رمضان اسكندنافيا... ساعات صيام طويلة وإسلاموفوبيا

رمضان اسكندنافيا... ساعات صيام طويلة وإسلاموفوبيا

21 يونيو 2017
متاجر دنماركية تعاني من الإسلاموفوبيا (العربي الجديد)
+ الخط -


يصوم الشاب الدنماركي من أصل عربي خليل، وفقا للتقويم المحلي نحو 18 ساعة، منذ بداية رمضان، وغدا الخميس، تصل عدد ساعات الصيام في الدنمارك إلى 20 ساعة.

قرر خليل، الذي يعمل لساعات طويلة نهارا في مجال البناء، الصوم وفق تقويم "أقرب بلد مسلم"، على حد قوله، رافضا الإفصاح عن البلد الذي يفطر وفق تقويمه، "أعرف أن الأمر يثير الجدل، لكنني لست مهتما بما يقوله البعض. سألت شيوخا في بلاد مسلمة وشرحت بصدق العمل الذي أقوم به فأباحوا لي ما أفعله".

الجدل الذي يشير إليه خليل، لا يختلف كثيرا عما عاشته عائلة عربية في شمال غرب النرويج، حيث تكمن المشكلة في ساعات الصوم الطويلة. كانت يوم الأحد الماضي أكثر من 22 ساعة، والصدمة أن العائلة عاشت في تركيا قبل انتقالها إلى النرويج قبل عام، وهي تسكن بمنطقة يصعب فيها رؤية غياب الشمس بشكل واضح.

اختارت العائلة الصيام وفق التقويم التركي، "المشكلة ليست لدى الكبار فقط، بل يجب أن يعتاد أبنائي الشباب حتى لا ينفروا من عبادة الصوم"، حسب قول رب العائلة أبو نزار لـ"العربي الجديد".

في العاصمة النرويجية أوسلو، اهتمت الصحف ووسائل الإعلام بشهر رمضان بعناوين منها "صيام مسلمي أوسلو أكثر من 20 ساعة"، من منطقة غرونلاند يقول الشاب الباكستاني الأصل، كاشف: "عدد منا اتفق على اتباع مواقيت مكة، فالبعض غير قادر في الشمال أن يرى غياب الشمس، والدين ليس هدفه أن تكون حياة الناس شاقة".

أما المغربي صديقي فيرفض الفكرة قائلا "من المفترض الصوم وفقا للبلد الذي تعيش فيه، أما من يعيش في مناطق يصعب فيها غياب الشمس، وخصوصا في أواخر رمضان، فيمكن العودة إلى مواقيت أخرى محلية يكون فيها غياب الشمس بحسب ما يفتي به المشايخ".

على صعيد سوق العمل، قال بعض أرباب العمل في تصريحات للصحف المحلية في عدد من دول اسكندنافيا: "نرغب في الاستجابة لمتطلبات الإجازة لبعض موظفينا المسلمين"، ويقول عضو نقابة الفندقة، لارس أندرسن، لـ"العربي الجديد": "يمكن تفهم رغبة المسلمين في الدنمارك، فمسلمونا يصل عددهم إلى حوالي 300 ألف، ونحن نتبادل معهم مواقيت الإجازات. ففي عيدهم يمكنهم أن يأخذوا الإجازة، سواء للسفر أو قضاء وقت مع العائلة، وفي أيام أعياد الميلاد يقومون بأخذ أدوار زملائهم الذين يرغبون بعطلة الميلاد".

تقاليد الصيام

وفي حين انشغلت الصحافة في السويد وفنلندا والنرويج ببداية الشهر ومقابلة مسلمين في تلك الدول لشرح ما يعنيه رمضان، انتقدت صحيفة بوليتيكن الدنماركية واسعة الانتشار، وسائل الإعلام المحلية، واتهمتها بأنها لا تتعامل مع رمضان مثلما تتعامل مع أعياد الميلاد، "بل هي أكثر سلبية في النظر إلى الإسلام".

ووفقا للصحيفة، فإن "مسلمي الدنمارك البالغ عددهم 300 ألف، أخذوا زمام المبادرة بأنفسهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتعريف بشهر صومهم".


وردت عالمة الاجتماع الديني المثيرة للجدل، شيرين خانقان، التجاهل بأن "المسلمين يعيشون في ظل تفشي (الإسلاموفوبيا)، وفي هذه الظروف يحتاج المسلمون، وخصوصا الأطفال، للتعريف بعباداتهم، ومنها الصوم ومقاصده للمحيط المتشكك بهم".



وتشعر خانقان، وهي أول إمام نسائي في البلاد، بأسف كبير "لغياب التغطية، فرمضان يظهر مدى تحمل المسلمين، ويعني الصبر والتضامن. أنا أم لأربعة أبناء، وبالفعل أشعر بحاجة لتغطية إعلامية أكبر عن الإسلام ورمضان، خصوصا لتخفيف الخوف من الإسلام بصورة تسمح لأبنائي بالتعرف على وجهه الحسن".

قبل 5 سنوات، حاولت الإذاعة الدنماركية الرسمية تقديم معنى شهر رمضان لجمهورها، قبل أسابيع من حلوله، على غرار أعياد الميلاد، فلاقت الهيئة نقدا لاذعا من قبل الجمهور ووصلتها رسائل كراهية وتهديدات تطالب بـ"وقف تفضيلكم للمسلمين، والتوقف عن هراء عرض الإرهابيين"، وترى بوليتيكن، أنه "منذ ذلك الحين توقف التلفزيون الدنماركي عن تغطية شهر رمضان".

شباب المسلمين

ويعتمد جيل الشباب الدنماركي من المسلمين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتأسيس مواقع تفاعلية باللغة المحلية للنقاش، والإجابة عن أسئلة الآخرين، تبدأ بتعريف الشباب بكيفية تهنئة بعضهم بحلول رمضان، وصولا إلى الجدال حول مواعيد الإفطار، وخصوصا لمن يعيشون بالقرب من المنطقة القطبية، حيث لا تغيب الشمس صيفا.


فايز، شاب دنماركي مسلم مهمته "سؤال المتخصصين للإجابة على تساؤلات الآخرين"، ويرى أن هذه النقاشات المفتوحة "فرصة لتعريف الآخرين بأننا لسنا دينا سريا، ولسنا مخيفين، وأن الصوم ليس هدفه أن يموت الإنسان جوعا أو عطشا".

ويطالب بعض الشبان والشابات الآخرين بألا "يشوهوا الإسلام بتصرفاتهم أمام المجتمعات المحيطة"، حسب ما يقول العشريني من أصول فلسطينة ناجي، والذي يشير إلى أحداث عنف مستمرة خلال رمضان، شملت "إطلاق النار في ضواحي آرهوس، واستعراض العصابات في نزاعاتها الداخلية بالقرب من سوق "بازار فيست" غرب المدينة، وكلها أحداث تؤثر بشكل سلبي على صورتنا جميعا، وعلى جهود الشباب لإزالة الخوف من المسلمين".


ويشير ناجي إلى "غضب أصحاب المحلات التجارية في البازار، وجلهم مسلمون، من غياب المتسوقين بسبب التصرفات الرعناء التي تصل حد استعراض القوة ضد الشرطة، وإظهار السلاح، وإطلاق النار، ما ينشر الفزع بين المواطنين، وتقوم الصحافة بالتركيز على ذلك، وكأن هذا هو الإسلام".

ولا يبدو أن تلك المناشدات تجد آذانا صاغية بين تكتلات العصابات التي تريد فرض هيمنتها. وبات جليا انشغال بعض الأئمة في مدينة آرهوس بالظاهرة، فوجه الإمام عبد الله إسماعيل، نداء عبر شريط مصور، يناشد فيه الشباب في أكثر من مناسبة، التفكير بما يمارسونه في ضواحي المدينة.

ويأمل أئمة آخرون تحدثوا لـ"العربي الجديد"، أن "يستفيد الشباب وأهاليهم من الشهر الفضيل للتصرف وفق تعاليم الدين، واستغلال العيد كفرصة للحديث بشكل جدي عن انعكاسات ما يجري على المسلمين، والعرب بشكل خاص".

المساهمون