إدلب تتنفّس الصعداء بعد فتح معبر باب الهوى

إدلب تتنفّس الصعداء بعد فتح معبر باب الهوى

28 يوليو 2017
نجحنَ في العبور (الأناضول)
+ الخط -

تنفّس أهالي محافظة إدلب الصعداء، أوّل من أمس الأربعاء، مع إعلان إدارة معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية إعادة فتحه ذهاباً وإياباً، بعدما أُغلِق في نهاية الأسبوع الماضي من جرّاء سيطرة "هيئة تحرير الشام" على مدينة إدلب، وطرد "حركة أحرار الشام" منها، وتسليم المعبر لإدارة مدنية، وفق اتفاق.

يفيد الناشط عامر السيد علي "العربي الجديد" بأنّ "الحركة عادت إلى المعبر بصورة طبيعية، حيث يُلحَظ ازدحام شديد، بعدما جرى إغلاقه لأيام عدّة". ويشير إلى أنّ ثمّة أشخاصاً ينامون عند المعبر منذ مساء يوم الأربعاء في انتظار أن يحين دورهم للسفر إلى الأراضي التركية". ويتحدّث السيد علي عن "مخاوف كبيرة لدى الناس، خصوصاً الذين ينوون قضاء عطلة عيد الأضحى مع عائلاتهم في إدلب، من أن تعاود تركيا إغلاق المعبر من جديد".

من جهته، يقول مدير مكتب جريدة "صدى الشام" في إدلب، مصطفى محمد رجب، لـ "العربي الجديد" إنّه "من الطبيعي أن يشهد المعبر ازدحاماً عند فتحه، لا سيّما وأنّ آلاف السوريين كانوا يتوجّهون إلى تركيا بعد انتهاء إجازة عيد الفطر، لكنّهم علقوا في إدلب طوال أسبوع". تجدر الإشارة إلى أنّ ساحة الكراج التابعة للمعبر شهدت، في وقت سابق، تظاهر مئات المدنيين العالقين في إدلب والذين يريدون العودة إلى تركيا، وقد راحوا يطالبون الحكومة التركية بفتح المعبر.

وخلال الأيام الأخيرة، عبّر أهالي إدلب وناشطون فيها عن مخاوفهم من استمرار إغلاق معبر باب الهوى، على خلفية سيطرة هيئة تحرير الشام عليه وعلى مدينة إدلب وأجزاء من ريفها بصورة كاملة. يُذكر أنّ المجتمع الدولي صنّف الهيئة كمنظمة إرهابية، إذ إنّ أبرز مكوّناتها هي "جبهة فتح الشام" المنبثقة عن "جبهة النصرة"، وهي فرع لتنظيم "القاعدة" في بلاد الشام، قبل أن يعلن زعيمها أبو محمد الجولاني انفكاكه عنه تنظيمياً. بالتالي، من المرجّح أن تُستهدَف المنطقة من قبل محاربي الإرهاب، وقد تخضع لحصار طويل، وهو الأمر الذي دفع عائلات كثيرة إلى التفكير في النزوح من مناطق التنظيم إلى ما تبقى من الريف الخارج عن سيطرته، خصوصاً أنّ إدلب محاصرة ما بين القوات النظامية وقوات سورية الديمقراطية وتركيا التي تُحكم إغلاق حدودها وتمنع اللاجئين من دخول أراضيها.




ويشير رجب إلى أنّ "إغلاق معبر باب الهوى، خلال الفترة الماضية، لم يؤثّر كثيراً على الحياة اليومية لسكان إدلب، لكنّه لو استمرّ كان سيصبح الوضع صعباً جداً. فهو الشريان الرئيسي والوحيد لدخول المواد الغذائية والإغاثية وكذلك مواد البناء، إذ إنّ المحافظة تعتمد على تركيا لتمدّها بما تحتاج عموماً". يضيف أنّ "معبر باب الهوى يُعَدّ المعبر الشرعي الوحيد لآلاف العالقين في إدلب. ولا يوجد ممرّ آخر، إذ إنّ العبور تهريباً أصبح شبه مستحيل". ويشرح أنّه "حتى لو أراد الناس الخروج عبر معبر باب السلامة، فإنّ ذلك يتطلب المرور في المناطق التي تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية، وهذا ما يعرّض أهالي إدلب إلى مخاطر أمنية". ويتابع رجب أنّ "معبر باب الهوى ما زال تحت إشراف الإدارة السابقة التي كانت قبل الأحداث الأخيرة، برئيسها وموظفيها، وهم قاموا خلال الأيام الماضية بإعادة ترميم ما أُتلِف خلال المعارك الأخيرة".

في السياق، يقول مسؤول منظمة "ركين" (إحدى المنظمات الإغاثية التنموية العاملة في إدلب)، بدر أبو سعدالله، لـ "العربي الجديد" إنّ "عملنا مثل عمل المنظمات الأخرى بغالبيتها تأثّر، خلال فترة إغلاق المعبر، من جرّاء عدم وصول المساعدات الإنسانية التي نتلقّاها من خلالها". وتوقّع أن "يُستدرَك التقصير الذي عانت منه المنظمات عبر تنفيذ برامجها خلال الأيام المقبلة". وكانت تركيا قد أغلقت معبر باب الهوى يومَي الخميس والجمعة الماضيَين بسبب أعمال الصيانة، وقد تزامن ذلك مع سيطرة جبهة تحرير الشام على المعبر والمدينة ومناطق أخرى.

إلى ذلك، ينشر ناشطون تسجيلات فيديو وصوراً كثيرة من معبر باب الهوى، تُظهر حركة الشاحنات والمسافرين في اتجاه الأراضي التركية والسورية، بالإضافة إلى الازدحام الواضح في موقَف الحافلات التابع للمعبر. ويتوقّعون أن يستمرّ الازدحام لأيام عدّة، خلال سفر السوريين المقيمين في تركيا.

ويُعَدّ معبر باب الهوى شريان النقل البري بين أوروبا وسورية والأردن والخليج العربي، ويصنّف بأنه المعبر رقم واحد بالنسبة إلى حركة عبور البضائع والمسافرين لجهة مساحته. جغرافياً، يبعد عن مدينة إدلب 33 كيلومتراً ويتبع إدارياً لمحافظة إدلب في الشمال السوري، وهو البوابة السورية الأكبر مع تركيا، في حين يقابله معبر جلفا غوزو التابع لولاية هاتاي التركية. أمّا تاريخياً، فيقع المعبر على الطريق الروماني القديم "طريق الحرير" بين أنطاكيا وحلب، وهو الطريق الرئيسي للحجّ. وتُعدّ إدارة المعبر إدارة مدنية مستقلة تدير حركة عبور المسافرين والبضائع من وإلى تركيا، وتتمتع بكفاءات علمية متخصصة وتعتمد العمل المؤسساتي العلمي كأساس. وهي تتألف من أقسام ومكاتب رئيسية عدّة هي: قسم الهجرة والجوازات، وقسم الجمارك، وقسم الشرطة، بالإضافة إلى المكتب المالي، والمكتب الإعلامي، ومكتب العلاقات، ومكتب الموارد البشرية، ومكتب الإحصاء والتخطيط، وهيئة المخابر، والمكتب الطبي.