شهود يهوه محظورون في روسيا

شهود يهوه محظورون في روسيا

11 يونيو 2017
تقدم دفاع الطائفة بالطعن في الحكم (فاسيلي ماكسيموف/فرانس برس)
+ الخط -
بعد إصدار القضاء الروسي حكماً بحظر طائفة شهود يهوه وتصنيفها "منظمة متطرفة"، لم يبقَ لنحو 175 ألفاً من أتباعها في روسيا سوى ممارسة الشعائر في منازلهم، إذ إنّ التجمع في مقراتهم بات يعرضهم إلى مساءلة قانونية، بحسب العضو السابق في لجنة القيادة لمركز شهود يهوه في روسيا ياروسلاف سيفولسكي.

يعتبر سيفولسكي في حديثه إلى "العربي الجديد"، أنّ "حظر المنظمة غير مبرر والاتهامات بالتطرف باطلة"، قبل أن يضيف: "نلتزم تماماً بالكتاب المقدس ونسعى في سبيل الخير ونقلد السيد المسيح". ويضيف في هذا السياق أنّ "حظر المنظمة يتعارض مع المادة 28 من الدستور الروسي التي تضمن حرية المعتقد".

يذكر سيفولسكي أنّ بداية القصة تعود إلى عام 2009، عندما بدأ توجيه اتهامات إلى شهود يهوه بتداول منشورات "متطرفة"، معتبراً أنّ التقارير التي تفيد بذلك مغرضة وجرت كتابتها لاستخدامها ذريعة لحظر المنظمة.

ويضرب مثلاً على حالات التضييق على شهود يهوه بعد حظرهم: "هناك اعتقالات تنفذها السلطات، وهناك أعمال تخريبية يرتكبها مواطنون يستقون الأخبار من التلفزيون".

وحول توقعاته بشأن كيفية تصرف أتباع الطائفة بعد حظرها، يضيف: "لم يبقَ لنا سوى التجمع في منازلنا، لكنّنا لن نتنازل عن معتقداتنا أبداً، وقد حافظنا على ديننا في ألمانيا النازية والاتحاد السوفييتي، ولم يتخلَّ المسيحيون عن دينهم حتى في ظروف الاضطهاد الذي تعرضوا له في عهد الإمبراطورية الرومانية".

بعد حظر شهود يهوه قد يواجه القائمون على فروعها في مختلف أنحاء روسيا في حال استمروا في نشاطهم، عقوبات بموجب المادة 282.2 من القانون الجنائي الروسي (تنظيم عمل منظمة متطرفة) تصل إلى السجن لمدة عشر سنوات، بالإضافة إلى غرامات مالية كبيرة.

يعتبر المحامي في "المركز السلافي الحقوقي" الخبير في شؤون الحريات الدينية ستانيسلاف كولوف، أنّ حظر شهود يهوه خطوة مثيرة للقلق تنذر بمزيد من التضييق على الطوائف غير الأرثوذكسية في روسيا. يقول كولوف لـ"العربي الجديد": "هذه إشارة مقلقة وخطيرة تدل على إمكانية التضييق على كافة الطوائف غير الأرثوذكسية في ظل تنامي نفوذ الكنيسة الأرثوذكسية في المجتمع والدولة". يضيف: "يشعر الجميع بالقلق. ومن جهة أخرى، إذا تعرض أتباع شهود يهوه للقمع في روسيا واضطروا إلى الهجرة في نهاية المطاف، فسيكون ذلك عاراً على دولة ديمقراطية".

ومنذ صدور الحكم بحظر شهود يهوه تعرض أتباعها لمجموعة من المضايقات والاعتداءات، أخطرها كان حرق منزل أسرة تابعة لهذه الطائفة في مقاطعة موسكو، بالإضافة إلى عدة وقائع اعتداء على أتباع الطائفة في مقاطعات أخرى. وبالرغم من أنّ الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا في روسيا في 20 إبريل/ نيسان الماضي يصنف شهود يهوه "منظمة متطرفة" ويقضي بتصفية جميع منظماتها الفرعية في روسيا البالغ عددها 395 ومصادرة أملاكها، إلا أنه لم يدخل حيز التنفيذ بعد، وذلك نظراً لتقدم دفاع الطائفة بالطعن فيه.

أثناء المرافعات، تبين أنّ وزارة العدل الروسية تتهم شهود يهوه برفض التبرع بالدم وتهديد حقوق ومصالح المجتمع والأمن العام. كذلك، جرى تصنيف 95 كتيباً أصدرتها المنظمة على أنّها "متطرفة". في المقابل، نفت الطائفة هذه الاتهامات بشدة.

وفي السنوات الماضية، انشغل الرأي العام الروسي أكثر من مرة بقصص مروعة حول وفيات أطفال من أبناء أتباع شهود يهوه بسبب رفض الطائفة نقل الدم لهم. وفي عام 2011، صدر حكم بإدانة والدة أحد هؤلاء الأطفال. وفي الوقت الذي يرى فيه شهود يهوه أنّ رفض نقل الدم ليس تطرفاً، اعتبر مؤيدو الحظر أنّ اتخاذ الطائفة قراراً بالنيابة عن الطفل قد يؤدي إلى وفاته، وبالتالي يشكل خطراً على المجتمع.

يذكر أن شهود يهوه منظمة دينية دولية أسسها المبشر تشارلز راسل في مدينة بيتسبورغ الأميركية في السبعينيات من القرن التاسع عشر قبل أن ينتشر أتباعها حول العالم. وبالرغم من أنّ شهود يهوه يستخدمون المصطلحات المسيحية، إلا أنّ هذه الطائفة تعتبر من الحركات الدينية الحديثة، كما أنّهم ينكرون أغلب العقائد المسيحية، مثل خلق العالم وخلود النفس والثالوث المقدس، لكن مع اعترافهم بوفاة وبعث السيد المسيح.

قضية الـ16
سبق لستة عشر فرداً من أتباع شهود يهوه عام 2015 مواجهة ملاحقة جنائية في مدينة تاغانروغ، جنوب روسيا بتهمة "تشكيل مجموعة إجرامية والمشاركة في نشاط متطرف وتوريط القاصرين" في ما عُرف إعلامياً بـ"قضية الـ16" والتي أسفرت عن إدانتهم وصدور أحكام بالسجن مع وقف التنفيذ بحق أربعة منهم وتغريم الباقين.