زوجة "أونلاين" في غزة

زوجة "أونلاين" في غزة

11 يوليو 2017
تحلم بالفستان الأبيض (محمد الحجار)
+ الخط -
أزمة العنوسة في غزة ملحوظة، تبعاً للظروف الاقتصادية والمعيشية السيئة، وهو ما يدفع في اتجاه تنويع سبل البحث عن عروس أو عريس، وذلك من خلال الإنترنت

لم تعد الطرق التقليدية لدى بعض النساء في البحث عن شريكة الحياة لأبنائهن وحدها السائدة في غزة. فالوقت الطويل والجهد اللذان تتطلبهما العملية يفتحان الباب أمام طرق أسهل. بات البحث عن مواصفات العروس منتشراً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يوفر على النساء ذلك الجهد الكبير.

بذلك، تنشط نساء كثيرات على مجموعات مواقع التواصل الاجتماعي عبر مناشير يعلنّ فيها عما يبحثن فيه من مواصفات العروس. وتشمل المواصفات النواحي التعليمية والاجتماعية والطبقية والمظهر الخارجي.

أم مؤمن نجحت عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الوصول إلى شريكة مناسبة لابنها العام الماضي. كانت قد طلبت عبر منشور أن تكون العروس موظفة في القطاع الخاص أو العام إلى جانب مواصفات في المظهر الخارجي، وذلك على إحدى المجموعات الخاصة بسيدات يتبادلن القضايا النسائية. وبالفعل أرشدتها إحدى السيدات إلى منزل فتاة بتلك المواصفات، لتتجه بعد يوم واحد مباشرة لرؤيتها، وبعد أيام تمت الخطوبة بعد توافق ابنها مع الشريكة، وبعد ثلاثة أشهر تمّ الزواج.

تقول أم مؤمن لـ"العربي الجديد": "أستخدم الإنترنت منذ خمس سنوات فقط، ووجدت فيه عالماً واسعاً. المشكلة أنّ عاداتنا وتقاليدنا صعبة بعض الشيء، خصوصاً في اختيار الزوجة، ومرهقة لأنّها تجري على الأصول المعتمدة في التوجه إلى المنزل ومعرفة معلومات عن عائلة الشريكة، لكنّ مواقع التواصل سهلت جهد البحث".

أم مؤمن تعتبر نفسها محظوظة بالاختيار وطريقة البحث التي وفقت فيها، على عكس ما حصل مع إحدى قريباتها أم أيمن التي تعتبر أنّ التوجه إلى مواقع التواصل الاجتماعي والبحث فيها كان سبباً في مشاكل داخل أسرتها. فقد اعترض زوجها بشكل كبير على ذلك. وبعد إتمام الخطبة التي استمرت شهرين وانتهت على عدم توافق الطرفين، خسرت أسرة العريس المهر والتكاليف بناء على طلب الابن بالانفصال.

إقبال كثيف على هذه الوسائل (محمد الحجار)


تقول أم أيمن لـ"العربي الجديد": "لا تتعدى نسبة من يوفقون في اختيار الشريك أو الشريكة عبر الإنترنت 10 في المائة. في البداية كانت فعلاً المواصفات المطلوبة بالفتاة، لكن لم أكن أعلم أنّ التوافق بين العروسين أهم بكثير مما نراه مناسباً نحن لأبنائنا بالشكل والحسب والنسب".

تحظى صفحة باسم "خطابة نت فقط من غزة" بتفاعل كبير من آلاف المتابعين لها، وهي تعلن عن طلبات الزواج الخاصة ببعض الفتيات. تستقبل الصفحة رسائل خاصة من الراغبين في الزواج من الشبان. مؤسسة الصفحة ماجدة وكنيتها أم أحمد، تحصل في حال تم التوافق على طلب الشاب بعد نشر منشور والوصول إلى اتفاق مع العائلة على مبلغ مالي قيمته 500 شيكل (نحو 140 دولاراً أميركياً).

تقول أم أحمد لـ"العربي الجديد": "هناك حالات عنوسة كثيرة في غزة، بسبب عزوف الشباب عن الزواج، في ظل الظروف الصعبة. الفتيات يبحثن عن شريك محترم متواضع يقدّر الحياة الزوجية ويستطيع أن يصون المرأة، له دخل ثابت. سنّ الفتيات غالباً ما يكون فوق الخامسة والعشرين".

من جهته، أسس هاشم شيخة، وهو من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، موقعاً إلكترونياً أطلق عليه اسم "وصال"، وهو يتيح الفرصة أمام الراغبين في الزواج في تسجيل المواصفات، وكذلك البحث عبر خانة مخصصة عن المكانة الاجتماعية والمواصفات وأمنيات الشريك أو الشريكة والغاية من الزواج. كذلك، يخصص الموقع طلبات خاصة، من قبيل عروس لا تمانع في التعدد، وعروس تقبل بمهر متواضع، كذلك يضم الموقع قسماً للأشخاص ذوي الإعاقة. وقد تجاوز عدد مستخدمي الموقع منذ إنشائه قبل شهرين، ربع مليون زائر.

بالإضافة إلى كلّ ذلك، يفتح الموقع نافذة أمام الأرامل والمطلقات لمحاولة الزواج مجدداً، إذ إنّ بعض الرجال الكبار في السنّ أو متوسطي العمر يبحثون عن مطلقات وأرامل، خصوصاً إذا كان زواجهم الأول فاشلاً، أو كانت الزوجة الأولى لا تنجب، أو في ظلّ رغبتهم في زواج ثانٍ ببساطة. يضمن الموقع السرية الكاملة في الأسماء، خصوصاً أسماء السيدات الراغبات في الزواج للحفاظ على الجدية.

في هذا الإطار، تلاحظ المتخصصة الاجتماعية في المركز النسوي الاجتماعي هدى جاد الله أنّ نسبة البحث عن شريك أو شريكة عبر الإنترنت بشكل عام ارتفعت في غزة في السنوات الخمس الأخيرة. تشير إلى أنّ نصف المقبلين على الزواج يبحثون عبر تلك الوسائل في ظل الانفتاح الكبير للغزيين على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً أنّ نسبة 70 في المائة من المجتمع الغزي تستخدم تلك الوسائل من أجل التفريغ النفسي في ظل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية القائمة.

المساهمون