العربية تغزو إقليم كردستان

العربية تغزو إقليم كردستان

05 يوليو 2017
ينتظر الزبائن (صافين حامد/ فرانس برس)
+ الخط -
أصبح التحدّث باللغة العربية في إقليم كردستان العراق ضرورة ملحة، في ظل وجود أكثر من مليون و800 ألف عربي نازح من محافظات شمال وغرب العراق، فضلاً عن السياح القادمين من دول عربية خلال موسم الصيف. من هنا، يضطر أصحاب الشركات والمتاجر وسائقو سيّارات التاكسي والباعة وغيرهم، وحتى خطباء الجمعة في المساجد، إلى معرفة اللغة العربية إلى جانب الكردية. بعض الخطباء يقسّمون الخطبة إلى قسمين، الأولى بالكردية والثانية بالعربية.

وتشير إحصائيات حكومة إقليم كردستان إلى وجود أكثر من مليون و800 ألف نازح عراقي في الإقليم، غالبيتهم من أهالي محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى، إضافة إلى وجود العديد من الشركات العربية والعراقية.

ويقول صاحب أحد المتاجر في أربيل، أردلان عمر (32 عاماً)، إن ازدياد تواجد المواطنين العرب في إقليم كردستان دفعه إلى توظيف أشخاص يعرفون اللغة العربية، للتمكن من التعامل مع الزبائن العرب، لافتاً إلى أنّ عدداً كبيراً من المواطنين العرب، إضافة إلى النازحين المتواجدين في الإقليم، يأتون إلى المتجر للتبضع. لذلك، يشترط توظيف أشخاص يتكلّمون اللغة العربية. يضيف أنّ اللغة المشتركة بين العاملين في المتجر والزبائن تعد أمراً مهماً لجذبهم، مؤكّداً أن معرفة العاملين في متجره للغة العربية ساهمت إلى حد كبير في زيادة الثقة لدى زبائنه. ويشير إلى أن العديد من المحال والشركات التجارية والمنشآت السياحية في إقليم كردستان عيّنت موظفين وعاملين قادرين على التحدّث باللغة العربية.

من جهته، يقول خطيب جامع أبو بكر الصديق في أربيل، الشيخ آزاد أحمد، لـ"العربي الجديد"، إن الخطبة باتت بلغتين، ويفضل العرب الصلاة في مسجد يجيد شيخه العربية. يضيف: "أقرأ الخطبة بالكردية لسبع دقائق، ثم أعيدها بالعربية قبل رفع صلاة الجمعة"، موضحاً أن اللغة العربية باتت ملحة اليوم، ولم يفكّر أحد بتعلّمها في وقت سابق، باستثناء جيل السبعينيات والثمانينيات.

من جهته، يلفت الشاب الكردي، فرست حسين، إلى أنه بدأ بتعلم اللغة العربية من خلال متابعة المسلسلات التلفزيونية والقنوات الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى التعامل المباشر مع النازحين العرب. يضيف أن تعلّم اللغة فتح فرصة أمامه للحصول على عمل في أحد المطاعم السياحية. أمّا حكيم صديق (46 عاماً)، وهو سائق سيارة أجرة، فيقول إنّه على صلة يوميّة مع العرب الموجودين في أربيل من خلال عمله، وليست لديه مشكلة في التفاهم معهم، كما أنّه يساعدهم في تلبية احتياجاتهم أو التواصل مع أشخاص آخرين يجدون صعوبة في التحدث بالعربية.



ويرى صديق أن اللغة العربية ليست لغة غريبة في إقليم كردستان، إذ إن للأكراد والعرب علاقات اجتماعية، وهما شعبان متجاوران منذ آلاف السنين، لافتاً إلى أن للفن والأغاني العربية رواج في إقليم كردستان، فضلاً عن وجود علاقات تجارية بين مختلف محافظات العراق وإقليم كردستان.

ويوضح صديق أن الشعب الكردي منفتح على الجميع، خصوصاً العرب، لافتاً إلى أنّ آلاف العائلات العربية تعيش في الإقليم، ولم نعتد على حدوث مشاكل.
في المقابل، يقول أحمد رمزي (32 عاماً)، الذي قدم من بغداد للعمل في مجال صيانة الأجهزة الكهربائية، إنه منذ ثمانية أعوام يعيش في السليمانية، وقد تعلم اللغة الكردية من خلال تعامله مع الناس. ويلفت إلى أنه يتحدث اللغتين مع الزبائن الذين لا يهمهم اللغة بقدر الخدمة الجيدة.

خلال فصل الصيف، يستقبل إقليم كردستان العديد من السياح، ويأتي آلاف الأشخاص من محافظات مناطق الوسط والجنوب العراقي إلى الإقليم لقضاء إجازاتهم. في هذا السياق، يقول مدرّس في أحد مراكز تعليم اللغات، ويدعى نزار بابك، لـ"العربي الجديد"، إن الطلب على تعلّم اللغة العربية في مراكز تعليم اللغات ليس بالمستوى المطلوب، لأن معظم الناس يحاولون تعلّم العربية عبر التعامل المباشر مع العرب المتواجدين في الإقليم، ووسائل الإعلام العربية، والمسلسلات، ومواقع التواصل الاجتماعي. في الوقت نفسه، يشير إلى أن اللغة العربية بالنسبة لأهالي إقليم كردستان ليست لغة غريبة، وهي متداولة في الإقليم، كما أنها لغة الدين الإسلامي، إضافة إلى كونها تدرّس في المدارس.

من جهته، يقول الباحث الاجتماعي، بيار بافي، إنّ سعي المواطنين إلى التعرف على لغة ثانية هو خطوة إيجابية، موضحاً أن اللغات تساهم في زيادة التعارف بين الشعوب، خصوصاً تلك المجاورة. كذلك، تساهم معرفة اللغة في الحد من العداء والشكوك والتصورات المسبقة عن الآخر، لافتاً إلى أنّه يمكن للشعوب التي تملك لغات مشتركة بناء نوع من الثقة بعضها مع بعض. ويرى أنه من مصلحة الشعب الكردي معرفة لغات الشعوب الأخرى، لبناء جسور من التفاهم مع الآخرين، مضيفاً أن هذا يزيد من فرص العمل ويشجع التبادل التجاري والشراكة الاقتصادية وغيرها.

يشار إلى أن المادة الرابعة من الدستور العراقي تنص على أنه من حق العراقيين استخدام لغتهم الأم في التدريس والثقافة. وينص الدستور على أن اللغتين العربية والكردية هما اللغتان الرسميتان في البلاد، كما اعترف باللغات التركمانية والسريانية والأرمنية. ويوضح أن اللغتين العربية والكردية هما اللغتان المستخدمتان في المؤسسات الرسمية، على غرار مجلس النواب ومجلس الوزراء والمحاكم والمؤتمرات الرسمية، إضافة إلى المؤسسات الرسمية في إقليم كردستان.