تأكيداً لانفراد "العربي الجديد"...الأمن المصري يبدأ بإخلاء جزر النيل

تأكيداً لانفراد "العربي الجديد"... الأمن المصري يبدأ بإخلاء جزر النيل

16 يوليو 2017
الغاز المسيل للدموع ضد أهالي الجزيرة(العربي الجديد)
+ الخط -
قتل الأمن المصري، اليوم الأحد، مواطناً على الأقل، وأصاب العشرات من البسطاء، أثناء عملية اقتحامه جزيرة الوراق بمحافظة الجيزة، بهدف إخلائها من سكانها بدعوى تنفيذ قرارات إزالة للمباني المخالفة. لكن قوات الأمن المصرية انسحبت مع تصاعد حدة الاشتباكات مع الأهالي خشية اتساع رقعة الصدامات وتحولها إلى حالة غضب شعبي.

وسببت عملية الاقتحام حالة من الرعب لدى أهالي الجزيرة الواقعة على نهر النيل، إذ فوجئوا بقوات من الشرطة والجيش تحاصرهم صباح اليوم.

وانتشرت قوات الأمن على جانبي الجزيرة من ناحيتي الوراق وشبرا الخيمة، لتنفيذ قرارات الإزالة، وسط اعتراضات واسعة من الأهالي، الذين رفضوا الخروج من منازلهم، مؤكدين أن الحملة تستهدف إخلاء الجزيرة من جميع قاطنيها، وطرحها للمستثمرين العرب، كونه ليس الاقتحام الأول للجزيرة، بل سبقته حملات مماثلة بدأت منذ عام 2007.

واندلعت اشتباكات عنيفة بين الأهالي وقوات الأمن، وأطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيلة للدموع، وطلقات الخرطوش لمنع تجمهر الأهالي الذين احتشدوا دفاعا عن منازلهم، كما تلقى الأهالي دعوات عبر مكبرات الصوت في المساجد لـ"يهبوا للدفاع عن منازلهم وأكل عيشهم".

وذكرت مصادر طبية في وزارة الصحة والسكان، أن شابا في السادسة والعشرين من عمره قتل، إضافة لإصابة 11 مواطنا، ومثلهم بين عناصر الأمن من ضمنهم مساعد مدير أمن الجيزة برتبة لواء.

وتحت ضراوة الاشتباكات اضطرت القوات للانسحاب من الجزيرة وتأجيل تنفيذ قرارات الإزالة لوقت لاحق، بعد تلقّي تعليمات بضرورة مغادرة المكان سريعًا خشيةَ انضمام قطاعات كبيرة من الأهالي للمواجهات، وتحوّلها لأحداث شغب موسعة في ظل حالة غضب شعبي بسبب الظروف الاقتصادية.


المناوشات بين الأمن والاهالي (العربي الجديد) 


ويعيش أكثر من مليوني مواطن في 144 جزيرة نيلية داخل مصر، وأوضحت تقارير معهد بحوث النيل أنها 128 جزيرة فقط، والهيئة العامة للمساحة قالت إنها 181 جزيرة، ومعهد بحوث الأراضي والمياه قدرها بنحو 209 جزر، في حين ذكرت وزارة الموارد المائية أنها 197 جزيرة.






وتناول "العربي الجديد" في تقرير موسع نشر بتاريخ 13 يونيو/ حزيران الماضي، الخطة الحكومية الهادفة إلى تسليم 5 جزر نيلية لمستثمرين خليجيين، بعد إخلائها من سكانها عن طريق الجيش، لافتا إلى إصدار الرئيس عبد الفتاح السيسي توجيهات للواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بتطوير الجزر النيلية بالقاهرة والجيزة.

وأكد مصدر حكومي لـ"العربي الجديد" في يونيو/حزيران أن هناك خطوات لاستثمار جزر النيل الواقعة بين محافظتي القاهرة والجيزة، وصولاً إلى القناطر الخيرية بالقليوبية شمال القاهرة حيث ينقسم النيل إلى فرعي دمياط شرقاً ورشيد غرباً، ويصل عدد الجزر الصالحة للاستغلال السكني والسياحي بين القاهرة والجيزة إلى نحو 81 جزيرة أبرزها على الإطلاق 5 جزر هي: الدهب، والقرصاية، والوراق، ومحمد، وبين البحرين.


قوات الأمن المهاجمة (العربي الجديد) 


وأوضح المصدر الحكومي أن الفترة بين عامي 2010 و2012 شهدت صراعًا خفيًا على الاستفادة من هذه الجزر بين الجيش من ناحية، ورجال أعمال نافذين وقريبين من نظام مبارك من ناحية أخرى، فسعى الجيش بكل قوة للسيطرة على الجزر المميزة، على رأسها جزيرة القرصاية، مستغلاً فترة الانشغال الحكومي بأمور أخرى وضعف سطوة رجال الأعمال عقب اندلاع الثورة، فشن حملة للسيطرة على جزيرة القرصاية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 تصدى لها الأهالي، وانتهت بمحاكمتهم وإدانة بعضهم من قبل القضاء العسكري، لكن التعاطف الإعلامي الواسع مع الأهالي عرقل خطة إخلاء الجزيرة.



وأكد المصدر أن الخطة الجديدة التي يتبناها السيسي تسعى لإرضاء الجيش ورجال الأعمال معاً، بإدخال الجيش عنصرا رئيسيا في إدارة وتأجير أراضي الجزر بعد إخلائها، وفي الوقت نفسه استهداف تأجيرها (وليس بيعها) لرجال الأعمال لمصلحة الجيش أو وزارتي الري والإسكان، وذلك حسب الاتفاق بين الجهات الثلاث على تقسيم الأراضي بينها، علماً بأن هذه الجزر كلها تعتبر محميات طبيعية، وتوجد اشتراطات معينة للبناء فيها حالياً، لكن سيتم تغييرها بمجرد تلقي عروض جادة لاستثمارها.

وتوقع المصدر الحكومي أن تبدأ الدولة في تغيير معالم هذه الجزر وتخفيف القيود التشريعية على البناء فيها قبل نهاية العام الجاري، على أن يبدأ إخلاء الأهالي العام المقبل، ما يرجح نشوب صراع قضائي طويل الأمد بين الدولة والمواطنين المتضررين.


جانب من الاشتباكات(العربي الجديد) 


يذكر أن النشاط الأساسي للسكان في هذه الجزر هو الزراعة وتربية المواشي والدواجن وصيد الأسماك، وتعاملت الدولة مع هذه الأراضي مثل أراضي الأوقاف طوال العقود الأربعة الماضية.

ومنح السكان عقود استئجار مؤقتة تجدد دورياً، دون تمليك الأرض لأي منهم، ولأي من رجال الأعمال أيضا، الذين اتخذوا من بعض هذه الجزر مقارَّ صيفية لهم للاستمتاع بجمال طقسها وروعة مناظرها الطبيعية إذا ما قورنت بقلب القاهرة أو الجيزة، المدينتين العملاقتين اللتين تحتضنان هذه الجزر.