عمارات خطرة في الجزائر

عمارات خطرة في الجزائر

20 يوليو 2017
أحياء متهالكة (أحمد كمال)
+ الخط -
باتت العمارات القديمة في الجزائر تشكل خطراً كبيراً، وتهدد السكان خصوصاً المارة في الشوارع الكبرى للعاصمة

في الجزائر تهدد الناس عمارات قديمة يعود بناؤها إلى الفترة الاستعمارية، ويصل بعضها إلى أوائل تلك الفترة قبل 180 سنة. هي بيوت وشقق سكنية اهترأت شرفاتها ونوافذها وحتى جدرانها، وباتت تتساقط حجارتها على المارة مرة بعد مرة.

مخاوف كبرى يعيشها الجزائريون أثناء مرورهم تحت تلك العمارات على أرصفة الشوارع الكبرى في العاصمة، حيث شهدت عدة حوادث تسببت في جرح البعض من المارة بعد تساقط حجارة من الشرفات عليهم.

المختصون يحذرون، إذ يذكر رئيس جمعية المهندسين الجزائريين المهندس عبد الحميد بوداود لـ"العربي الجديد" أنّ السلطات المعنية يجب أن تتدخل لحماية المواطن من جهة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه في الأحياء السكنية القديمة، مضيفاً أنّ في الإمكان تهيئة وترميم بعض العمارات القديمة التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية الفرنسية، للحفاظ على العمق التاريخي للجزائر، وللحفاظ على هويتها أيضاً.

خصصت السلطات المحلية لولاية الجزائر 500 مليون دينار (4 ملايين و553 ألف دولار أميركي) لترميم واجهات وسلالم وأقبية العمارات القديمة، في خطوة باشرت فيها منذ أكثر من عامين، لكنّها "تسير بوتيرة بطيئة" بحسب بوداود، وبذلك فإنّ المتضرر الأول هو المواطن، كذلك، تفقد الجزائر في نهاية المطاف، جزءاً من تاريخها وهويتها العمرانية، كما يضيف.
ويهدف البرنامج بحسب الولاية إلى الإبقاء على معالم عاصمة الجزائر وتاريخها. وبدأت العملية بالفعل، في تهيئة شوارع "حسيبة بن بوعلي" و"العربي بن مهدي" و"ديدوش مراد"، وأحياء "باب الوادي" الشعبي و"القصبة" و"تيليملي".



المخطط الذي باشرته السلطات المعنية هدفه ترميم واجهات العمارات على مستوى الشوارع الكبرى وترميم المداخل، وإعادة ترميم السلالم والمدرجات والأسقف، وهي جميعاً التي تهدد المواطنين المارة بسقوط أجزاء منها في أيّ لحظة.

كذلك، ستلتفت السلطات المحلية إلى ترميم العمارات التي تعاني في معظمها من مشاكل تسرب المياه، والتي أصبحت في الوقت نفسه تهدد حتى بسقوط العمارات، بحسب ما جاء في تقارير عدد من الخبراء بعد معاينة عمارات العاصمة.

على صعيد متصل، بادرت السلطات إلى القضاء على مختلف عمليات البناء الفوضوية التي جرى بناؤها في تلك العمارات القديمة (زيادة غرف) أو فوق أسطحها وداخل أقبيتها، خصوصاً تلك العمارات الآيلة للسقوط أساساً. وجاءت خطوة السلطات استباقاً وتفادياً لأيّ كارثة محتملة. وكان كثير من الجزائريين قد لجأوا إلى البناء العشوائي في حال توفر مكان من أجل مواجهة أزمة السكن الكبيرة في البلاد، خصوصاً على مستوى العاصمة والمدن الكبرى.

على المستوى الجمالي، وبالرغم من أنّ تلك العمارات تشكل جزءاً من المشهد العام للجزائر القديمة إذ تمثل العمق التاريخي لعاصمة البلاد، لكن على أرض الواقع تشهد مختلف عمارات الجزائر القديمة عدداً كبيراً من المشاكل التقنية التي شوهت واجهاتها. وهو ما سيدفع بالسلطات المحلية إلى إعادة تهيئتها من أجل إعادة إحياء وجهها اللائق الذي عرفت به على امتداد التاريخ.



في هذا الإطار، كشفت مديرية المراقبة التقنية والتجارب، التابعة للحكومة، عن إجراءات جرى اتخاذها من قبل مصالح المراقبة التقنية للبنايات على مستوى العاصمة الجزائرية تندرج ضمن تدابير مصادقة القانون رقم 04-05 المؤرخ في 14 أغسطس/ آب 2004 والمعدل والمتمم للقانون 90-29 المؤرخ في ديسمبر/ كانون الأول 1990 والمتعلق بالتهيئة والتعمير، ومعاينة العمارات القديمة وتشخيصها وتحديد كل الترتيبات الواجب اتخاذها لترميمها على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

يشمل الشطر الأول من العملية، بحسب تلك المعلومات، سبع بلديات في العاصمة الجزائرية، ويتعلق الأمر بكلّ من بلدية سيدي امحمد، باب الوادي، بلوزداد، الجزائر الوسطى، القصبة، المدنية، الحراش. وأسفرت عملية المراقبة عن إحصاء أكثر من 15 ألف عمارة قديمة، مائتان منها في حاجة إلى الترميم العاجل أو الإزالة بسبب الأضرار الفادحة والوضعية الخطرة التي آلت إليها. ومن المنتظر انطلاق عملية ترميمها بحسب بوداود في الأيام القليلة المقبلة.

وبحسب التشخيص التقني للعمارات القديمة ومعاينتها التي يجري بموجبها تحديد ما يحتاج من بينها إلى الترميم أو التهديم، ستشمل العملية في المستقبل كلّ بلديات العاصمة كإجراء من شأنه تجديد المنشآت السكنية داخل العاصمة التي تعد من المناطق الواقعة على شريط زلزالي نشيط. كذلك، ستتضمن الإجراءات المستقبلية إقرار شروط إجبارية صارمة في قطاع البناء في العاصمة، إذ ستجري معاقبة كلّ من يخالفها. ويتعلق الأمر تحديداً بإدخال شروط إجبارية في ملف طلب رخصة البناء تكفل سلامته، بالإضافة إلى المخططات المعمارية التقليدية الموقعة من طرف المهندس المعماري، والمخططات الهيكلية الموقعة من طرف المهندس المدني. كذلك، تنص على تهديم أيّ بناء شيّد من دون رخصة من طرف البلدية.