أين اختفى عيد سيناء؟

أين اختفى عيد سيناء؟

27 يونيو 2017
لم يتمكن الجيش من السيطرة على الأوضاع (فرانس برس)
+ الخط -
للعام الخامس على التوالي، لم تعش مدن محافظة شمال سيناء أجواء شهر رمضان المبارك كما جرت العادة قبل رمضان الذي شهد الانقلاب العسكري صيف عام 2013. ولم يقتصر الحال على ذلك، بل امتد اختفاء المظاهر ليطاول العيد أيضاً.

طوال شهر رمضان الذي انتهى للتو لم تشهد مدن رفح، والشيخ زويد، وكذلك العريش، مظاهر العبادة والفرحة التي اعتادت عليها المحافظة (شمال شرق مصر) منذ عقود، نتيجة سوء الأوضاع الأمنية والاقتصادية.

يحاول المواطنون، من سكان المحافظة، قدر المستطاع إحياء مظاهر موسمي رمضان وعيد الفطر من خلال بعض النشاطات الفردية، في ظلّ غياب عمل الجمعيات الأهلية، ونشاطات القبائل، والتجمعات الشبابية، التي باتت مغيبة بفعل حالة الطوارئ المفروضة هناك، وفرض حظر التجوال يومياً.

يقول الحاج ياسر حماد لـ"العربي الجديد" إنّ سيناء لم تعرف رمضان في مظاهره منذ سنوات، وهي مظاهر اللقاءات والزيارات القبلية، والإفطارات الجماعية، والسهرات، والصلوات في المساجد، بل هدم الجيش كثيراً من المساجد ومنع الصلاة في بقيتها منذ عام 2013.

يوضح أنّ العيد لا يختلف كثيراً عن شهر رمضان، إذ اختفت مظاهر الاحتفال به، حتى إنّ الزيارات باتت في نطاق محدود للغاية، في ظل انتشار عشرات الحواجز والكمائن العسكرية في مناطق رفح والشيخ زويد والعريش، والتي قطعت أوصال المدن، وباتت تشكل عائقاً أمام تواصل المواطنين.

يشار إلى أنّ عشرات المساجد قصفها الجيش أو دمرها بالكامل في رفح والشيخ زويد والعريش خلال السنوات الأربع الماضية. كذلك، يمنع الجيش أي تجمعات بشرية، حتى إن كانت للصلاة في العراء كما جرت العادة في سيناء خلال السنوات التي سبقت الانقلاب العسكري. وبحسب أحد العاملين في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالعريش، كما يقول لـ"العربي الجديد" فإنّ "سيناء تسقط بشكل شبه كامل من حسابات الوزارة في دعم المساجد، والأئمة، والمؤذنين". ويشير إلى عدم امتلاك الوزارة أيّ إحصائية بعدد المساجد الفعّالة في سيناء، أو التي جرى هدمها أو تعرضت للضرر بفعل النشاط العسكري للجيش.

يتابع المصدر أنّ سيناء كانت من أكثر المناطق المصرية إحياءً لمظاهر شهر رمضان والعيد المبارك، من خلال إقامة صلاة التراويح، وصلاة القيام في العشر الأواخر من رمضان، والتجمع لصلاة العيد في الساحات العامة، مؤكداً أنّ التجمع بات مقتصراً على بعض مناطق العريش، وليس كما كان سابقاً في كلّ مناطق سيناء.

مع ذلك، عمد عدد من شباب مدينة العريش إلى إضاءة الشوارع ووضع بعض الزينة على المنازل، في استقبال شهر رمضان، ومن ثم عيد الفطر المبارك، إلا أنّ الحالة الأمنية العامة لا تساعد على الاهتمام بمظاهر الفرحة والعبادة بشكل أوسع. يقول الناشط في العريش محمد يوسف لـ"العربي الجديد" إنّ حالة من الإحباط تسيطر على المواطنين في مدن محافظة شمال سيناء منذ سنوات، وقد وصلت هذه الحالة إلى مدينة العريش قبل عام ونصف تحديداً بفعل التعامل الأمني الخشن مع المواطنين، بالتزامن مع استمرار هجمات الجماعات المسلحة في مناطق سيناء. يضيف: "حاولنا إحياء بعض مظاهر الفرح بحلول الشهر الفضيل والعيد المبارك، إلا أنّ المشهد العام لا يساعد في ذلك، والحالة الأمنية المتردية في العريش تدفع باتجاه الحذر في الحركة، خوفاً من التعرض لأيّ أذى عبر الجهات كافة".

ومما يزيد المشهد تعقيداً في هذه المدينة استهداف مسلحين مجهولين لعدد من الأئمة والخطباء. وكان آخر الحوادث خطف وقتل الشيخ رضا عبد الباري إمام وخطيب مسجد "حسن رشدي" وسط مدينة العريش. وتكررت حوادث خطف وقتل المواطنين في مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء خلال الأشهر الماضية، فيما لا تعلن أيّ جهة مسؤوليتها عن ذلك، وسط اتهامات الأهالي للأمن المصري بالتقصير في متابعة الأوضاع الأمنية.

يشار إلى أنّ شهر رمضان شهد نشاطاً لخلايا تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في مدينة العريش، بينما شهدت مناطق رفح والشيخ زويد هدوءاً نسبيا مقارنةً بالأشهر الماضية، إلا أنّ ذلك لم يؤثر إيجاباً على حركة السكان في هذه المناطق.

على صعيد متصل، يأتي العيد مجدداً على سكان محافظة شمال سيناء، بينما العشرات من أبنائها في عداد المفقودين والمعتقلين والمختفين قسراً، بينما تمتلئ مقابرهم بعشرات القتلى المدنيين الذين قتلوا على يد قوات الأمن أو الجماعات المسلحة خلال السنوات الأربع الماضية.

تقطن في سيناء عدة قبائل كبيرة العدد، أهمها الترابين والرميلات والسواركة وغيرها. وتعيش مناطق شمال ووسط شبه الجزيرة أوضاعاً أمنية متدهورة منذ أربع سنوات، خسر خلالها الجيش المصري مئات الجنود، وسقط آلاف المدنيين بين قتيل وجريح ومعتقل. ولم يتمكن الجيش من السيطرة على الأوضاع في ظل تطور تكتيكات وعمليات التنظيم المسلح النوعية، والتي تسفر عن عدد كبير من القتلى والمصابين من الجيش والشرطة، مع توسع عملياته إلى مدينة العريش.