"قرنقعوه" ليلة أطفال قطر

"قرنقعوه" ليلة أطفال قطر

09 يونيو 2017
يرتدي الأطفال أزياء تقليدية (محمد فرج/ الاناضول)
+ الخط -
"قرنقعوه قرقاعوه... عطونا الله يعطيكم... بيت مكة يوديكم... يا مكة يا المعمورة... يا أمّ السلاسل والذهب يا نورة". هي كلمات يتغنى بها أطفال قطر في أمسية فرح "القرنقعوه" وهي ليلة يحتفل بها في منتصف شهر رمضان من كلّ عام، أي مساء اليوم الجمعة. فيطوفون في شوارع الدوحة بعد صلاة المغرب، ويطرقون أبواب الجيران في الحي، وبأياديهم أكياس فارغة من القماش، ليعودوا بها إلى منازلهم ممتلئة بأنواع المكسرات والحلوى. الأكياس التي يحملها الأطفال عادة في هذه الليلة تسمى "الخريطة"، يجري تعليقها في العنق، وتُصنع عادة من القماش، وأحياناً من الجلد.

وفقاً للعادة الشعبية التقليدية القديمة، يخرج الأطفال في مجموعات ساعة انتهاء الإفطار إلى الأحياء، حاملين معهم أكياساً من القماش، ويطوفون على المنازل القريبة وهم يرددون أغنيتهم الحماسية تلك. يطرقون على الأبواب بغية ملء الأكياس التي يحملونها بأنواع الحلويات المختلفة والمكسرات، التي يعدها الأهالي خصيصاً قبل أيام من هذه المناسبة من أجل إعطائها للطارقين على أبوابهم من الأطفال بكلّ فرح ومحبة.

يخرج الأطفال في ليلة القرنقعوه وهم يرتدون الملابس التقليدية، ذات الطابع الخليجي الخالص، فالأولاد الذكور يلبسون الثياب البيضاء الجديدة، ويعتمرون فوق رؤوسهم "القحفية"، وهي طاقية مطرزة بخيوط فضية، كما يرتدي بعض الأولاد "السديري" المطرز، وهو رداء شعبي يوضع على الثوب، ويتدلى حتى الخصر. أما الفتيات فيرتدين فوق ملابسهن العادية "الثوب الزري" وهو ثوب يشع بالألوان ومطرز بخيوط ذهبية، ويضعن أيضاً "البخنق" لتغطية رؤوسهن، وهو قماش أسود تزينه خيوط ذهبية في الأطراف، ولا يغفلن عن تزيين أنفسهن ببعض الحلي التقليدية الخليجية.

تستعد الأسر عادة قبيل ليلة النصف من رمضان بتحضير سلال كبيرة تسمى "الجفران"، يملؤونها بالمكسرات وأصابع الحلوى استعداداً لمجيء الأطفال في تلك الليلة. يتسم الاحتفال بالبساطة في التحضيرات لكنّ الأمور الأساسية تبقى هي نفسها، وتكتفي الأسر بشراء المكسرات والحلويات لتوزيعها على الأطفال.

يحرص المواطنون على ارتداء أطفالهم الأزياء التقليدية الخاصة بالمناسبة، وإن تحول الاحتفال من عادة تراثية تقليدية إلى احتفالية كبيرة أكثر عصرية، فاليوم تشارك في الاحتفال مختلف المؤسسات. القرنقعوه بشكله التقليدي، أي السلة الكبيرة من المكسرات والحلويات، أدخلت عليه بعض التغييرات الحديثة في تصميمه ومكوناته. وأصبحت هناك أشكال جديدة مجسمة للقرنقعوه خلافاً لشكله القديم، فضلاً عن الهدايا والحلويات الفاخرة غير التقليدية، كما أصبحت تباع في المتاجر صناديق فاخرة تحمل باقات من الحلويات المنوعة، وبأسعار باهظة لكي يتبادلها الأصدقاء والأهل كهدايا بهذه المناسبة.

وفي السنوات الأخيرة، باتت الاحتفالية التراثية، تشهد مظاهر سلبية، فبعض الأسر باتت تتنافس في كيفية عرض وتغليف الأكياس التي يحملها الأطفال، وقد يكلفهم ذلك مبلغاً كبيراً من المال. كذلك، فإنّ بعض المتاجر التي تستعد بفترة قبل ليلة النصف من رمضان، صارت تعرض علباً فاخرة بالمناسبة، سعر الواحدة منها مئات الريالات.

بدورها، درجت "مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع"، والحي الثقافي "كتارا"، فضلاً عن المولات وأماكن التسوق، على الاحتفال سنوياً بالقرنقعوه بمشاركة آلاف الأطفال. ويجري الاحتفال بليلة "القرنقعوه" التقليدية في قالب عصري هناك، ما يساعد في تقريبها إلى الصغار. كذلك، تجذب الاحتفالية عدداً كبيراً من المواطنين والمقيمين في قطر، فيحضر هؤلاء مع عائلاتهم لإحياء الليلة التراثية، التي تحولت إلى مناسبة اجتماعية تساهم في تعريف أفراد المجتمع بالعادات والتقاليد القطرية.

تسميات خليجية مختلفة
القرنقعوه من تقاليد مختلف مناطق الخليج العربي بشكل عام. وباختلاف المكان، تختلف الأهازيج والمسميات في هذه الليلة، فتسمى في قطر والكويت والمنطقة الشرقية في السعودية بـ"القرنقعوه"، وتسمى في البحرين "القرقاعون"، ويطلق عليها أهل سلطنة عمان "القرنقشوه"، أما في الإمارات فتسمى "حق الليلة". يشترك الجميع في الاحتفال بهذه الليلة في منتصف شهر رمضان.