أحمد ونشميّه العكيلي عادا أربعين سنة إلى الوراء

أحمد ونشميّه العكيلي عادا أربعين سنة إلى الوراء

29 يونيو 2017
"راح تعبنا... ضاع عمرنا" (العربي الجديد)
+ الخط -

بعد ليلة طويلة من البكاء، يجلس أحمد ونشميّة على قارعة الطريق حيث انتهى بهما المطاف بلا أدنى معلوماتٍ عن مصير أبنائهما أو أحفادهما. هما هربا من أحد الأحياء التي أحالتها الطائرات إلى محرقة كبيرة وسط الموصل شماليّ العراق.

يلتفت أحمد العكيلي (60 عاماً) إلى زوجته ويهمس لها: "نشميّه. رجعنا مثل ما كنا قبل 40 سنة بس آني وانتي (أنا وأنت فقط)... راحوا العيال يا نشميّه... راح تعبنا... ضاع عمرنا...".

هرب أحمد وزوجته بصعوبة من قصف الطائرات حيث كانت النار تلف حي الصحة، وسط الموصل. يقول: "هربنا والجثث من حولنا... لا أدري... لقد أخذت نشميّه وغادرنا المنزل". يضيف: "لا أعلم أين انتهى الحال بالعيال هم يسكنون في مناطق أخرى وقلبي يرتجف عليهم مثل سعفة نخيل".

وبينما آثرت الزوجة نشميّه السكوت، كانت تلتفت بين دقيقة وأخرى إلى الشارع وتقاطع كلام زوجها، فتقول: "هذاك أبو القميص الأحمر كأنه خالد". فيرد عليها زوجها مؤكداً لها أن هذا ليس "خالد" قبل أن يضيف أن نظرها بات تعباً وأنها تحتاج إلى نظارات. تصمت قليلاً ثم تعود لتطلب من زوجها أن يسأل عنهم وأن يتقصّى أخبارهم لعلّ أحداً سمع عنهم "راح موت"، تقول.

يضيف أحمد: "لا ندري من شارك بقصفنا. لكن الجميع ما قصّر. صواريخ وقنابل ومدافع وطائرات. تذكّرت حرب السبعة وستين ... يعلم الله هالقصف لو يصير على إسرائيل كان حررنا فلسطين من زمان". ويتابع: "لا أدري أين سنذهب. لا نعرف أحداً. عشنا طوال عمرنا في هذه المدينة. حتى أننا لا نعرف كيف نعيش خارجها وليس لنا أقرباء نعرفهم. كما أن مصير من أفنينا عمرنا من أجلهم ما زال مجهولاً.. لا أعرف ما الذي يجب أن أفعله أو حتى ما الذي يجب أن أقوله. أريد أن أنام... أنا تعب جداً... لكن أين أنام؟ أنا في الشارع...".

تقول نشميّه التي عصبت رأسها وبدا التراب المتطاير سهل الالتصاق على وجهها: "لو متنا كان أفضل. على الأقل كان سيكون أفضل من الحال الذي وصلنا إليه".

ووفقاً لمسؤول العمل الإغاثي في مدينة الموصل أحمد عصام الفلاحي، فإن المئات من حالات الفقدان قد سجّلت في الموصل ولا يعلم أحد عن مصيرها. يضيف الفلاحي في حديث لـ"العربي الجديد" إن "الكثير من المفقودين يتم العثور عليهم أحياء لكن هناك آخرين يتم العثور عليهم موتى". ويلفت إلى أنه سيتم نقل الزوجين إلى مخيم مؤقت وترك تفاصيلهم وبياناتهم عند لجنة استقبال الفارين من مناطق "داعش" التي شكلها الجيش ووزارة الهجرة.