إدانات للتعبئة والتحريض ضد السوريين في تركيا

إدانات للتعبئة والتحريض ضد اللاجئين السوريين في تركيا

12 يوليو 2017
سوريون في تركيا (إفرين عطلاي/ الأناضول)
+ الخط -


خففت جريمة مقتل الأم السورية أماني الرحمون وابنها خلف (11 شهراً) بعد اغتصابها وتحطيم رأسها بالحجارة في مدينة سكاريا التركية الأسبوع الفائت، من حدّة الهجمة التي تشنها بعض الأطراف التركية ضد اللاجئين السوريين.

ويرى مراقبون أن الموقف الرسمي التركي، والحضور الرسمي والشعبي لتأبين الضحية الرحمون، بدد ما نشر من أنباء وصفها بيان وزارة الداخلية بـ"الأكاذيب"، واعتبروا أنها تهدف للنيل من حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم.

وأكّد النائب عن حزب العدالة والتنمية، فورال قاونجو، أن "أطرافا وجهات داخلية تستغل موضوع اللاجئين السوريين، وتجعله أداة سياسية لإنهاك الحكومة التركية وإلحاق الضرر بها"، موضحا في تصريحات صحافية أنّ "على الأتراك النظر للاجئين السوريين كقوة بشرية واقتصادية، يمكن الاستفادة منهم في تطوير مجالات عدة في تركيا".

واعتبر رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار بتركيا، غزوان قرنفل، "أن المحرضين ضد اللاجئين السوريين تسلحوا ببعض الحقائق، لكنهم ضخموها، ومنها أن أعدادهم الكبيرة تسببت ببطالة الأتراك، متجاهلين أن السوريين احتلوا المركز الأول في الاستثمارات الخارجية في تركيا للعام الثالث على التوالي".

وأوضح قرنفل لـ"العربي الجديد" أن "المحرضين ادعوا أن الحكومة التركية تصرف رواتب للسوريين وهذا غير صحيح، بل إن المساعدات الإنسانية التي كانت تصرف على شكل قسائم شراء توقف معظمها"، لافتاً إلى المبالغة في تصوير أن السوريين يستفيدون من "العلاج المجاني وزراعة أطفال الأنابيب والتسجيل بالجامعات". وأكد في المقابل أن المشافي الحكومية تستقبل من يحمل بطاقة "كيملك"، مشدداً على أن المحرضين بالغوا باستغلال ورقة اللاجئين لإحداث نزاعات نتج عنها جرائم عدة، كان أشنعها مقتل أماني الرحمون الأسبوع الماضي.

وعن ذريعة تجنيس السوريين أشار قرنفل إلى أن الحكومة التركية أعلنت عن تجنيس 80 ألف سوري، لكنها لم تجنس أكثر من 7 آلاف حتى اليوم، وأن معظم المجنسين هم من أصحاب الرساميل والشهادات العليا، وهذا يعود بالفائدة على تركيا، كما أن تجنيس حالات إنسانية من مرضى ومصابين قليلة جداً.

يشار إلى أن صحيفة "قرار" التركية المعارضة نشرت ما اعتبرته الحكومة "أكاذيب"، تداولها الأتراك وساهمت في تعبئة الرأي العام ضد اللاجئين السوريين، ومنها "أن كثيراً من الأتراك عاطلون عن العمل بسبب السوريين، وأن السوريون حوّلوا الأماكن العامة إلى أماكن غير آمنة، وأن الحكومة والبلديات تعطيهم رواتب شهرية، وأن تكاليف "طفل الأنبوب" للسوريين تتكفل بها مؤسسة الضمان الاجتماعي، وأن الملتحقين منهم بالجامعات التركية لا يخضعون لامتحانات القبول، وأن الجنسية التركية ستمنح لكل اللاجئين".



وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي حملات التحريض ضد اللاجئين، وبعض وسائل الإعلام التركية، وكانت آخرها حملة "اطردوا السوريين من تركيا".

وأكدت وزارة الداخلية التركية أن تضخيم الأحداث المؤسفة التي تقع أحيانا بين اللاجئين السوريين والمواطنين الأتراك في بعض الأماكن، يهدف إلى زرع الفتنة بين الطرفين، وجعلها أداة لاستخدامها من أجل تحقيق غايات سياسية داخلية. وحذرت من إحداث شرخ داخل المجتمع، مؤكدة أن المعطيات الرسمية لديها تشير إلى أن انخراط السوريين في المشكلات والأحداث المؤسفة والإخلال بالنظام العام في تركيا تبلغ نسبتها 1.32 بالمائة تقريباً من إجمالي المشكلات والأحداث التي حصلت في البلاد.





في المقابل، دان صحافيون ومنظمات مدنية تركية، في بيان مشترك، لغة الكراهية والعداء والتمييز العنصري التي يستخدمها بعض الإعلام المحلي، ضدّ اللاجئين السوريين. ووقع البيان 151 صحافيًا، إضافة إلى ممثلي عدد من المنظمات المدنية، ومؤسسات إعلامية. وطالب بفتح تحقيق قضائي بحق رؤساء التحرير والصحافيين والكتّاب والمراسلين الذين يستخدمون لغة التمييز العنصري والكراهية، داعيا جمعية الصحافيين إلى اتخاذ التدابير اللازمة بحق الذين ينجزون أخبارًا تحريضية ضدّ اللاجئين.



وانتشر أخيراً على صفحات التواصل الاجتماعي هاشتاغ "SuriyelilerEvineDönsün" يدعو إلى نبذ وطرد السوريين و"ترحيلهم إلى بيوتهم" من الأراضي التركية، نتيجة إقدام شابّين سوريّين على تصوير فتيات تركيات يسبحن على شاطئ مدينة "سامسون" الواقعة في شمال تركيا على البحر الأسود، ما دعا الشبّان الحاضرين في المكان إلى مهاجمتهما وضربهما، فتدخلت الشرطة ونقلا إلى المستشفى.

وتنشر أخبار مشابهة في الإعلام، وسرعان ما تتداولها وسائل التواصل الاجتماعي، عن مشاجرات وصدامات بين أتراك وسوريين، بعضها جرائم قتل.

وقال مصدر مطلع بأنقرة لـ"العربي الجديد": "لا يمكننا تأكيد، حتى الآن، من يقف وراء الحملة التحريضية، لكننا بالوقت نفسه، لا نستبعد ضلوع تيارات وأحزاب معارضة".

وأشار المصدر إلى أن "حملة التحريض واكبت ما يحكى عن حملة عسكرية تركية في شمال سورية، أو عن وجود تركي ضمن اتفاق المناطق الخمس، لذا ثمة من له مصلحة الآن بتشويه صورة السوريين بتركيا، والتحريض على أن الدولة التركية ترعاهم، وتسلحهم أيضاً، بحسب ما نشرت بعض الوسائل الإعلامية".

وعن المشاجرة التي حصلت بمنطقة "يميت ايفلر" في أنقرة، وما قيل عن أسلحة وزعتها الدولة التركية على السوريين ليقتلوا الأتراك، أضاف المصدر "تلك الشائعة مضللة وغير صحيحة بالمطلق، وأوضح والي أنقرة، أرجان توباجة، أسبابها، ونتج عنها جرح شاب عراقي وليس سورياً".


المساهمون