لهذه الأسباب تخشى النساء التبليغ عن العنف

لهذه الأسباب تخشى النساء التبليغ عن العنف

09 يونيو 2017
لا للعنف (باتريك باز/ فرانس برس)
+ الخط -
كما بات متعارفاً عليه، فإن العنف ضد النساء ليس محصوراً بطبقة اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو حتى طائفية. مهما حاولت الجمعيات أو مراكز الإحصاء الخروج بنسبة أقرب للواقع عن نسبة النساء المعنفات، تأتي الأرقام والنسب بعيدة عن الواقع، ولا تعكس حجم العنف الذي لا تزال النساء يتعرضن له في حياتهن بصورة مباشرة وبأشكال متعددة، سواء لفظية أو جسدية أو جنسية أو نفسية أو عاطفية أو اقتصادية، ومن قبل رجال من الأسرة أو المجتمع المحيط بهن. السؤال، هو لماذا تخشى النساء التبليغ عن العنف؟

في محاولة لتحليل الأسباب التي تحول دون ذلك، نجد أن ثمة أسباباً مباشرة وأخرى غير مباشرة، وبعض هذه الأسباب المباشرة هي:

1- التطبيع مع العنف والتعايش معه: تتعايش الكثير من النساء مع العنف كنمط سلوكي "طبيعي"، يقبلنه ويبرّرنه. تشير الكثير من النساء في الحلقات الدراسية أو الجلسات التوعوية أنه من حق الرجل في بعض الأحيان ضرب زوجته أو الصراخ عليها لأسباب محددة.

2- عدم الثقة بالعدالة: تخشى الكثيرات مضاعفة العنف تجاههن في حال بلّغن السلطات عن تعرضهن للعنف، سواء من الزوج أو من شخص آخر غريب. حالتا سارة الأمين ونسرين روحانا لا تزالان حاضرتين في أذهان النساء، حين قررتا الحصول على قرار بالحماية من القضاء المختص، كان مصيرهما القتل على يد الزوج. لا يزال القانون قاصراً نسبياً عن تقديم الحماية الكاملة والكلية للنساء المعنّفات.

3- عدم الثقة بالقدرة على كسر حلقة العنف: غالباً ما يلي السلوك العنيف من قبل الرجل فترة "شهر العسل" التي تشير الإحصاءات إلى أن نسبة كبيرة من النساء يصدّقن أزواجهن حين يؤكدون بأنهم سيتغيرون وأن نوبة العنف هذه ستكون الأخيرة.

4- عدم الرغبة بـ"تخريب البيت": لا يزال الطلاق، في كثير من المجتمعات في لبنان، من التابوهات خوفاً من "القيل والقال"، وإن كانت بعض المجتمعات في لبنان تسعى إلى كسر هذا التابو. لا تزال القيمة المجتمعية والثقافية تُعطى للأسرة وتماسكها (ولو بشكل شكلي) وللأطفال على حساب فردية النساء وكرامتهن. ناهيك عن دهاليز المحاكم الدينية وقراراتها في ما يخص حضانة الأطفال.

5- عدم وجود فرص وبدائل: ماذا يمكن أن يحدث لفتاة تزوّجت في سن مبكرة، ولم تكمل دراستها أو تكسب خبرة عملية ما، وكانت عرضة لعنف زوجي أو منزلي؟ ما هي الخيارات التي ستكون متاحة أمام هؤلاء النساء للاستقلال؟

في تحليل معظم الأسباب التي وردت سابقاً، نجد أن ثمة جذراً واحداً غير مباشر للعنف وتكرار حصوله وعدم التبليغ عنه. السياق الثقافي والاجتماعي والقانوني السائد، الذي يضع الطفلات والفتيات والنساء والمسنات في خانة "المستضعفات" وفي مصاف المواطنات من الدرجة الثانية.

* ناشطة نسوية

المساهمون