أكاديمي أميركي: استقالة عباس ضرورة وأزمات ترامب مبشرة

أكاديمي أميركي: استقالة عباس ضرورة وأزمات ترامب مبشرة

15 يونيو 2017
الأكاديمي الأميركي ريتشارد فولك (حسين بيضون)
+ الخط -
توقع الأكاديمي الأميركي ريتشارد فولك (87 سنة)، أن تتحول الخلافات القائمة حول العالم إلى "حرب مدمرة لن تحتاج إلى الكثير من الجهد أو التصعيد حتى تندلع".


وشارك الأستاذ في جامعة برينستون، اليوم الخميس، بمحاضرة نظمتها  "مؤسسة سمير قصير" في "معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية" في بيوت، بعنوان "صعود الشعبوية: الترامبية وانحدار القيادة الأميركية".

وقال فولك إن "السياسة العالمية التي تقودها الولايات المتحدة تتحول من العولمة ومحاولة حل مشاكل الكوكب السياسية والبيئية المشتركة إلى انكفاء الدول داخل حدودها، وهو ما يقابله تصاعد الوعي العالمي بالقضايا، خصوصا بين الشباب".


وأشار المقرر الأممي السابق لحقوق الإنسان في فلسطين المحتلة (2008 - 2014)، إلى مرحلة انتهاء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة بوصفها "المرحلة التأسيسية للمشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية القائمة حول العالم اليوم"، ورد ذلك إلى أنه "بعكس المراحل اللاحقة للحربين العالميتين الأولى والثانية اللتين تخللها إنشاء عصبة الأمم، ثم الأمم المتحدة، في إطار جهود بناء السلام العالمي، لم تتخذ القوة الأحادية الجديدة (الولايات المتحدة) أي خطوات لتعزيز السلم الدولي رغم أن الفرص كانت متاحة لتعديل شكل النظام الأمني في العالم ككل، وتطوير منظومة الأمم المتحدة لتصبح فعالة".


وحسب فولك "الواقع أن الإدارة الأميركية بقيادة جورج بوش الأب، اتخذت خطوات سلبية أهمها مقاطعة (قمة الأرض) في البرازيل عام 1992، وتعليل ذلك بأن طريقة العيش الأميركية غير قابلة للتفاوض أو التغيير"، ما يعني أن "أسلوب حياة المجتمعات الغنية لن تتغير للحد من أثرها الكارثي على بيئة الكوكب".

وأوضح أن "هذا الفهم المتعالي للولايات المتحدة انسحب على المسارين الإقتصادي والسياسي حول العالم، فأصبح دور الأنظمة حماية انتقال رأس المال بحرية، ولو على حساب الصالح العام، فكسرت الرأسمالية المتوحشة مفهوم العقد الاجتماعي".

وعلى الصعيد السياسي "تحّول شكل الهيمنة العالمية من النظام الإستعماري إلى هيمنة عسكرية تمثلها القواعد الأميركية المنتشرة حول العالم، والأساطيل البحرية المتمركزة في كل المحيطات".


مناطق ساخنة


واستعرض الأكاديمي والمسؤول الأممي السابق الخريطة الدولية الجديدة في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مشيرا إلى شرق آسيا والشرق الأوسط كمناطق ساخنة، تحاول الولايات المتحدة صيانة مصالحها فيهما رغم وجود صراعات تتخذ بعدا تاريخيا، وهي صراعات مرشحة للتطور إلى صدام بشكل سريع.

ووصف فولك، قرار غزو العراق عام 2003، بأنه "أكبر كارثة في تاريخ الدبلوماسية الأميركية بعد سنوات من انتقال الاهتمام بالشرق الأوسط من أوروبا إلى الولايات المتحدة التي حاولت تعديل أنظمة الحكم وتحييد الإسلام السياسي لحماية مصالحها المشتركة مع إسرائيل". لكن المشكلة تكمن في "خلق تنظيمات متطرفة جديدة أثناء محاولة محاربة القديمة، وتحوّل العالم بأسره إلى ميدان معركة بين الطرفين، فباتت تنتشر العمليات الارهابية وصولا إلى استخدام الطائرات من دون طيار".

وقارن فولك، بين فترة حكم الرئيس السابق باراك أوباما، وبداية فترة حكم ترامب، مشيراً إلى أن "الرئيس أوباما أدرك أن القوة العسكرية وحدها لن تُحقق الهيمنة السياسية، لكنه لم يتعمق بما فيه الكفاية في خطوات سياسته التي انتهجت التفاوض في ملفات عديدة".


القضية الفلسطينية

ويضيف "وضع أوباما الصراع في المنطقة في سياقه التاريخي القديم الذي حددته اتفاقية (سايكس- بيكو) بعد الحرب العالمية الأولى، وإصدار بريطانيا لوعد بلفور للحركة الصهيونية، وهما الحدثان اللذان طبعا شعارات الحرب الحالية، كإعلان تنظيم الدولة الإسلامية في أدبياته الأولى سقوط سايكس بيكو، واستمرار الصراع العربي الإسرائيلي على خلفية الوعد".

وردا على سؤال حول رؤيته للأزمة في فلسطين، قال فولك إن "على السيد عباس أن يستقيل، وعلى الشعب الفلسطيني أن يواصل الكفاح السلمي الذي حقق نتائج جيدة من التضامن العالمي معه".

وفي أقصى الشرق، يُشبه فولك، قيامة الدولة الصينية بظهور الدولة الإسبارطية قديماً، ويؤكد أن أي "تدافع بسيط على حدود المصالح بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن يتطور إلى نزاع عسكري، ولن تكن الحرب الناشئة هناك محسوبة، بل نتيجة فشل في تحديد الحسابات بشكل دقيق".

ويحدد سبب النزاع المتوقع بـ"سعي الصين لمد سيطرتها على شرق آسيا، مقابل محاولة الولايات المتحدة حماية دورها في الدول الصغيرة المحيطة بالصين كفيتنام والفليبين"، كما يُحذر من تزامن التطورات في المنطقتين مع "انسحاب الولايات المتحدة من اللعب كقيادة دولية، في لحظة لا يمكن للأمم المتحدة فيها أن تلعب دوراً قيادياً على صعيد الكوكب".

ويقدم الأكاديمي الأميركي انسحاب بلاده من "اتفاقية باريس للمناخ" باعتبارها "انسحاب رمزي للإدارة الأميركية من مسؤوليتها عن معالجة مشاكل الكوكب".

ومع فرض السياسات العالمية الجديدة لأجندات "قومية" أو "وطنية" تغذيها المخاوف الاقتصادية، يصف فولك انتخاب رؤساء معادون لحقوق الإنسان بالأمر المتوقع، لكنه يشير في المقابل إلى "النتائج الايجابية التي حملتها نتائج الانتخابات البرلمانية في الدول الأوربية التي كبحت تصاعد الخطاب اليميني الحاد المعادي للمهاجرين وللآخر بشكل عام".

وتبدو مواجهة الرئيس الأميركي لمشاكل قانونية مُبشرة، بحسب فولك، والذي يدعو أيضاً إلى "إيلاء ملفات التكنولوجيا والبيئة والإقتصاد أهمية أكبر، لأن أثر هذه الملفات على الحياة اليومية لمئات الملايين من البشر قد يتحول إلى عامل ضغط إضافي لا يشكل التعامل معه أولوية للقوى الدولية المنشغلة بمحاولة معالجة المشاكل السياسية".


وحذر فولك من أثر الإحباط والغضب الذي يعاني منه العاطلون عن العمل بسبب استبدالهم بالروبوتات كمثال على القوة الاجتماعية. ويدعو إلى معالجة المشاكل البيئية التي تهدد الجنس البشري كله. ويرى أن "الضغوط التي يعاني منها المواطنون حول العالم ستعزز الحس بالمسؤولية الفردية والجماعية عن معالجة المشاكل القائمة، كما يمكن أن تدفع نحو تعزيز رؤى الحل".


المساهمون