ما بعد السجن في الجزائر...فترة صعبة ومجتمع لا يرحم

ما بعد السجن في الجزائر... فترة صعبة ومجتمع لا يرحم

31 مايو 2017
سجناء سابقون يصعب قبولهم في المجتمع(فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -


فرحة الخروج من السجن لا تضاهيها فرحة أخرى بالنسبة لمحكوم قضى عشر سنوات في الحبس أو أكثر. يعود بالذاكرة إلى الوراء عندما كان في التاسعة والعشرين من عمره، وحُكم عليه بسنوات سجن طويلة قضاها في إحدى المؤسسات العقابية في الجزائر، وخرج بعد أن قارب سن الأربعين.

لكن ياسين الخارج إلى الحرية يحمل في دفتره الشخصي هوية "سجين سابق"، ويعتبر أن لا حاضر ولا مستقبل له، فمن سيقبل بتوظيفه؟ ومن ستقبل به زوجاً لها؟ وكيف سيواجه أهله وأقاربه وجيرانه؟

ويقول ياسين لـ "العربي الجديد": "صعب جدا أن تحين لحظة الخروج من السجن، ويتحقق حلم العودة إلى المجتمع، لأن الحلم يتكسر عندما نخطو أول خطوة خارج باب البيت".

ويتابع: "الأنظار كلها موجهة نحوي، الجميع يتساءل، بعضهم رفض حتى مصافحتي وبعضهم الآخر يتحدث معي كأنني ما زلت مجرماً ومتهماً، فوضعي الآن أشبه بسجن آخر".

مع مرور الأيام انزوى ياسين في البيت، يأكل ويشرب وينام كأنه في الحبس، ليبتعد عن عيون وكلام الناس الجارح.

كثيرون مثل ياسين خرجوا من السجن، يواجهون واقعهم ومجتمعهم مرغمين، بالكثير من الحذر وبمشاعر الخوف. كثيرون يصعب عليهم نسيان ماضيهم، فما بالك بمحيطهم الذي لا ينسى بدوره.

ويشير محمد (47 عاما) الذي خرج من سجن الحراش بعد أن تورط في عمليات سطو وسرقة لأحد المصانع حيث كان يشتغل، إلى أنه قضى سبع سنوات كاملة في السجن، وخرج بعد أن فقد كل شيء، وطالبته زوجته بالطلاق عندما كان في السجن.




ويروي لـ"العربي الجديد" أن الأيام الأولى بعد خروجه من السجن كانت ثقيلة وصعبة جدا عليه، "النظرات كانت تقتلني في كل لحظة"، معتبرا أن السنة الأولى ما بعد السجن أصعب من السجن نفسه، معللا ذلك بأن السجين يظل في نظر الآخرين مقترفاً ذنباً عظيماً.

الأبواب أغلقت في وجه محمد، ويقول إنه ذات مرة قصد إحدى المؤسسات طلباً لعمل، لكنه اصطدم بطلب صحيفة السوابق العدلية التي صارت ورقة "النار"، لأنها تمنع عنه أي عمل. والحل بالنسبة له هو بدء مشروع خاص، لكن ذلك يحتاج المال وهذا ما يبقيه في دوامة كبرى لم يخرج منها حتى الآن.

على الرغم من صعوبة الموقف، فإن صفة "السجين السابق" يمكن أن تمحى مع مرور الوقت، خصوصاً أن السلطات الجزائرية ومن ورائها الديوان الوطني لإدارة السجون، وضعت مخططاً لإدماج المساجين خلال وجودهم وراء القضبان بتخصيص فترات للتعليم والتدريب في مختلف القطاعات، خاصة الفلاحة والصناعة والأشغال اليدوية، واستفاد الآلاف من المساجين عبر مختلف المؤسسات العقابية من البرامج خلال فترة محكوميتهم.

ووجد كثيرون ممن انتهت فترة سجنهم فائدة قصوى عند خروجهم، مثل ما فعل السجين السابق عزوز (51 عاما) الذي استثمر في محل نجارة في منزل والده، وعلى الرغم من الصعوبات التي وجدها عقب خروجه من السجن حسب تصريحه لـ"العربي الجديد"، فإن العشرات من المساجين تمكنوا من تحصيل التعليم والتدريب في شتى المهن، وهي خطوات يمكنهم بفضلها اندماجهم في المجتمع عقب انتهاء فترة محكومياتهم.

دلالات

المساهمون