية زقاق وأحياء البلدة القديمة، وهودت ثلاثة أحياء بشكل كامل، وهجرت سكانها، وهودت أسواقها، بينما حولتها إلى ثكنة عسكرية تعج بالجنود، ومرتعاً للمستوطنين.

الحرم الإبراهيمي محاط بعشرات البوابات العسكرية، والبلدة القديمة بيوتها يسكنها المستوطنون، أما الفلسطينيون الذين يصرّون على البقاء، يدفعون ثمن بقائهم فيها؛ فهم عرضة لاعتداءات المستوطنين، اليومية، ويتكبدون عناء المرور عبر الحواجز العسكرية، ويعيشون حصاراً ربما يكون الأسوأ في العالم.

وكل هذه الاعتداءات، تشكل وسيلة متفقاً عليها، ومدعومة من حكومة الاحتلال بشكل رسمي، لمحاولة سرقة المدينة القديمة، وطمس هويتها العربية والإسلامية منها، وتهجير سكانها الأصليين، وتزوير تراثها وضمه لدولة الاحتلال كون المدينة تعتبر مخزوناً عالمياً مليئاً بالقدامة، والحضارة، والتاريخ، وأصالة سكانها.

ذات صلة

الصورة

منوعات

ضرب زلزال المغرب المميت منطقة بالقرب من مراكش، المدينة المحبوبة لدى المغاربة والسائحين الأجانب بفضل مساجدها وقصورها ومعاهدها الدينية التي تعود للقرون الوسطى والمزينة ببلاط الفسيفساء الزاهي وسط متاهة من الأزقة الوردية.
الصورة

منوعات

تهجم وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير عارضة الأزياء فلسطينية الأصل بيلا حديد، الجمعة، بعد انتقادها تصريحاته المتلفزة الأخيرة حول الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بحسب وكالة أسوشييتد برس.
الصورة

سياسة

منذ طفولته، عاش الفتى محمد فؤاد البايض (17 عاماً) يتيم الأب، ليتحمل بعدها عبء إعالة عائلته، لكن تلك المسؤولية اتسعت لتحمل هم الوطن ورفض الاستيطان، حتى استشهد أمس الجمعة، في قرية أم صفا شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية، برصاص الاحتلال.
الصورة
التسعيني الفلسطيني حلمي الغول يحلم بالعودة إلى قريته هربيا المهجرة (العربي الجديد)

مجتمع

لم يملك التسعيني الفلسطيني حلمي الغول حبس دموعه حين ذكر اسم قرية "هربيا" المُحتلة، والتي هُجر منها قسراً مع عائلته في عام 1948، على أيدي عصابات "الهاغانا" الصهيونية.