السعودية تسعى إلى تجريم هدر الطعام

السعودية تسعى إلى تجريم هدر الطعام

18 مايو 2017
هدر الطعام حرام (بلال قبلان/ فرانس برس)
+ الخط -
فشلت كلّ محاولات الوعظ والتوجيه التي قامت بها وزارات سعودية عدّة في الحدّ من هدر الطعام المتنامي في البلاد، وما زالت آلاف الأطنان من المأكولات تُرمى سنوياً في حاويات النفايات. وهو ما دفع جهات حكومية على مستوى عال، إلى محاولة سنّ قوانين تجرّم هدر الطعام إلى جانب بثّ تسجيلات فيديو تدعو إلى ذلك.

وتكشف مصادر مطلعة في وزارة الزراعة لـ "العربي الجديد" أنّ لجاناً مؤلّفة من ممثلي سبع جهات حكومية تعكف حالياً على سنّ قانون يجعل من رمي الأطعمة جريمة يعاقَب عليها، كذلك يلزم الفنادق وصالات العرض الكبيرة بتوقيع عقود سنوية مع جمعيات حفظ الطعام كشرط من شروط الحصول على التراخيص اللازمة.

وقد ناقش أخيراً مجلس الشورى السعودي خمسة مقترحات قدّمها أعضاء المجلس لمشروع نظام مكافحة البطر وكفر النعمة. وجاء تحرّك الشورى الذي يُعَدّ الثاني في هذا الإطار، بعد أيام من مطالبات تقدّم بها مشاركون في المؤتمر الدولي الأول للإطعام، للإسراع في سنّ قوانين خاصة بهدر الغذاء من خلال تشريعات تنظيمية. وقد شدّد هؤلاء على ضرورة إدراج برامج حفظ الطعام في المناهج التعليمية منذ الصغر. يُذكر أنّ المؤتمر ركّز على أهمية تكثيف دور الإعلام النوعي في التوعية حول خطر هدر الطعام، كذلك طالب بتخصيص أسبوع حفظ الطعام في المملكة بالتنسيق مع جهات مختلفة، بالإضافة إلى اعتماد نشر ثقافة الأكل الصحي لتجنّب الوزن الزائد والاستهلاك الزائد بهدف حفظ الطعام من الهدر.

في السياق، كشفت إحصاءات نشرتها جمعية "إطعام" أنّ نسبة هدر الأرزّ في السعودية وصلت إلى نحو 40 في المائة، بقيمة تصل إلى 1.5 مليار ريال سعودي (نحو 400 مليون دولار أميركي). وبحسب رئيسة المركز الإعلامي للجمعية منى القحطاني، فإنّ الإحصاءات موثقة.

ويقول الإعلامي حبشي الشمري إنّ "مشكلة المجتمع تكمن في الترف والإحساس بأنّ المبالغة في الولائم دلالة على الكرم". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ "حالة الترف التي يعيشها المجتمع هي التي جعلته يصل إلى مرحلة الهدر. وبهدف علاج ذلك لا بدّ من عرض الإحصاءات التي تفضح الهدر الكبير الذي يتسبب به. فيفهم حقيقة الأمر ويبدأ بإصلاح نفسه".


ويتابع الشمري أنّ "منظر الصحون التي تُرمى في حاويات النفايات بات أمراً عادياً. وقبل أسبوعَين مثلاً، شاهدنا صورة خمسة أشخاص من بينهم مسؤول كبير وهم يجلسون حول طبق ضخم يتخطّى قطره الأمتار الثلاثة، يحوي خمسة خرفان وحاشي (جمل صغير). كيف لهذا العدد من الأشخاص أن يأكلوا كمية الطعام هذه كلها". ويشدّد على "ضرورة سنّ قوانين تجرّم كل من يروج لثقافة الهدر في المجتمع. صحيح أنّ لدينا عادات وتقاليد لا يمكن التنازل عنها، إلا أنّ هذا لا يعني أن نصل إلى مرحلة البذخ الذي نراه في المناسبات والولائم. وللأسف لا يقتصر الأمر على الولائم، فالمطاعم ترمي من جهتها كميات ضخمة من الأطعمة، مع أنّه في الإمكان الحدّ من ذلك عبر خطوات بسيطة".

إلى ذلك، كانت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية قد أعلنت قبل تسعة أشهر أنّها تتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية ومع جمعيتَي "إطعام" و"سكينة" الخيريتين، لوضع نظام يتيح الاستفادة من أكثر من 34 في المائة من الطعام في البلاد، ويدعم نشاط الجمعيات الخيرية التي تنشط في هذا المجال. لكنّ الأشهر مرّت من دون أن يبصر هذا النظام النور، وهو الأمر الذي دفع أستاذ علم الاجتماع الدكتور موسى الشمري إلى التأكيد على أنّ "مشكلة هدر الطعام توشك أن تكون عصيّة على الحلّ بسبب العادات والتقاليد". ويقول لـ "العربي الجديد" إنّ "هدر الطعام مشكلة حقيقية من غير الممكن الاستهانة بها، خصوصاً في الحفلات الخاصة والأعراس، وكذلك في المناسبات الحكومية الرسمية التي نشاهد فيها وللأسف إسرافاً كبيراً". ويرى الشمري "ضرورة إلزام صالات الأفراح والفنادق بالتعاقد مع جمعيات خيرية، حتى لا يُرمى الطعام الفائض. ثمّة جهات معتمدة عدّة توزّع الطعام الفائض على المحتاجين". ويتابع: "بالتالي، إن كنّا عاجزين عن حلّ المشكلة من جذورها، نحاول على الأقل التخفيف من أضرارها والاستفادة منها، فنقلل من نسبة الهدر".

تجدر الإشارة إلى أنّه وبحسب إحصاءات نشرتها هيئة الإحصاء والمعلومات، يتخطّى مستوى الهدر في السعودية ضعفَي المعدّل العالمي للهدر. وتصل كميّة الهدر في السعودية إلى 250 كليوغراماً من الطعام للفرد الواحد سنوياً، بينما يبلغ المعدّل العالمي 115 كليوغراماً للفرد الواحد.

دلالات