شوارع باكستان غير آمنة

شوارع باكستان غير آمنة

24 يوليو 2017
في أحد أسواق لاهور (عارف علي/ فرانس برس)
+ الخط -

تدّعي الحكومة الباكستانية كثيراً أنّها تتخذ إجراءات صارمة للحد من الجرائم والسرقات في البلاد والتصدي لعصابات ضالعة في الجرائم والقتل والنهب. لكنّ تلك الأعمال في تزايد متواصل يولّد قلقاً وخوفاً بين المواطنين، لا سيّما بعد امتدادها وبلوغها أماكن حساسة ومحصنة أمنياً.

ويفيد تقرير أخير للشرطة الباكستانية في مدينة لاهور، عاصمة إقليم البنجاب، بأنّ 146 شخصاً قُتلوا خلال الأشهر الستة الماضية على خلفية حوادث سرقة وصل عددها إلى المئات. ويوضح التقرير أنّ جرائم القتل بمعظمها وقعت عندما منع المواطنون السارقين من سلب أموالهم وممتلكاتهم أو قاوموهم، مشيراً إلى أنّ خلال حوادث سرقة قليلة تمكّن مواطنون من اعتقال أو قتل المجرمين. يضيف التقرير أنّه "خلال الأشهر الستة الماضية وقعت ألف و213 حادثة نهب وسرقة في أماكن مختلفة من مدينة لاهور، بالإضافة إلى سرقة 260 سيارة و159 دراجة نارية".

في السياق، يقول المسؤول في شرطة مدينة لاهور، محمد جاويد بتي، إنّ الحكومة تبذل قصارى جهدها للحدّ من حوادث السرقة المتزايدة والحفاظ على أمن المواطنين، مشيراً إلى أنّ "الحالة تتحسن يوماً بعد آخر وأنّ عدد جرائم السرقة تراجع في الفترة الأخيرة".

لكنّ شهادات مواطنين تفيد بغير ذلك، ويشيرون إلى أنّ جرائم السرقة تتزايد يوماً بعد آخر وتمتدّ لتبلغ مناطق آمنة ومحصنة أمنياً أكثر من سواها. ويؤكد محمد سرور، وهو من سكان منطقة كورنكي أنّ "ادعاءات الشرطة وقوات الأمن الباكستانية ليست واقعية". يضيف أنّ "تزايد جرائم السرقة أدّى إلى إثارة الخوف والذعر في صفوف المواطنين، إذ إنّ كثيرين يخشون الخروج إلى الشارع بعد صلاة العشاء خشية تعرّضهم لأعمال سرقة وخطف وغيرها". يُذكر أنّ ثمّة حوادث تنتهي بجرائم قتل، بحسب ما يشير التقرير الأخير للشرطة الباكستانية.

تجدر الإشارة إلى أنّ مدينة لاهور ليست وحدها التي تعاني من جرائم السرقة، بل إنّ مدناً مختلفة في البلاد تعاني من الظاهرة نفسها، لا سيّما المدن الصغيرة والمناطق النائية التي تأتي المعاناة فيها أكبر.

في إحصاء نشرته صحيفة "إيكسبرس" المحلية ثمّة إشارة إلى أنّ حوادث السرقة تزايدت خلال العام الجاري مقارنة بالعامَين الماضيَين 2015 و2016 بنسبة 34 في المائة، وذلك على الرغم من أنّ الحكومة زوّدت الشرطة الباكستانية بمعدّات وأجهزة متطوّرة بهدف التصدّي لذلك، وعلى الرغم من الوسائل المختلفة المتوفّرة لديها للتعامل مع السرقات والجرائم. لكنّ كلّ ذلك من دون جدوى، إذ إنّ حوادث السرقة في تزايد متواصل.




في السياق، ثمّة من يرى أنّ الرشاوى الكثيرة وضلوع قوات الأمن والشرطة في حوادث السرقة أو تعاونها مع العصابات من الأسباب الرئيسية لتزايد جرائم السرقة وكذلك القتل والخطف. ويقول مسعود الرحمن، وهو من سكان مدينة لاهور، إنّ "المشكلة الأساسية ليست في الوسائل والمعدّات المتوفّرة لدى الجهات المعنية، فقوات الأمن والشرطة زُوّدت بأحدث المعدّات. المشكلة الأساسية تكمن في ضلوع رجال الأمن في تلك القضايا". ويتحدّث عن "مرّات عدّة تمكّن خلالها المواطنون من إلقاء القبض على بعض السارقين، ليُكتشف في النهاية أنّ هؤلاء كانوا من رجال الأمن". يضيف: "في قريتي ألقي القبض على اثنَين كانا يسرقان هواتف جوّالة في الشارع بقوّة السلاح، فتبيّن لنا أنّ أحدهما من عناصر الشرطة وأنّ المسدّس والدراجة النارية اللذين استخدما في السرقات يعودان إلى الشرطة". ويشير إلى أنّ "المواطنين عندما أثاروا ضجة في مركز الأمن، عمدت الشرطة إلى اعتقال المعنيّ لكنّه بعد أيام عدّة عاد ليعمل في المركز نفسه ويستخدم الدراجة نفسها. وهو ما يعني أنّ ثمّة تأثيراً كبيراً للفساد بين رجال الأمن في تزايد جرائم السرقة".

ولعلّ أكثر ما يلفت الانتباه ويثير القلق هو أنّ حوادث السرقة امتدت في لاهور إلى مناطق آمنة لا بل محصّنة أمنياً يسكن فيها أثرياء البلاد وسياسيّوها من قبيل دفنس وشاه دره ومادل تاون وغيرها. وهذه المناطق الحساسة وغيرها لم تشهد حوادث سرقة فقط بل أعمال نهب وجرائم قتل وخطف. وبحسب بيانات إحصائية صحيفة "إيكسبرس"، فإنّ نحو 28 ألفاً و700 حادثة من الحوادث المذكورة وقعت خلال العام الماضي في مدينة لاهور، عدد كبير منها جرائم سرقة، الأمر الذي يعني أنّ إحصائية الشرطة لم تتناول كل الحوادث. ويشير سرور هنا إلى أنّ "ما ذكرته الشرطة أقلّ من العدد الحقيقي، كذلك ما ذكرته وسائل الإعلام، إذ إنّ الجرائم تحدث كل يوم في المدينة، إضافة إلى أنّ عشرات حوادث السرقة تُسجّل في شوارع المدينة يومياً".

وفي حين يتّهم المواطنون الشرطة وقوات الأمن عموماً بعدم الجديّة في إحلال الأمن والقضاء على العصابات الضالعة في جرائم السرقة، تلقي الشرطة بجزء من اللائمة على عامة المواطنين، إذ ترى أنّهم لا يتعاونون مع أجهزة الأمن. وتعمد الشرطة إلى بثّ، عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، إعلانات تحثّ المواطنين على التعاون مع الأمن، من خلال إبلاغهم عن الضالعين في الجرائم أو المتعاونين معهم. ووضعت الشرطة خطاً ساخناً تتلقى من خلاله اتصالات المواطنين بهذا الشأن.

دلالات